خميس بن عبيد القطيطي قضية الشاب الفلسطيني أحمد مناصرة المعتقل في سجون الاحتلال واحدة من قضايا عديدة تنتهك فيها الإنسانية بأبشع صورها في كيان الاحتلال "الإسرائيلي"، ولكن الذي مارس الإرهاب والتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني وسرق أرضهم واستوطن ديارهم لن يكترث بأي ممارسات أخرى كالاعتقالات الإدارية التعسفية والتعذيب والانتهاكات اللاإنسانية في السجون، وما تعرض له الأسير المقدسي أحمد مناصرة يُمثِّل حالة من حالات كثيرة ضرب بها القضاء في دولة الاحتلال القوانين عرض الحائط، وسجل قضايا وصفت بالإرهاب في قانون القضاء "الإسرائيلي" فما قصة الأسير أحمد مناصرة؟أحمد مناصرة شاب فلسطيني من مواليد ٢٢ يناير ٢٠٠٢م تم اعتقاله في ١٢ أكتوبر ٢٠١٥م وهو لم يتجاوز الـ١٣ من العمر بتهمة محاولة قتل مستوطنين اثنين وحيازته سكينا، حيث كان برفقة ابن عمه حسن الذي استشهد فور إطلاق النار عليه، بينما أصيب أحمد ونقل على إثرها إلى مؤسسة خاصة بالأحداث لاقى فيها معاملة وحشية أثناء الاستجواب ثم نقل بعد ذلك إلى أحد السجون "الإسرائيلية" وخضع لمحاكمة بعد عام واحد بتهمة الإرهاب، ويؤكد محامي الدفاع خالد زبارقة أن قرار المحكمة مخالف للقانون فيما يتعلق بقضايا الأطفال؛ باعتبار أن قانون مكافحة الإرهاب الذي أقره الكنيست في الأول من نوفمبر ٢٠١٦م سرى على أحمد مناصرة بأثر رجعي، وهذا يعد مخالفا للأسس القانونية المتبعة محليا ودوليا؛ لأن اعتقاله جرى قبل عام من سَنِّ هذا القانون، وذكر أن الأسير الطفل "حينذاك" أحمد مناصرة كان مرافقا، فهل يُعد المرافق مدانا بالإرهاب حسب قانون مكافحة الإرهاب؟مؤخرا تم نقل الأسير أحمد مناصرة إلى سجن الرملة بعد تفاقم وضعه الصحي والنفسي بسبب عمليات التعذيب والسجن الانفرادي، والتحقيق المستمر لمحاولة انتزاع اعتراف بالقوة، والتهديد بوسائل مختلفة للطفل الأسير، وبعد تردِّي وضعه الصحي خضع لفحوصات طبية في مستشفى السجن. والجدير بالذكر أن المحكمة حكمت عليه بالسجن ١٢ عاما ثم خففت لاحقا إلى ٩ أعوام ونصف العام، وكان فريق الدفاع قد رفع مطالب بالإفراج عن الأسير مناصرة الذي أكمل عامه الـ٢٠ في سجون الاحتلال بتاريخ ٢٢ يناير الماضي، لكن تلك المطالب لم تلقَ أية استجابة من المحكمة ولم يرفع عنه تهمة الإرهاب، ويؤكد المحامي زبارقة حسب موقع "عرب ٤٨" أنه رغم إغلاق باب التقدم للإفراج المبكر بسبب انقضاء ثلثي المدَّة فإنه عازم على التقدم باستئناف، بالإضافة إلى الطلب السابق الذي تقدم به للإفراج عن مناصرة بسبب تردِّي وضعه الصحي. وقال نادي الأسير الفلسطيني الخميس الماضي إن جلسة محاكمة جديدة ستعقد للأسير أحمد مناصرة في ٢٨ من شهر يونيو الجاري. وقال النادي في بيان نقلا عن المحامي خالد زبارقة: (إن الجلسة عينت بناء على الطلب المستعجل الذي تقدم به طاقم الدفاع وطلب فيه الإفراج الفوري عنه وذلك على ضوء نقله إلى سجن "الرملة" نتيجة لخطورة وضعه الصحي والنفسي) وأصدرت لجنة الإفراج الخاصة التابعة لسلطة سجون الاحتلال الإسرائيلي يوم الأربعاء الماضي قرارها في تصنيف ملف الأسير مناصرة ضمن "قانون الإرهاب" إذ قررت أن قضية الأسير مناصرة هي "عمل إرهابي" بحسب تعريف قانون "مكافحة الإرهاب" وذلك بحسب ما أفاد طاقم الدفاع عن الأسير، والمأمول أن يتم البت في طلب الدفاع بالإفراج عن الأسير مناصرة منتصف هذا الأسبوع ٢٨ يونيو وما زالت أسرته تعلق الآمال عليها .العديد من المنظمات الدولية وممثلي لجنة العفو الدولية وكانت حملة دولية سابقة انطلقت لمناصرة الأسير أحمد مناصرة الذي تعرض لأبشع المعاملات في سجون الاحتلال منذ بداية اعتقاله وحتى اليوم يواجه أوضاعا صحية ونفسية قاسية، وتم نشر مقطع فيديو له يصرخ أنه لا يتذكر شيئا وهو في حالة انهيار عصبي والتهديد من قبل المحققين، ولم تكترث المنظومة القضائية في سلطة الاحتلال لحال مناصرة؛ لكونه فلسطينيا بينما هناك الكثير من المستوطنين الذين يرتكبون أعمالا إرهابية بحق الفلسطينيين غير مدانين بالإرهاب. ولكن لا عجب عندما يكون القاضي هو المحتل الذي أقام كيانه المزعوم بأعمال إرهابية، وارتكبت عصاباته العديد من المجازر والمذابح قبل إعلان احتلال فلسطين، وهجر أبناء الوطن الأصليين واستولى على مزارعهم وبيوتهم، وأقام مستعمراته على أراضيهم، وما زال حتى اليوم يمارس كل أنواع القتل والتنكيل ضد أبناء فلسطين ويستهدف الأطفال ولا يتورع عن قتل النساء الحوامل والشيوخ في ظاهرة همجية لم يعهدها التاريخ، كما يمارس العدوان والاجتياح المستمر في المناطق الفلسطينية ويقوم بحملة تصفية واغتيال ضد أبناء فلسطين، ويحاول تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي ويستهدف الأحياء في مدن فلسطين والقدس الشريف ويعدها عاصمة لكيانه المزعوم ويواصل اعتقالاته الإدارية المتكررة والانتهاكات التي تمارس في سجونه في عملية عنصرية وتكتم إعلامي وتخاذل رسمي من قبل العالم، وبالتالي فإن حالة الشاب الفلسطيني المعتقل أحمد مناصرة ما هي إلا واحدة من مئات وآلاف الحالات الموثقة لدى نادي الأسير الفلسطيني .لا شك أن المواجهة مع محتل غاصب ارتكب كل المحرمات والانتهاكات، لن يتورع عن مواصلة ممارساته اللاإنسانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ويبقى أن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة، وستظل قضية فلسطين قضية الشرفاء مرفوعة في ذاكرة الأُمة، لن تغيب وستظل المقاومة هي الخيار الوحيد الاستراتيجي وسياسة الردع التي ستقض مضاجع الاحتلال، وقد أثبتت هذه السياسة تفوق أبناء فلسطين على الاحتلال منذ بداية الألفية وحتى اليوم، وباتت المراهنة على المقاومة هي الحقيقة الدامغة في مشروع التحرير واستعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، واليوم الاحتلال يتحدث أن زواله سيكون قبل نهاية العقد الثامن، وإن غدا لناظره قريب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، ولله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .