علي بن سالم الرواحي:
أدب التبين من الأخبار:
قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات ـ 6).
معاني الكلمات:(فاسق): خارج عن طاعة الله، (بنبأ): هو الخبر لكن يتميز عنه بالفائدة الكبرى والاحتمال الغالب في الصدقة، ويحصل به علم أو غلبة الظن، (فتبينوا): فتثبتوا حتى تتبين صحة النبأ من عدمها، (بجهالة) هو فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يُفعَل.
التفسير الإجمالي: ينبهنا الله بهذه الآية من التثبت في خبر الفاسق، لما في عدم التثبت من آثار سيئة يترتب عليها اعتداءات مالية وجسدية للأبرياء بغير حق، وبجهل لحالهم، والتي يقع على أثرها الندم لمخالفتها للأحكام الشرعية، فالفاسق ليس لديه وزاع ديني عن الكذب والمنكرات، وعلينا الوقوف عند نبأه، حتى نعرف أصادق فيه أم كاذب، وخرج مَن ذلك التقي ذو الاستقامة الكاملة والعدالة التامة فهو محط نظر ثقة.
لقد بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليجمع منهم زكاة أموالهم، وكان بينهم وبين الوليد عداء في الجاهلية فخاف على نفسه منهم، فرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم يصل إليهم، وقال له: منعوني الزكاة وأرادوا قتلي، وهمّ الرسول بقتالهم لولا أن تبيّن له طاعتهم، ولم يكن يعرف النبي بفسق الوليد، ليختار من هو خير بديلاً عنه، فكان هذا أدب التبين دستورًا لجميع المسلمين.