[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
الشاعر عبد المنعم حمندي يفرض على الكاتب السياسي أن يتوقف عند مجموعته الشعرية الجديدة التي صدرت بعنوان تهجدات لسببين، أولهما، أنه صديق مبدع عراقي يستحق الكتابة، وثانيهما، أنه مرابط لم يبرح العراق وهو أفضل منّي شخصيا بكثير ويتقدم علي شخصيا ولا علاقة لي بنظرة الاخرين، كما أنه لم يتردد عن إعلان موقفه الواضح والصريح من الخراب الذي اجتاح بلده، ولم يدخر جهدا شعريا وغير شعري في الوقوف بوجه موجات وعواصف الخراب التي ما زالت تعصف بهذا البلد وبناسه.
عندما نلتقي بين الفينة والاخرى استمع إليه ولا احتاج لتمحيص ما يقول، فهو صادق يقترب من العفوية أكثر من أي شيء اخر، وهو عميق في رؤيته التحليلية، يستنشق هواء العراق ويذرفه دموعا في بعض الاحيان، وتفاخرا بشعب افشل مشاريع تخريبه الكونية وما زال مصرا على السير في ذات الطريق في احيان اخرى.
عبد المنعم حمندي من الشعراء العراقيين الذين انخرطوا في عالم الشعر وفي دنيا الثقافة والمعرفة، يكتب القصيدة الحديثة، وتتوزعه عوالم شتى، لا يقف عند اطلال ويتسمر عند حافاتها وأماسيها، ولا يغادر الاطلال دون أن يترك نبتة من كلمات وقصائد وبصمات.
انتهز فرصة الكتابة عن عبد المنعم الشاعر للتعبير عن سعادتي الغامرة وفرحي الحقيقي وأنا أقرأ رأيا للناقد الأدبي المقتدر الاستاذ عبد الحسين صنكور الذي قدّم لمجموعة تهجّدات الشعرية، ورغم غيابه عن الكتابة النقدية لفترة ليست بالقصيرة، إلا أن حضوره يبقى في الذاكرة الابداعية العراقية، يقول عن حمندي الشاعر في تقديمه للمجموعة "يبقى الشاعر عبد المنعم حمندي، صوتا متميزا بين مجايليه، وثقتي عالية أنه سيبقى ويزداد إبداعا وتميزا، ويقول إن حمندي حاله ليس مثل حال أي شاعر اخر، عند قراءته أو الكتابة عنه، يضطرك إلى استعارة مجالات معرفية اخرى مع أدواتها كي تسبر عمقه الشعري والمعرفي.
من بين قصائد المجموعة الزاخرة بالدموع والحزن والحب ايضا، يقول:
أصيح بلادي .. بلادي
أضاعوها .. وانيّ ضعتُ
فكيف نكفكف دمع التراب
ونسقي الظما بالدماء
وفي ليل كرخ ينام بصبح الرصافة موتٌ؟
في زوايا قصيدته يرقد فرح غريب، ولا يترك غصنا يبعث أملا إلا واقترب منه بلغة الشاعر واحساس الإنسان، وبقدر ما يتألم حمندي لأنين بغداد فإن قصائده لا تترك همّا عربيا إلا ولامسته.
في هذه التهجّدات يواصل الشاعر العراقي المبدع عبدالمنعم حمندي رحلته الإبداعية معلنا التصاقه بالوطن الجريح، متحديا كل الاخطار رافضا الاستسلام وقبول الأمر الواقع كما فعل الكثيرون، وتوزعوا بين مهادن أو مهرولا ومطبلا أو هاربا خارج الوطن.