[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” إن التنازل عن أي شبر من "أرض إسرائيل", أو صفقات تبادل الاسرى, وكذلك القرارات المتعلقة بكافة التسويات مع الفلسطينيين أو مع العرب وغيرها وغيرها, لذا فإن المطالب الفلسطينية المحقة والعادلة تعتبرها إسرائيل " اتفاقيات مصيرية " لها شأن وتأثير استراتيجي على دولتها لذا لا بد من حيازتها على نسبة الثلثين في الكنيست وإحالتها إلى الاستفتاءات الشعبية.”
ــــــــــــــــــــــ

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من العاصة التونسية مؤخرا: أن هناك مبادرة فرنسية سيجري تقديمها قريبا إلى مجلس الأمن! المبادرة تتضمن العودة إلى التفاوض (لقد كتبنا تفصيليا حول المبادرة في "الوطن" منذ وقت قريب). هذا في الوقت الذي أعلن فيه نتنياهو بكل الصراحة والوضوح مؤخرا: أن لا دولة فلسطينية ستقام في ولايته الجديدة! وبرغم تشكيله للحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان(الوزراء في معظمهم لا يعترفون بوجود الشعب الفلسطيني من الأساس ولا بالتفاوض معه) وبالرغم من اتفاق الحكومة بزعامة نتنياهو والمعارضة بقيادة هيرتسوغ على أن " القدس ستظل العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل "! رغم كل ذلك ما زال الرئيس عباس يراهن على السلام مع الكيان والإيمان بالمبادرات السلامية!.الرئيس عباس يبدو متفائلا!.
ما نقوله لسيادته: إن أسبابا كثيرة إسرائيلية تحطم تفاؤله .. منها: لقد سن الكنيست الصهيوني, قوانين جديدة في العامين الأخيرين, والتي هدفت في معظمها إلى: تقييد حركة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في اتخاذ القرارات, التي تعتبرها مصيرية بشكل منفرد, بل يجب عليها أن تأخذ موافقة ثلثي أعضاء الكنيست ( 80 من 120) , وهذا من المستحيل تحقيقه في الكنيست اليميني الاستيطاني الحالي.
من هذه التقييدات: أن التنازل عن أي شبر من "أرض إسرائيل", أو صفقات تبادل الاسرى, وكذلك القرارات المتعلقة بكافة التسويات مع الفلسطينيين أو مع العرب وغيرها وغيرها, لذا فإن المطالب الفلسطينية المحقة والعادلة تعتبرها إسرائيل " اتفاقيات مصيرية " لها شأن وتأثير استراتيجي على دولتها لذا لا بد من حيازتها على نسبة الثلثين في الكنيست وإحالتها إلى الاستفتاءات الشعبية. هذه القضايا وغيرها تجعل من الصعب على الحكومة الصهيونية الحالية: الاستجابة للمطالب الفلسطينية, إلا فيما يتعلق بتجميل الوجه القبيح للاحتلال من خلال الموافقة على بعض القضايا التي تعتبرها "إنسانية" ( وكأن فعل الاحتلال له وجه إنساني!؟).
في زمن حكومة نتنياهو سيجري المزيد من التعنت تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية, والأخرى العربية, وهو الذي يقود ائتلافاً حكومياً مع أشد أحزاب التطرف في إسرائيل وهي الأحزاب اليمينية والفاشية، وهو الذي في جوهره يتفق معها قلباً وقالباً. في زمنه تم فرض أكثر كم من القوانين العنصرية تجاه فلسطينيي 1948 في الكيان الصهيوني. نتنياهو يمتلك تكتيكياً سياسياً يتمثل في فرض المزيد من الشروط على الفلسطينيين والعرب لإفشال أية تسويات عادلة معهم ( فلو استجابوا لشرطه بالاعتراف بيهودية إسرائيل فسيأتي بشرط جديد). في زمن نتنياهو فإن الاستيطان(والمزيد من الاستيطان وبخاصة في القدس وحدودها) سيجري على قدم وساق، وكأن إسرائيل في سباق مع الزمن. كل ذلك بالطبع من أجل فرض الوقائع على الأرض. أما وجهة نظر الحكومة الحالية من فهم متطلبات الأمن الإسرائيلي ومن حق عودة اللاجئين فهي معروفة وتتمثل في أن على الفلسطينيين الرضوخ لمتطلبات الأمن الإسرائيلي وأن لا حق للفلسطينيين في العودة .. ومع ذلك يتحدث عباس عن مبادرة فرنسية! ليعذرني الرئيس في قولي بانطباق المثل عليه.. بأنه يصر على أنها عنزة .. بالرغم من أنها طارت!.