تونس ـ وكالات: اعلن حزب نداء تونس العلماني أنه لن يحكم تونس بمفرده بعد فوزه على حركة النهضة التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية الحاسمة التي أجريت الاحد وقال مراقبو الاتحاد الاوروبي انها اتسمت ب"الشفافة" و"المصداقية". وقال الباجي قائد السبسي رئيس ومؤسس حزب نداء تونس في مقابلة بثها تلفزيون "الحوار" التونسي الخاص "أنا لا أتحالف مع أحد وإنما أتعامل حسب الواقع". واضاف "اخذنا قرارا قبل الانتخابات بأن نداء تونس لن يحكم وحده حتى لو حصل على الاغلبية المطلقة (...) يجب ان نحكم مع غيرنا (...) مع الاقرب الينا من العائلة الديموقراطية، لكن حسب النتائج". وسيكون على الحزب الحاصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217). وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري ل ان الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا. وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على سبعين مقعدا مقابل 80 لنداء تونس. ويساعد النظام الانتخابي النسبي بالقوائم المعتمد في تونس على تمثيل الاحزاب الصغيرة. وحتى الان لم تعلن "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" سوى نتائج جزئية لعمليات الاقتراع، علما بان الهيئة لديها مهلة تنتهي في 30 اكتوبر الجاري لاعلان النتيجة النهائية للانتخابات. و أعلنت الهيئة ان نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت بحسب ارقام غير نهائية 69% من الناخبين المسجلين. وقالت البلجيكية آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي في مؤتمر صحفي بتونس ان "الشعب التونسي عزز التزامه الديموقراطي بفضل انتخابات ذات مصداقية وشفافة مكنت التونسيين من مختلف التوجهات السياسية من التصويت بحرية لمجلس تشريعي وفقا لأول دستور ديموقراطي" في البلاد. وأضافت أويتبروك وهي عضو بالبرلمان الأوروبي "جرت الحملة الانتخابية على نطاق واسع في هدوء وتمكنت القوائم (الانتخابية المترشحة) من تقديم برامجها بحرية، وقد احترمت عموما معايير الحملة الانتخابية التي ثبت أنها معقدة جدا".
وتسعى حركة النهضة الاسلامية التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية التونسية خلف خصمها العلماني "نداء تونس" الى ترميم صورتها التي لحقها "اهتراء" بعد تجربة قصيرة في الحكم، وإلى إظهار احترامها للديموقراطية الناشئة.
وبادر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الى تهنئة الباجي قائد السبسي رئيس "نداء تونس" بفوز حزب الأخير في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، وذلك حتى قبل صدور نتائجها الرسمية المنتظر الاعلان عنها الخميس على اقصى تقدير. ونظمت حركة النهضة أمام مقرها في العاصمة تونس احتفالا بمناسبة "نجاح الديمقراطية التونسية" دعت "جميع أنصارها وسائر التونسيين" الى المشاركة فيه. وتم خلال الاحتفال الذي حضره مئات من أنصار الحركة إشعال الالعاب النارية ورفع أعلام تونس ورايات الحزب الاسلامي. وكانت حركة النهضة فازت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المكلف صياغة دستور جديد لتونس التي جرت في 23 اكتوبر 2011 وكانت أول انتخابات حرة في تاريخ تونس. وقادت الحركة من نهاية 2012 وحتى مطلع 2014، حكومة ائتلافية شكلتها مع حزبين علمانيين هما "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات". ونهاية يناير 2014 تركت الحركة السلطة لحكومة غير حزبية بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لاخراج تونس من ازمة سياسية حادة اندلعت في 2013 إثر اغتيال معارض بارز للحركة، وذبح جنود قرب الحدود مع الجزائر في عمليتين نسبتهما السلطات الى جماعة "أنصار الشريعة بتونس" التي صنفتها تونس والولايات المتحدة تنظيما "ارهابيا". ويرى المحلل سليم الخراط ان الخطاب والسلوك السياسي لحركة النهضة "يعطي صورة عن حزب ناعم جدا، يهنئ خصمه بالفوز في الانتخابات، ويترك السلطة (مطلع 2014 لحكومة غير حزبية) رغم انه كان صاحب أكثرية المقاعد في البرلمان (89 مقعدا من إجمالي 217)". وقال الخراط "هذا الخطاب المتحضر قد يثير الدهشة في منطقة غير معتادة على تداول سلمي على السلطة".