أئمة وعلماء في أرض نـزوى
رصد ـ سالم بن عبدالله السالمي:
بعد ما توفي الإمام المهنا بن جيفر اجتمع أهل الحل والعقد من علماء وقادة، فعقدوا البيعة للإمام الصلت بن مالك بن بلعرب اليحمدي الخروصي وكان ذلك بعد عصر من يوم الجمعة السادس عشر من ربيع الآخر سنة 237 هـ ، ومن علماء الحاضرين البيعة محمد بن محبوب الرحيلي الصحاري والمعلى بن المنير وزياد بن الحسن ومحمد بن أبي حذيفة وعبدالله بن الحكم وعلي بن صالح وعلي بن خالد والحسن بن هاشم وهاشم بن الجهم والقاضي محمد بن علي وسليمان بن الحكم والشيخ الكبير أبو منذر البشير بن المنذر وهو من المعمرين ولربما لم يجتمع هذا العدد من العلماء على بيعة إمام غيره والمذكورون بعض الحاضرين، حيث نوه على ذلك العلامة نور الدين السالمي في تحفة الأعيان ج ، ص 162 ولعل هؤلاء العلماء الذين أمكنتهم الظروف من حضور البيعة وهم المنظور إليهم وسار الإمام الصلت على سبيل من سبقه من الأئمة الراشدين أرسى دعائم الحق وهدّ أركان الباطل وعزّت البلاد واستراح العباد وكثرت الأرزاق وبارك الله في الثمار والغلال وعم الرخاء والازدهار، إلى أن وقعت الجائحة التي اجتاحت بلدان وقرى سمائل والباطنة وتشرد الناس من سلم من جرف الأودية والسيول وكان وقوع هذه الجائحة في يوم الأحد الثالث من جمادى الأولى سنة 251 هـ ثم عاد العمران إلى تلك البلدان والقرى بعد عدة سنوات وكان الوالي على صحار آنذاك غدانة بن محمد وكان القاضي العلامة محمد بن محبوب وفي هذه الأثناء قام خثعم العوفي بالمظالم من كسب ونهب وخروج على الحدود الشرعية فأفتى العلامة ابن محبوب بقتله فقتل في السنينة وهو آخر من أفتى فيه بقتل حتى عاجله الأجل، وتذكر المصادر التاريخية أن زلزالا وقع بصباح يوم الأحد الثاني عشر من جمادى الآخرة سنة 265 هـ تهدمت منه المنازل وارتاع أناس ، ذكره العلامة نور الدين السالمي في تحفة الأعيان ج ، 1 ص 266 وبعد هذه السنة نقض الحبشة العهد الذي بينهم والإمام في عدم الإعتداء وأن يؤدوا الطاعة لواليه وأن يكفوا عن الإيذاء والتطاول على محارم الله وحرمات المسلمين فهجموا على سقطرى وقتلوا والي الإمام ومن معه ونهبوا وسبوا وقتلوا العجزة والأطفال وعاثوا في الأرض فسادا ، فجهّز الجيش الجرار تقوده غيرة المناضلين الأحرار وهيأ السفن الحربية المجهزة بالرجال والعدة والعتاد لخوض حرب نهايتها النصر لله ولرسوله وللمؤمنين وأمر على الجيش كلا من محمد بن عشيرة وسعيد بن شملالا ليكون كل منهما يقوم مقام الآخر وإذا ما قدر لأحدهما الشهادة في المعركة ويكونان متعاونين ناصحين لبعضهما البعض وجل عونا لهما كلا من حازم بن همام وعبد الوهاب بن يزيد وعمر بن تميم وزودهم بكتاب عبارة عن دستور تنظيمي ينتهجون عليه إداريا ودينيا وكان عدد السفن مائة سفينة، ومن يرغب في تفاصيل الموضوع فليرجع إلى تحفة العلامة نور الدين السالمي ج 1 ص 168، وما غشي الجيش سقطرى حتى لعب السيف في رقاب وزهقت الأرواح بالحراب وزاغت العقول والألباب فانكشف الحبشة ومن إليهم ونالهم الويل والبوار ولاذ من نجا من الموت بالفرار ولما وضعت الحرب أوزارها طلب قادة الجيش إعادة السبايا فأعادها أولئك الغاشمون قسرا وخضعوا الحكم الله وقهرا وكم للإمام من شمائل الكرام ومناقب السادة العظام وفي أخر أيامه رحمه الله خرج عن طاعته مجموعة من العلماء على رأسهم العلامة موسى بن موسى الأزكوي وراشد بن النظر ومن شايعهم فعملوا على عزل هذا الإمام حتى خرج بنفسه من الحصن وأقام في منزله بنـزوى وما أن علم أولئك بخروجه حتى بادروا بعقد الإمامة لراشد بن النظر وقد توفي الإمام الصلت رحمه الله ليلة الجمعة للنصف من ذي القعدة سنة خمس وسبعين ومائتين للهجرة وصلى عليه العلامة عزان بن تميم الخروصي الذي نصب إماما بعد راشد بن النظر ودفن الإمام الصلت بن مالك الخروصي في مقره بمنطقة قلعون ببلدة سعال من اعمال ولاية نـزوى ويقع قبره تحت سفح الحوارى جنب المسجد التاريخي للإمام.
-------------
* المصدر "نـزوى عبر الأيام معالم وأعلام"