“.. وتكريسا لاتخاذ الحلف من روسيا التهديد الأبرز بل وربما الوحيد، قرر حلف الناتو تعزيز قوة الردع والدفاع لديه، ودعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى عضوية الحلف، ونشر قوات إضافية على الأرض في الجناح الشرقي..”

رغم اتخاذ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ما قيل إنه خطوات تاريخية لاستعادة الريادة الأميركية في منطقة المحيط الهندي والمحيط الهادئ، وكذلك تكييف دورها مع القرن الحادي والعشرين.. جاءت قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي اختتمت أعمالها في إسبانيا لتكرس التباعد بين حلف الناتو والأهداف الأميركية في منطقة المحيط الهادئ، وخصوصا التنافس الأميركي الصيني في هذه المنطقة.
وجاء البيان الختامي للقمة لِيَعُدَّ أن روسيا “هي مصدر التهديد المباشر والأكبر لأمن الحلفاء”، مؤكدا على ضرورة “إنهاء روسيا للحرب في أوكرانيا والانسحاب فورا”.
وبالتأكيد شكلت الحرب الروسية الأوكرانية منطلقا لإعادة تكريس هذا التوجُّه الذي يعيد حشد كل إمكانات الحلف أمام روسيا، حيث لم يغفل البيان الإشارة بالطبع إلى موقف الحلف من الحرب، مشددا على تضامنه الكامل مع أوكرانيا في ما وصفه بـ(دفاعها البطولي عن نفسها)، مؤكدا “استمرار وقوفه سياسيا وعمليا مع أوكرانيا ضد الهجوم الروسي، وتقديم حزمة مساعدات معززة لأوكرانيا لتطوير قدراتها الدفاعية”.
وتكريسا لاتخاذ الحلف من روسيا التهديد الأبرز بل وربما الوحيد، قرر حلف الناتو تعزيز قوة الردع والدفاع لديه، ودعوة فنلندا والسويد للانضمام إلى عضوية الحلف، ونشر قوات إضافية على الأرض في الجناح الشرقي، مشيرا إلى ضرورة “تعزيز أمن الطاقة لضمان إمدادات ثابتة للقوات العسكرية”.
وعدَّ الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج أن ما أسماه “حرب الرئيس فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا زعزعت السلام في أوروبا، وخلقت أكبر أزمة أمنية في القارة منذ الحرب العالمية الثانية”.
وبالتأكيد تنعكس هذه التوجُّهات على تمويل الحلف الذي اتفق على زيادة التمويل بما يتناسب مع ما يواجهه من “تغيرات جذرية في البيئة الأمنية”.
ورغم أن الولايات المتحدة التي تعد العمود الرئيسي لحلف الناتو تَعد أن الصين هي التحدي الأبرز لها، إلا أن قمة الحلف لم تتحدث عن الصين إلا من خلال إشارة ربما تبدو خجولة، حيث شملت مخرجات قمة مدريد أن حلف الناتو يؤكد أن الصين تضر بمصالحه وأمنه وتقوض النظام الدولي.
وفي كلمته، قال أمين عام حلف الناتو في المفهوم السابق كانت روسيا “شريكا استراتيجيا” ولم تُذكر الصين مطلقا، أما الآن أصبحت روسيا هي التهديد الأكبر والصين تمثل تحديا لقيمنا ومصالحنا.
وإذا كانت الولايات المتحدة قامت في السنة الماضية بتحديث تحالفاتها طويلة الأمد، وعززت الشراكات الناشئة، وأقامت روابط مبتكرة فيما بينها لمواجهة التحديات الملحة، من المنافسة مع الصين في منطقة المحيط الهادئ، ومع تكريس حلف الأطلسي جهوده تجاه روسيا .. ربما تطور الولايات المتحدة هذه الشراكات وتسعى إلى إقامة حلف الهادئ.

هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري
[email protected]