[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
ما تتناقله الفضائيات ووكالات الأنباء العربية والعالمية عن ناس سوريا لا يغطي حجم المأساة الحقيقية التي تجتاح الناس في هذا البلد العربي، الذي طالما عاش الناس فيه بسلام، يأكلون من ما يزرعون ويصدرون الكثير من منتجاتهم الزراعية، ويلبسون ما يصنعون ويصدرون ايضا الكثير من ما يصنعون.
لا يمكن أن يمرّ خبر وصول اعداد اللاجئين السوريين إلى اربعة ملايين سوري يتوزعون اصقاع الأرض، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، ومن يحصل على سقف يحتمي به من لهيب الصيف وبرد الشتاء، فإنه قد لا يجد ما يأكل ويشرب هو واطفاله، والذي يستطيع الحصول على قوته اليومي فإنه لا يستطيع أن يوفر احتياجات عائلته من الملبس، وفوق هذا وذاك فإن الذي يصاب بوعكة صحية فإن الصعاب والمعاناة تتكدس اكواما أمام اهله وذويه.
من غير المعقول أن يتحول إنسان واحد إلى خبر تتناقله الفضائيات والوكالات ويصبح مادة تمتلئ بها الصحف، والمعضلة أن هذا الخبر ليس سارّا ولا مبهجا، لا يتحدث عن منجز علمي حققه فرد أو مجموعة، ولا يتناول مغامرة فوق جبال الهملايا، ولا ابحار في اعماق المحيطات، أن الحديث يدور عن مأساة مركبة متشعبة عميقة تطيح بملايين البشر من السوريين الذين تعصف بهم الاقدار، ويتكومون داخل الخيام ويعبث بهم الريح والامطار والثلوج وحرارة الصيف اللاهب.
من الصعب جدا بل من المستحيل أن تستوعب البشرية حقيقة ما يحصل لملايين الناس، عندما يقرأ البعض خبرا لا يتجاوز السطر الواحد، يقول إن عدد اللاجئين السوريين قد تجاوز الأربعة ملايين إنسان، فالذي يقرأ الخبر لا يدرك أن في ثنايا الخبر ملايين الاطفال والاف المرضى الذين لا يحصلون على الدواء ومئات الالاف من التلاميذ الذين حرموا من التعليم، ومئات الالاف من الناس الذين لا يقابلون اهلهم وذويهم بسبب التشتت في بقاع الأرض واضطرار مجاميع اللجوء إلى بلدان واضطرار الاخر اللجوء إلى دول اخرى.
في سطر واحد هناك تفاصيل لا نعلمها والام لا نشعر بها ومأساة في داخل كل شخص ، فلا راحة بال في التشرد ولا إنسانية تتحرك كما يجب أن تكون في دواخلهم ، وكل ما يشعر به هؤلاء أنهم يرقبون بارقة أمل تزداد بعدا في كل يوم وساعة ودقيقة، ولم يقتصر الأمر على الاربعة ملايين مشرد هؤلاء ، بل إن هناك ملايين نازحين داخل بلدهم، وحال اولئك ليس بافضل من احوال هؤلاء، ايضا هناك الملايين من الذين يعيشون في بيوتهم، لكن القلق يعصف بهم ايضا، فالقتال هنا وهناك، والصعوبات الحياتية والاجتماعية تزداد في كل يوم.
الحديث عن سطر واحد يحمل بين طياته معاناة وصعوبات ومآسي أمة تعيش في شتات وضياع ، قد يفتح الباب للبحث عن زوايا وخبايا اخرى في إنسانية ناس وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها في بؤر تزخر بالخوف واليأس والانتظار الطويل.