[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
في الوقت الذي كان فيه العراق يعلن عن تحرير كافة محافظة ديالى من التنظيم الارهابي " داعش " , كانت مدينة " عين العرب " السورية تدخل تاريخ التحرير الكامل ايضا .. فبعد أربعة أشهر تقريبا، لاينسحب " داعش " فقط من ارض لها عمقها الوطني السوري، بل يخسر ايضا امكانية ان يتمكن من المزيد في مؤثرات نفسية جديدة على مجموعات جديدة من الشباب الذين تأثروا به في مراحل تمدده الاول.
تحررت عين العرب رغم مخاطر بقاء الخطر من التنظيم الذي نفذ بداخلها ما يقارب 50 عملية انتحارية لم تؤد الى تغيير في معادلات الحرب، فيما سقط في المعارك الداخلية عموما مايقارب 1773 شخصا بينهم 1190 من " داعش "لوحدها. لكن الكرد لم يتوقفوا عند هذا الانجاز الكبير بل اتبعوه بتحرير قرى محيطة بالمدينة، ومن المقرر على ما يبدو اكمال الطريق الى ما تبقى، وهذا كله يفتح بابا واسعا للحديث عن مرحلة ما بعد عين العرب.
أثبتت معركة تلك المدينة، والمعارك الأخرى التي يخوضها الجيش العراقي، وتلك التي يقوم بها الجيش العربي السوري، أن مرحلة " داعش " قابلة ليس فقط للسقوط ، بل للشطب النهائي من معادلات المنطقة. فهذا التنظيم الارهابي بات يتلقى هزائم على جبهات متعددة، وكلما وقع في هزيمة أدى به الى تراجع في شعبيته، ومن ثم في فكرته، فالأحزاب الفاشية عموما، تتراجع كلما خسرت، وليست خسارتها عسكرية فقط ، بل هي لكوادرها التي تشعر بالخطر عليها نتيجة تراجعها المريب.
قدم الكرد إذن، قدرة فائقة على تحقيق المعادلة الجديدة التي جعلت تنظيم " داعش" امام استحقاقات أخرى لن تكون سهلة عليه .. ففي حين يقال إنه استراتيجيا تم الاقتراب من الدخول في معركة الموصل وأن ما يجري من معارك في العراق نتيجته الحتمية تحرير الموصل، بل إن بعض الأنباء تكاد تؤكد ان مقاتلي التنظيم الارهابي يقومون بحزم أمتعتهم الشخصية تحت مفهوم أن إقامتهم في المحافظة العراقية اقترب موعد انتهائها .. واذا ماعادت الموصل الى كنف الدولة العراقية، يصبح مستقبل الوجود الفعلي للتنظيم الارهابي على المحك ويكون الوعد الذي قطعه وزير الدفاع العراقي العبيدي حول امكانية انهاء وجود " داعش " خلال ثلاثة أشهر قد تحقق.
ومع ذلك لابد من الاعتراف أننا أمام معارك قاسية مع هذا التنظيم الذي كلما خسر موقعا زاد من دوز اجرامه ومن توتره ثم من استعداده للقتال الاشرس في شتى الاماكن من اجل العودة اليها. فمرحلة مابعد عين العرب لن تكون سهلة، ويجب الاعتراف باننا امام المرحلة الاصعب في المعارك، بل نحن امام التفكير المنطقي الذي يحاول ان يبني افكاره منذ الآن على المكان الأخير الذي يفترض ان يحاصر فيه " داعش"، وهذا الافتراض واقعي الى ابعد الحدود، خصوصا وان التنظيم المذكور يحاول تكديس مجموعاته في منطقة دير الزور والرقة، بل إن زعيمهم الارهابي ابو بكر البغدادي يمضي جل أوقاته في تلك المنطقة.
لابد أن تكون معركة عين العرب المؤشر على مسلسل الهزائم ل " داعش" لكنها لن تكون الأخيرة في حلم الوصول الى النهايات التي يتحقق فيها اعادة الواقع في كلا البلدين سوريا والعراق الى حالتها الطبيعية بعدما اشتاقت اليها كثيرا، غير أن الأهم أن لا تتحول عين العرب الى ملاذ آمن للمنظمات الارهابية المسلحة الأخرى التي تقاتل الدولة السورية كما تريد الأطراف المتدخلة في الأزمة السورية.