عمّان ـ العمانية:
قالت الروائية اللبنانية هدى بركات إن لكل رواية أسلوبها السردي وتقنيتها الخاصة بها. وأضافت خلال جلسة حوارية نظمتها مكتبة عبد الحميد شومان العامة افتراضياً، أن الأحداث في روايتها الأخيرة "بريد الليل"، أملت عليها أسلوب الرسائل الضائعة التي تتقاطع كما تتقاطع مصائر مَن كتبَها. وتابعت بركات بقولها إن هذه الرسائل من دون عناوين وأحياناً من دون بداية أو نهاية، لأن أصحابها كتبوها وهم يعتقدون أنها لن تصل إلى وجهتها، وكأن كتابة الرسائل تعبّر عن لحظات تختلط فيها حقائق حياتهم مع واقعهم مع الكذب والوهم ومحاولة تبرير كل شيء. وأوضحت بركات في الحوار الذي أداره الكاتب جعفر العقيلي عبر منصة (زووم)، أن هذا المنحى جعل أسلوب كتابة الرواية التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية (2019) يقوم على المرور السردي من مقطع إلى آخر ومن رسالة إلى أخرى.
وأكدت أن "بريد الليل" كُتبت بأسلوب بقترب من الأسلوب الواقعي ولا يتطابق معه، لافتة إلى أنها لا تكتب رواية واقعية لتُعلم عن حقائق في التاريخ، وقالت في هذا السياق: "أنا دائماً في الجهة القاتمة أو الزاوية السوداء مما يرويه التاريخ، لذلك أعدّ الرواية شكلاً من أشكال التأريخ الشخصي والداخلي والاجتماعي والنفسي، وفي أكثر الأحيان لا يتطابق مع التاريخ الرسمي".وقالت بركات إن "بريد الليل" تمثل "رواية اللامكان"، والمكان المشترك في أحداثها وفصولها هو "خلف النافذة"، حيث النظر في الليل والمصير القاتم والشقي وغير المعروف والمجهول تماماً، لذلك تترك الشخصيات أمكنتها كما يحدث الآن في جميع أنحاء العالم. ورأت بركات أن "بريد الليل" تؤشر على التغيّر الذي طرأ على النظرة المتعلقة بالوطن، إذ "يُفترض أننا نلجأ للوطن الذي تركناه، لكننا في هذه الرواية أمام شخصيات دفعت الكثير لمغادرة الوطن ولم تتردد في إلقاء أنفسها في لجج الموت".
وأشارت إلى أن روايتها تقوم على مزيج من الآلام والأحزان والأنين والفقر الذي عاناه كتّاب الرسائل، فقد عاش أبطالها خلال فترة الحروب الأهلية وشهدوا الدمار وشعروا بالخوف وخيبة الأمل، مما جعلهم يكتبون رسائلهم، كما أن ساعي البريد لم ينجح في إيصال الرسائل بسبب ضياع العناوين والدمار الذي أصاب الشوارع.
وأكدت بركات أن ما دفعها لكتابة الرواية هو "مشاهد المهاجرين الهاربين من بلدانهم في قوارب الموت، ونظرة العالم إليهم ككتلة غير مرغوب فيها أو كفيروس يهدد الحضارة".
يشار إلى أن هدى بركات أصدرت عملها الأدبي الأول "زائرات" عام 1985، وأصدرت خلال مسيرتها ستّ روايات من بينها: "حجر الضحك" (1990) و"أهل الهوى" (1993) و"حارث المياه" (2000)، وفازت بجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجائزة مؤسسة سلطان بن العويس عن فئة الرواية.