د. سعدون بن حسين الحمداني:
يعد العصر الإسلامي وعلى مدى مراحله المتعددة شمسًا أنارت الطريق لكل البشرية من حيث التعاليم السماوية الراقية في تمدن الحياة وانتقالها من العصور الجاهلية السوداء في كل شيء إلى قمة الحياة المبنية على العدل والمساواة والمحبة والرخاء الاقتصادي، والانفتاح على العالم بقلب واسع
يشع بالخير وحب الجميع، وعند بزوغ رسالة الإسلام الشريفة على يد خاتم المرسلين سيدنا محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) الذي بشر بمبادئ الدين الحنيف في كل شيء، ومنها بوادر إرساء علم العلاقات العامة والقيادة ومدى تأثيرها على الاقتصاد والمستوى المعيشي للمواطن، فكانت الزكاة والضرائب هي أساس الرفاهية للمجتمع الإسلامي.
ويعد الرسول الكريم مدرسة لأصحابه وأهله في تعليم العلاقات العامة والقيادة بكل مراحلها وكان جبريل (عليه السلام) وبأمر من رب العزة يردف الرسول بالآيات الكريمة من القرآن الكريم لغرض تدريسها وتعليمها لجميع شرائح المجتمع الإسلامي بكل معاني العدالة السماوية، ومنها آداب القيادة والمشورة.
يعتمد كثير من العلاقات العامة إلى فن اختيار الكلمة النارية المؤثرة ولباقة اللسان والعبارات المتزنة والهادفة وغيرها، قال تعالى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ) (القصص ـ 34)، وهذا دليل قاطع لنا بأنّ الكلمة لها تأثير مباشرة في إيضاح المفاهيم والأفكار وتلعب الكلمة دورًا مهمًّا بذلك.
إنَّ مفتاح الازدهار الاقتصادي للبلد يعتمد كليًّا على القيادة الحكيمة وعمق ورصانة العلاقات العامة مع المحيط الخارجي والتفاعل معهم بكل احترام وتقدير، واضعين المصداقية وتبادل المصلحة العامة أساس العلاقات العامة بينهم، بعيدًا عن الأنانية وحب الذات والفساد المالي الذي يطيح ليس بالاقتصاد فقط، وإنما حتى بأخلاق وسلوكيات المجتمع.
إنَّ نظريات العلاقات العامة والقيادة تستند إلى كثير من المفردات أهمها: مهارات الاتصال والتواصل، إتيكيت لغة الجسد، الثقافة العامة المتجددة، إتيكيت فن ولباقة الحديث، علم النفس الاجتماعي، الثقافة والتحصيل الدراسي واللغات، القيادة الرشيقة، التواضع والمصداقية بالطرح، المتابعة الدقيقة لسوق المال وأسعار النفط والتذبذبات المتحملة، بالإضافة إلى استقرار الوضع الدولي.
إنَّ العلاقات العامة تُبنى بشكل جوهري على العنصر البشري وكاريزما القيادة لدى أعضائها ومن أهم المؤهلات المطلوبة هي: (التخاطب، الاستماع، الكتابة، لباقة الكلمة، حسن المظهر، البساطة، التواضع، الثقافة، الحماسة، الكياسة، التنظيم في قدرة هيكلة العمل، التواصل والمتابعة، القدرة على التعامل مع المفاهيم الإدارية، إمكانية صنع واتخاذ القرار في الأوقات الحرجة، مواكبة التطور والمناهج الحديثة، وأخيرًا الاهتمام بموضوع الإتيكيت، خصوصًا احترام الوقت).
العلاقات العامة هي وظيفة إدارية في غاية الأهمية، هدفها التواصل والاتصال المنفعي الصادق والأمين لغرض الوصول إلى الهدف، معتمدة على عدة مؤهلات أيضًا وأهمها: سمات المفاوضات، جمع المعلومات، إدارة المفاوضات، نظرية ترتيب الأولويات، نظرية التأثير المباشر (قصير المدى)، ونظرية التأثير التراكمي (طويل المدى)، كما أنها تسهم مساهمة فعالة في مد الجسور لإقامة أقوى الروابط بين المؤسسة وجمهورها، والمساهمة الجادة في رسم الصورة اللائقة عن نشاطات وسياسات هذه المؤسسة، وكذلك فإن كاريزما القيادة تلعب دورًا كبيرًا في التأثير إيجابيًّا أو سلبيًّا في أجندة ازدهار الاقتصاد الوطني من حيث إنها تستند إلى المعلومات الأساسية التي تمرر من قبل الجهات المسؤولة.
أما كاريزما القيادة المثالية ذات الخبرة العالية فهي مفتاح الازدهار الاقتصادي التي سوف تدر للبلد أموالا طائلة وبالعملات الصعبة من خلال العزف على أوتار العلاقات العامة مع كل من له علاقة بالاقتصاد والاستثمار المالي، والذي من شأنه أن يكون حجر أساس للرفاهية والازدهار الاقتصادي.
هذان المجالان يشكلان بالضرورة سلم النجاح والتفوق والتميز إذا أُتقن استخدامهما بجميع نظرياتهما ومبادئهما في المكان والزمان المخصص لهما؛ لأن العلاقات العامة تعتمد كثيرًا على كاريزما القائد الذي بدوره يستطيع أن ينفذ خططًا استراتيجية في ازدهار الاقتصاد الوطني من خلال التعامل الصريح والصادق مع الشركات العالمية لتنفيذ ما هو جوهري ومفيد يخدم البلد ويرفع من مستوى الدخل القومي ليتحول البلد من فقير وتضخم مالي وعجز إلى فائض مالي والأمثلة كثيرة في دول العالم.
إنَّ أغلب المشاكل الاقتصادية للدول في عالم اليوم هي نتاج عدم التوازن في تطبيق سياسات العلاقات العامة وضعف كاريزما القيادة لدى المسؤولين عن الملف الاقتصادي، وهذا يعتمد كثيرًا على كاريزما القائد المتخصص في المجال الاقتصادي بكافة فروعه، وما يحمله من مواصفات أكاديمية متميزة، بالإضافة إلى الخبرة الطويلة في مجال السوق والعلاقات العامة مع محيطه بكل مجالاته بحيث يستطيع أن يقرأ المستقبل الاقتصادي ضمن أرقام علمية وإحصائيات مستندة إلى وقائع ثابتة يستطيع من خلالها تحقيق الازدهار الاقتصادي، سواء للدولة أو للمؤسسة أو الشركة التي يعمل لها.