جودة مرسي:
يستهل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حكمه للسلطنة وهو يستظل بالنهضة المباركة التي أرسى دعائمها جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه. كما يُمسك بأواصر الثقة التي عبر عنها الشعب، والقناعة التي رضي بها جميع من لهم حق الاختيار والقرار.
الثقة في جلالته ـ أيده الله ـ بانت ملامحها فور الإعلان عن رحيل جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ والإعلان بأن "حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سيؤدي القسم سلطانًا للبلاد، إثر انعقاد مجلس العائلة المالكة وتقريره تثبيت من أوصى به جلالة السلطان قابوس بن سعيد"، كما تبع ذلك بيان مجلس الدفاع العماني نقلته وكالة الأنباء العمانية قالت فيه إن "مجلس العائلة المالكة انعقد وقرر بقناعة راسخة تثبيت من أوصى به السلطان في وصيته إيمانا من مجلس العائلة بالحكمة المعهودة والنظرة الواسعة التي يتمتع بها. وعليه، أوكل مجلس العائلة لمجلس الدفاع القيام بفتح الوصية"، وكان هذا الإعلان كفيلا ببث الطمأنينة ومحو لمحة من حزن لف أركان العباد.
واختلطت بجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ أعزه الله ـ مشاعر الأصالة وعلامات الشموخ أثناء تشييع جثمان السلطان الراحل وحفل التنصيب، فوسط علامات الحزن والأسى التي بدت ظاهرة على وجه جلالته، كان سباقا في حمل جثمان جلالة السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ وكأن لسان حاله يخاطب الشعب بأنه يستقبل الأمانة التي حملها على مدى 50 عامًا قبل رحيله، وأن لديه المقدرة على صونها وحراستها، وتحقيق آمال وطموحات الشعب، ومن ملامح فطنته إحداث التوازن في ارتفاع حمل الجثمان، حتى شعرت أنها برقية للجميع بأنه لن ينحني إلا لتحقيق النهضة والمجد للسلطنة وأبناء الشعب البررة.
ولم يكن مشهد حمل الجثمان ودلالته هو الأخير في الساعات الأولى من تولي جلالته مقاليد الحكم، إذ وقف جليا أمام الكاميرات وتكاد علامات الأمل تختلط بمشاعر الألم فلا تطول من عنفوانه وقوته، ويلقي كلمة للداخل والخارج نعى فيها السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ مثنيا على إنجازاته، وعلى الأعمال التي قام بها في شتى المجالات من أجل إرساء المكانة الدولية للسلطنة، مؤكدًا المضي قدما على النهج السامي في تطوير وتقدم السلطنة، والإكمال على آخر ما تحقق من منجزات.
وشدد على انتماء السلطنة الخليجي والعربي، والحفاظ على مصالحها، ومراعاة الحقوق والواجبات تجاه جيرانها، فأكد تمسكه بالحفاظ على عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة، ودفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي، والاستمرار في دعم جامعة الدول العربية ووضع أهدافها ضمن منظومة أهداف السلطنة القابلة للتحقيق، والنأي بالمنطقة كاملة عن الصراعات، مضيفًا "سنواصل السياسة الخارجية القائمة على التعايش السلمي وسنحافظ على العلاقات الودية مع كل الدول".
إن جلالته بدأ حكمه بمحبة إلهية قذف بها الله في قلوب أبناء وطنه، فانفرجت أساريرهم لاختياره، وهم يستشعرون المصداقية التي يتحلى بها نتيجة خبراته التراكمية في الشأن القيادي، سواء في وزارة الخارجية أو في وزارة الثقافة والتراث أو في الملف الاقتصادي للمستقبل "رؤية عمان 2040"، فقاسمه الجميع حبه وتقديره لجلالة السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ فهنيئا لنا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه، وهنيئًا لنا بداية مشرقة مع جلالته إن شاء الله.