اخي القارئ.. لا شك أن من صفات الرسول (صلى الله عليه وسلم) صفة الرحمة والعفو والحلم وما يدل على رحمته ..ما يروى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نزل ذات يومٍ الى السوق ليشتري قميصًا يلبسه وإذا به يجد خادمة تبكي في الطريق فيسألها ما يبكيك يا أمة الله؟ فتقول: يا رسول الله إن أهلي أرسلوني بأربعة دراهم لأشتري بها أشياء من السوق ولكنها وقعت مني ولست أدري بم أشتري! فأعطاها سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)أربعة دراهم من دراهمه الثمانية وذهب إلى السوق فاشترى قميصًا بدرهمين وبينما هو عائد إذ وجد مسكينًا يطلب ثيابا فأعطاه قميصه الذي اشتراه وعاد إلى بيته، وبينما هو في طريق العودة إذ وجد الخادمة ما تزال واقفة فسألها: لماذا تقفين حتى الآن؟ ألم تشتري الأشياء؟ قالت: لقد اشتريتها يا رسول الله. قال لها: إذن فَلِمَ الوقوف؟ قالت: لا أستطيع الرجوع إليهم فقد تأخرت كثيرًا وأخشى أن يضربوني، فقال لها الرسول (صلى الله عليه وسلم): تعالي معي وسوف أذهب معك يا فتاة سيري ورائي خشية أن يعبث الهواء بثوبك، وسارت الفتاة وراء الرسول (صلى الله عليه وسلم) وذهب إلى أهل البيت وألقى السلام على أهل البيت (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) فلم يسمع ردًّا للسلام فكرر السلام فلم يسمع ردًّا للسلام فكرر السلام فردت النساء قائلات وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا رسول الله. فقال لهن الحبيب: لماذا لم تردون السلام مرة ومرة؟ فقالت النساء: كنا نرد في سرنا لتكرر السلام في بيتنا فينزل الله البركة في بيتنا، فقال لهن الحبيب: يا إماء الله أتقبلن شفاعتي في هذه الخادمة فلا تضربنها، فقالت النسوة: وكيف لا نقبل شفاعتك فيها والله تقبل شفاعتك في الأمة كلها يا رسول الله، لقد قبلنا شفاعتك فيها وأعتقناها لوجه الله إكرامًا لشفاعتك فيها يا رسول الله،ولما خرج الرسول بعد عتق الجارية قال: ما رأيت دراهم أعظم من هذه الدراهم الثمانية أعتق الله بها أمة وكسا بها فقيرين، وهذا هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تتقاطر نور رحمته.
ومما يدل على عفوه.. أثناء دخوله مكة المكرمة وجد رجلاً يركب فرسه ويخرج هاربًا فيسأله الرسول (صلى الله عليه وسلم): ما اسمك؟ فيقول له الرجل: أنا هبار بن الأسود. أتدرون ما هو هبار بن الأسود؟ إن هذا الرجل تسبب في قتل السيدة زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانت تركب دابتها إلى المدينة وإذا بهبار هذا يستفز الناقة، فإذا بالناقة ترتفع إلى أعلى فتلقي بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أعلاها وكانت حاملًا في شهرها الأخير فطرحت ما في بطنها ونزفت حتى لقيت ربها،هبار بن الأسود هو الذي فعل هذا، أتدرون ماذا قال له أبو زينب ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ لقاتل ابنته؟ قال له: يا هبار ارجع كما كنت فقد عفوت عنك.
ومما يدل على حلمه.. جاءه أعرابي والملأ من الصحابة جالسون حول الحبيب وقال الإعرابي وأغلظ في القول ومسك بمجمع ثوبه (صلى الله عليه وسلم): أعطني يا محمد فليس المال مالك ولا مال أبيك. فماذا كان جوابه؟ فأعطاه النبي (صلى الله عليه وسلم) كل ما طلب. وسأله سؤالاً وقال له: أأحسنت يا أعرابي؟ قال الإعرابي: والله ما أحسنت ولا أجملت ولا جزاك الله عني خيرًا، كل ذلك والابتسامة لا تغادر وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقام عمر بن الخطاب يهز سيفه في الفضاء، مرني بقتله يا رسول الله إنه منافق ويخاطبك بهذا الخطاب، فيقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): يا عمر لا تدخل بيني وبينه، تعال معي يا أخي، وأخذه الرسول إلى بيته وقدم له الطعام والشراب وزاد له في العطاء، وقال له هل أحسنت يا أعرابي؟ فقال الأعرابي: أحسنت وأجملت وجزاك الله عني وعن عشيرتي خيرًا فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) أي: للأعرابي، لكن هذا الكلام لا يصلح بيني وبينك لقد أسأت إلىّ أمامهم فأغضبتهم عليك فتعال معي أمامهم لتعلن هذا الكلام أمامهم ليتحول الغضب إلى رضا ورعاية وعناية، هكذا كانت أخلاقه وهو رحمة لنا، قال (صلى الله عليه وسلم):(إنما أنا رحمة مهداة حياتي خير لكم ومماتي خير لكم تعرض عليّ أعمالكم فإن رأيت خيرًا حمدت الله لكم وإن رأيت شرًّا استغفرت الله لكم).. هذا والله أعلم.


* حامد مرسي
إمام مسجد بني تميم بعبري