تستمرُّ آلة القمع التي تملكها دَولة الاحتلال الإسرائيليِّ في ممارستها الإرهابيَّة ضدَّ أبناء الشَّعب الفلسطينيِّ الأعزل في كُلٍّ من الضفَّة الغربيَّة المحتلَّة وقِطاع غزَّة وسط صمْتٍ دوليٍّ لدرجة أنَّه لَمْ يخرجْ ببيانات استنكار أو شجْبٍ كعادته، ما يُمثِّل ضوءًا أخضر لدَولة الاحتلال لِتستمرَّ في عدوانها المتواصل دُونَ خوفٍ أو قلقٍ من محاسبة، متجاهلةً كافَّة الأعراف والقوانين الدوليَّة والإنسانيَّة، مواصلةً سياسات القمع والإرهاب في غيابٍ متعمَّد للمحاسبة الأُمميَّة، ما يُنذِر بأوضاع أكثر مأساويَّة يتعرَّض لها الشَّعب الفلسطينيُّ ومقدَّساته. فاقتحامات الاحتلال واعتداءاته على الفلسطينيِّين هي أوسع دعوة لتأجيج دوَّامة العنف، وتفجير ساحة الصراع ليس في السَّاحة الفلسطينيَّة فحسب، بل سيتخطَّى هذا التأجيج الوضع الفلسطينيَّ، لِيمتدَّ الصراع لكافَّة رُبوع المنطقة والعالَم أجمع.
وتأتي جرائم الاحتلال الإسرائيليِّ المتصاعدة في الأوان الأخير، والتي كان آخرها استشهاد (6) فلسطينيِّين وإصابة العشرات بجروح متفاوتة خلال اليومَيْنِ الماضيَيْنِ، في سياق الردِّ الإسرائيليِّ الرسميِّ على الدَّعوات لإحياء عمليَّة السَّلام في المنطقة، حيث تُعدُّ جرائم الاحتلال في مخيَّم جنين، وغزَّة، وعقبة جبر بأريحا، جرائم متعمَّدة من قِبل سُلطة الاحتلال الإسرائيليِّ لتحويلِ الأرض الفلسطينيَّة إلى ما يُشْبه ساحة حرب، في الوقت الذي تُحمِّل فيه الفلسطينيِّين المسؤوليَّة عن التصعيد لإخفاء حجم الانتهاكات التي تُرتكب يوميًّا ضدَّ كُلِّ ما هو فلسطينيٌّ بَشَرًا كان أو حجَرًا، في محاولة من الكيان الصهيونيِّ القاتل لاعتماد الحلول العسكريَّة في التعامل مع القضيَّة الفلسطينيَّة، بدلًا من الحلول السِّياسيَّة التي تُعبِّر عن حقوق أبناء فلسطين العادلة والمشروعة، وتخريب أيَّة جهود دوليَّة وإقليميَّة لِتحقيقِ التهدئة كمقدِّمة لاستعادة الأُفق السِّياسيِّ لحلِّ الصراع.
إنَّ العالَم الآن باتَ مُطالَبًا بموقفٍ صارم لإجبار دَولة الاحتلال الصهيونيِّ على وقف تصعيدها، خصوصًا في ظلِّ الحكومة اليمينيَّة التي تَقُودُها والتي تُعدُّ الأشدَّ تطرُّفًا في تاريخ هذا الكيان الغاصب، ويجِبُ أن نحذِّرَ بوضوح من أنَّ استمرار إفلات دَولة الاحتلال الإسرائيليِّ المستمرِّ من العقاب يشجِّعها على ارتكاب المزيد من الجرائم. فالقضيَّة الفلسطينيَّة باتَتْ تُواجِه ظروفًا صعبة للغاية، مع تواصل العدوان والعنف الذي يقضي على فرص إعادة تفعيل المفاوضات السِّياسيَّة، وينهي المشروع الوطنيَّ الفلسطينيَّ في تجسيد الدَّولة الفلسطينيَّة المستقلَّة وفق مبدأ حلِّ الدولتَيْنِ، ويُهدِّد الأمن والسِّلم الإقليميَّيْنِ والدوليَّيْنِ.
وعلى الصَّعيد العربيِّ يجِبُ دعم فلسطين في المحافل الدوليَّة، خصوصًا أمام محكمة العدل الدوليَّة فيما يخصُّ الفتوى الاستشاريَّة التي ستصدرها حَوْلَ ماهيَّة الوجود الإسرائيليِّ في فلسطين، والتَّبعات القانونيَّة له، بالإضافة إلى مساندة السُّلطة الوطنيَّة الفلسطينيَّة في عمليَّة حشد أوسع ضغطٍ دوليٍّ على «إسرائيل» كقوَّة احتلال، لرفع أيَّة قيود على حُريَّة أبناء فلسطين في وطنهم، ووقف سياسات الاستيطان وسرقة الأراضي الفلسطينيَّة التي تتبنَّاها حكومة نتنياهو لفرض الحلِّ الأحادي الذي تريده، دُونَ النظر إلى قرارات الشرعيَّة الدوليَّة ونصوص القانون الدوليِّ، وتأييد معظم دوَل العالَم لحلٍّ عادل قائمٍ على حلِّ الدولتَيْنِ.