د. جمال عبد العزيز أحمد:
2 ـ (أل) الكمال (أو الكمالية):
وهي ما تفيد اجتماع صفات الكمال في المُتَّصِلِ بها من الأسماء، قال تعالى:(ذَلَكَ الكتابُ لا رَيبَ فيه)، فـ(أل) لا تفيد تعريفا فقط، ولا تحدد جنسا فقط، وإنما تفيد استيفاء صفات الكمال في المشار إليه، وهو هنا القرآن الكريم، حيث أفادت أنه الكتاب الذي بلغ الكمال في كتابته ودقته، وكذلك القرآن في قوله تعالى:(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة ـ 185)، فالقرآن الكامل في قراءته والهدى الكامل في هداه، والفرقان الكامل في بيان الحق ووضوح التمييز بينه وبين الباطل.
ولو قلنا:(محمد الرجلُ) لكانت (أل) تفيد اكتمال صفات الرجولة في محمد، وأن غيره لا يوازيه أو يجاريه في كمال تلك الصفات، ومجيئها في حقه كاملة مستوفاة، ولا تدخل إلا بمعناها السامي، ومبناها العالي، والكامل، وغالبا تكون (أل) هذه داخلة في المعاني المقدسة التي لا يتوقف أمام جلالها، وسمو معناها أحدٌ، ولا يَشُكُّ فيها مؤمنٌ، سليمُ العقيدة، صحيحُ الإيمان، مخبتُ الجَنَان.
3 ـ (أل) الزائدة:
وهي المتصلة بمعرفة، لا تحدِّد جنسًا، ولا تُعَرِّفُ الاسم المتصلَ بها؛ لأنه في الأصل معرفة، فهي بمثابة الحلية والدلال في اللفظ، لكنها لا تزيده تعريفًا؛ لكونه في الأصل مُعَرَّفًا بالعلمية، والمُعَرَّف لا يعرَّف، كقولنا: الحسن، والحسين ـ رضي الله عنهما ـ سبطا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فـ(أل) هنا زائدة، تفيد التعظيم، والتبجيل، والاحترام لا غير؛ لأن الكلمة معرفة ابتداءً، فإذا وجد هذا الشخص أو غيره أن (أل) قد دخلت على اسمه كان ذلك عنده أدعى إلى السعادة، وكأنك تدلل الاسم، وتعطيه مزية على غيره، وتفضي إليه بمزيد حنان، وكثير عطف، وإكبار.
و(أل) الزائدة هذه لها نوعان: (أل) الزائدة اللازمة، مثل:(أل) التي في الأعلام كالعُزَّى والسموأل، والحسن، والحسين، واليزيد، والوليد، والآن من أسماء الزمان.. ونحوها؛ لأننا لا يمكننا حذفها رغم زيادتها، إلا أن زيادتها صارت كأنها جزء من اللفظ، لا تنفك عنه، ولا ينفك عنها، وأمست تشكِّل ركنا من أركانه، لا يعرف إلا بها، وكقولهم باب العَلَم، وباب الأسماء الموصولة، ونحوها، ومنها أسماء الموصول المبدوء بـ(أل) كـ(الذي والتي واللذان واللتان والذين واللاتي واللائي واللواتي واللوائي).
و(أل) الزائدة غير اللازمة: وهي التي تدخل لعارضٍ مَّا، ولا تلزم كأنْ يُعرِّف التمييزُ في بيت شعري؛ لأجل استقامة الوزن، وعدم الكسر العروضي، والأصل في التمييز التنكير، كما هو مقرر في النحو، كقول العرب:
رأيتُك لما أن عرفْتَ وجوهَنا صددْتَ
وطبتَ النفسَ يا قيسُ عن عمرو
فالنفس هنا تمييز، والتمييز منكَّر، وقد زِيدَتْ (أل) للضرورة الشعرية، ولئلا ينكسر وزن البيت فقط، وفي غير الشعر تُحذَف أل الزائدة غير اللازمة هذه وجوبًا، ومنه كذلك قولهم:(بنات الأوبر)، وقوله:(وطبت النفس يا قيسُ السَّرِى).
4ـ (أل) بمعنى الاسم الموصول: وهي خاصية مستمدة من أصل اللغة، أي اللغة السريانية التي تفرعَتْ منها اللغات السامية، فنقول:(جاء أل ننتظره)، بمعنى: الذي ننتظره، وهي هنا اسم موصول وتعرب فاعلًا، وقد وضع النحاةُ لها ضابطًا، هو أن تدخلَ على الأسماء المشتقات فقط، كاسم الفاعل، واسم المفعول، وأفعل التفضيل، وصيغ المبالغة، والصفات المشبهة ، ونحوها، نحو: حضر الناجح، أي الذي نجح، وبكى المظلوم، أي الذي ظلم، وجاء الكذَّاب، أي الذي يكذب كثيرًا، والله هو الغفورُ الرحيمُ، أي الذي يغفر، ويرحم كثيرًا كثيرًا، وأنت الأفضل علمًا، وخلقًا، أي الذي يفضلنا علمًا، وخلقًا، وهكذا، وأهل التفسير والأصول والفقه وعلماء اللغة يعرفون كيف يفسِّرون، ويفهمون، ويؤوِّلون التراكيبَ التي فيها أل الموصولة، ويشرحون ما بين أيديهم من الآيات الكريمات، والأحاديث النبوية تأويلا، وتفسيرًا دقيقًا وفقَ معطيات اللغة من هذا النوع من أنواع (أل).