[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. لم تكن تركيا عندما أسقطت القاذفة الروسية (سو 24) بمتناسية التعامل الروسي مع الهجوم العسكري الذي شنته جورجيا على مقاطعتي جنوب أوسيتيا وأبخازيا، في أغسطس 2009 والرد القاسي من موسكو المتمثل بالهجوم المضاد والسريع على جورجيا، كما أن تركيا لم تكن بغافلة عن ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو)”
ـــــــــــــــــــــــــــ
لم يأت الرد الروسي على اسقاط تركيا القاذفة سو 24 على الحدود مع سوريا عسكريا حاسما كما كان يتوقع أو يتمنى البعض لكن حصد روسيا للمكاسب جاء بأسرع من التوقعات .. مكاسب تبدأ بعدم الوقوع في الكمين التركي وتوريط روسيا في نزاع يؤثر على أهدافها من عملياتها بسوريا وربما لا تنتهي عند نشر منظومة الدفاع الجوي باللاذقية.
فلم تكن تركيا عندما أسقطت القاذفة الروسية (سو 24) بمتناسية التعامل الروسي مع الهجوم العسكري الذي شنته جورجيا على مقاطعتي جنوب أوسيتيا وأبخازيا، في أغسطس 2009 والرد القاسي من موسكو المتمثل بالهجوم المضاد والسريع على جورجيا، كما أن تركيا لم تكن بغافلة عن ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يلزم جميع الأعضاء بالدفاع عن أي عضو يتعرض لاعتداء.
فالمادة الخامسة من ميثاق (الناتو) تنص على أن الهجوم على إحدى دول الحلف سوف يعامل على أساس أنه هجوم على بقية الأعضاء جميعاً، وأن الحلفاء ملزمون بالرد عليه، وأن استخدام القوة العسكرية يعد أحد الخيارات في هذه الحالة. ومن جانب آخر، تنص المادة الخامسة على أن من واجب أي دولة من دول الحلف "أن تساعد الطرف أو الأطراف التي تتعرض لمثل هذا الهجوم على الفور... وأن تتخذ من الإجراءات ما تراه لازماً في هذا الوضع".
هذه المادة هي التي دفعت بوكالات الأنباء العالمية فور وقوع حادث إسقاط الطائرة إلى بدء تغطياتها الإخبارية بعبارة (أسقطت تركيا العضو في حلف الناتو طائرة حربية روسية).
ربما كان الهدف التركي من اسقاط (سو 24) هو جر روسيا إلى رد عسكري سريع يجعل موسكو متورطة في مواجهة صريحة مع حلف شمال الأطلسي قد تؤدي إلى تحقيق الحلم التركي بإقامة منطقة عازلة على الحدود مع روسيا. وما يعزز هذه الفرضية ما نقلته وسائل الإعلام عن مصادر تركية وصفت بالرسمية قبل أيام قليلة من اسقاط الطائرة قولها إن "منطقة آمنة ستفرض خلال أسبوع".
لكن هذه الفرضية تبددت على ما يبدو مع إعلان تركيا تعليق طلعاتها الجوية فوق سوريا وأيضا مع تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" مستندة الى مصدر في الادارة الأميركية وصفته بـ(المطلع) أن واشنطن طالبت أنقرة بتكثيف انتشار قواتها على الحدود مع سوريا لمنع تنقل عناصر "داعش" بين البلدين ونزوحهما في نهاية المطاف إلى أوروبا حيث نقلت الصحيفة عن المصدر قوله: "شروط اللعبة قد تغيرت، ولابد من إغلاق الحدود، حيث بات خطر المسلحين يحمل طابعا عالميا بعد نزوحهم عن سوريا قاصدين أوروبا عبر الأراضي التركية".
لكن كبرى المكاسب التي حصدتها روسيا في تعاملها مع اسقاط الطائرة كان في الإسراع بنشر منظومة اس 400 للدفاع الجوي في قاعدة حميميم بريف اللاذقية غرب سوريا في سرعة وسلاسة بعكس الصعوبة التي واجهها حلف الناتو لنشر منظومة الدرع الصاروخية في تركيا.
وتتعاظم مكاسب روسيا من نشر منظومة اس 400 حينما نعلم أن المدى الأقصى لهذه المنظومة الصاروخية والذي يتراوح وفقا للتقارير بين 400 و600 كم يغطي معظم الأراضي السورية والمنطقة الحدودية مع العراق والأردن ومنطقة شرق البحر المتوسط وصولا إلى مساحة لا بأس بها من الأراضي التركية تشمل قاعدة انجرليك الأميركية.