ضمن 17 فلجا في نزوى وبركة الموز والجبل الأخضر
رصد ـ سالم بن عبدالله السالمي:
يوجد في ولاية نزوى العديد من الأفلاج التاريخية العريقة التي ارتبطت بالإنسان والأرض كغيرها من الأفلاج، ومن أهم وأشهر تلك الأفلاج بالولاية هما فلجا دارس بنزوى والخطمين بنيابة بركة الموز المسجلان في قائمة التراث العالمي واليونيسكو، ومن الأفلاج العريقة أيضاً فلج الغنتق وفلج تنوف وفلج العزيزي بنيابة الجبل الأخضر وفلج السعالي والخوبي والدنين بمنطقة سعال وفلج العين وفلج كمة وفلج كرشاء وفلج ضوت وفلج أبو ذوأبة وفلج الجل وفلج ردة البوسعيدي، ويصل عددها الى أكثر من 17 فلجاً.

وقد عرف الإنسان العماني كيف يشق تلك الأفلاج عبر مسارات الجبال والسهول والوديان بهندسة فريدة وذات تضاريس صعبة صعوداً وهبوطاً وتعرجاً لكي يكون هناك توازن في توزيع وجريان المياه في ساقية الأفلاج تنساب بشكل سهل وسلس، ولم يغفل ممن عمل في شق الأفلاج أهمية ما يمكن أن يكون للفلج من دور إجتماعي وديني وإقتصادي بحيث تمر مسارات جميع الأفلاج على القلاع والحصون والمساجد بحيث يكون من القائمين على المساجد والمصلين حق الإستفادة من الفلج في الشرب والضوء والغسيل في ذلك الزمان ومن أهم في ذلك هندسة البناء والتسقيف.
وفي هذا السياق سنتطرق إلى خمسة أفلاج مهمة بولاية نـزوى قائمة بشريان الحياة من خلال تدفق مياهها بشكل جيد تغذي الأرض والنخيل والأشجار كونها أفلاج داودية وأخرى عنينة ومرتبطة بعدة أودية منها وادي الهجري ووادي الأبيض ووادي المعيدين .. فنتطرق إلى مساراتها وعمقها وأهم سواعدها.
* فلج دارس
يعتبر فلج دارس من أكبر وأشهر الأفلاج بالسلطنة، وقد ارتبط اسمه بتاريخ ومكانة نـزوى منذ القدم ويعتمد عليه عدد كبير من سكان الولاية في ري مزروعاتهم المختلفة علاوة على الأغراض من شرب وغسيل ويشمل ذلك من المنطقة الممتدة من شريعة دارس وحتى منطقة السوق (مركز الولاية)، حيث تقع قلعة نـزوى الشهباء ومسجد الجامع وقد تم إدراجه ضمن الأفلاج الخمسة بالسلطنة المسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو في عام 2006م.
ويتكون فلج دارس من ساعدين اثنين، الساعد الأول ويُسمى (الساعد الكبير) ويبغ طوله حوالي 1700 متر وتقع أم هذا الساعد في منطقة تسمى (سيح العبلية) والتي تقع على الجانب الأيسر نـزوى ـ بهلاء وعلى بعد حوالي 120 متراً من الطريق، ويبلغ عمق الأم المنبع الرئيسي لهذا الساعد حوالي 17.5 متر، وعمق الأم وبقاع مستطيل واحد متر× 80 سم، وشق هذا الساعد في الصخور الصماء.
أما الساعد الثاني ويُسمى (الساعد الصغير) نظراً لقلة غزارة مياهه ويبلغ طوله 1900 متر، ويقع المنبع لهذا الساعد في الوادي الأبيض وهو ملتقى وادي الهجري والمصلة ويبلغ عمق الأم حوالي 16 متراً، ويقع هذا الساعد بكامله في الوادي الأبيض ويبغ قطاع القاع (1.20 متر × 1.20 متر) وهي مبنية في الأجزاء العلوية بالحصى والرمل والإسمنت، ويلتقي الساعدان الصغير والكبير في نقطة واحدة بحيث يكون الفلج مجرى واحد وتسمى فرض الملتقى، وتقع هذه النقطة في وادي الأبيض أسفل الجسر بمنطقة مرفع دارس ويتغذى فلج دارس من أودية الهجري والمصلة وكمة والسويحرية، ويبغ التصريف المائي للفلج 55 لتراً في الثانية، حيث يروي قرابة مائة ألف نخلة إضافة للأراضي الزراعية الأخرى.
* فلج الخطمين
يعد فلج الخطمين بنيابة بركة الموز التابعة لولاية نـزوى أيضاً من الأفلاج التاريخية العريقة والذي تم إدراجه ضمن الأفلاج الخمسة بالسلطنة المسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونسكو في عام 2006م.
ويعتبر هذا الفلج الذي يروي ويسقي مساحة كبيرة من البساتين والمزارع بالنيابة من الأفلاج العميقة، حيث يتغذى من وادي المعيدن الذي يتميز بغزارة وتدفق مياهه أثناء هطول الأمطار ويبلغ طوله الكلي حوالي 2450 متراً، ويعتبر من الأفلاج الداودية، وما يميز هذا الفلج هو طريقة انقسام مياهه عند منطقة الشريعة إلى ثلاث قنوات كل منها ينال نصيباً متساوياً من المياه، فعند رمي ثلاث كرات متساوية قبل نقطة الانقسام تذهب كل كرة في قناة مما يدل على براعة التصميم الهندسي للفلج، وقد ارتبط فلج الخطمين بمعلمين أثريين هما:(حصن الرديدة ومسجد اليعاربية) فالأول يمر بوسطه الفلج والثاني يمر أمامه.
* فلج تنوف
يعد فلج تنوف من أشهر وأقدم الأفلاج بولاية نـزوى، حيث ارتبط اسمه بتاريخ عريق يمثل ذلك بمروره بوسط حصن تنوف وكذلك مسجد الإمام سالم بن راشد الخروصي، هذا الفلج يعتمد عليه عدد من سكان البلدة الذين يمارسون مهنة الزراعة في ري المزروعات ويعرف سابقا بفلج (الحيقي) وتم حفرة قبل عهد اليعاربة وينحدر هذا الفلج من سفج الجبل ويتكون من ثلاثة سواعد وهي: الساعد الرئيسي الذي يمر فيه المياه الآتية من أم الفلج ويمر في وسط وادي الهجري شرق كهف النضد، والساعد الثاني ويسمى (عوينة الصخنة) جنوبي الكهف الذي يأتي من الجهة الغربية وتمتد ساقيته خمسين متراً داخل الجبل، أما الساعد الثالث ويسمى (الصوير) فهو يغذي الفلج عند سقوط المار وجريان الأودية.
وفلج تنوف يروي مساحة تقدر بأكثر من نصف كيلومتر مربع ويشمل ذلك بلدة تنوف والضواحي المحيطة بها، وقد حظي الفلج كغيره من الأفلاج باهتمام من قبل الحكومة من صيانته على عدة مراحل ومن أهمها تحويل الساقية السابقة وإنشاء ساقية جديدة ويبغ عمقها عند أم الفلج حوالي 40 قدماً بجانب سد وادي تنوف مما كان له الأثر الكبير في الحفاظ على منسوب المياه الجوفية، حيث يتغذى الفلج من وادي تنوف الواقع بتلك المنطقة.
* فلج الغنتق
يعتبر فلج الغنتق من الأفلاج القديمة والعريقة، وارتبط اسم هذا الفلج بشواهد تاريخية كونه يقع بين منطقة مساجد العباد وقبور الأئمة والمساجد التاريخية بمنطقة الغتنق وبرج القرن الثري ويمثل هذا الفلج شرياناً مهماً بالنسبة لأهالي منطقة الغنتق في ري مزروعاتهم المختلفة وعلاوة على الاستخدامات الأخرى ومنها الشرب، أما بالنسبة لسواعد الفلج فهي كثيرة منها الساعد الواقع في وادي كلبوه المتجه إلى المصيفة موقع أم الفلج ويتغذى هذا الفلج من عدد من الأودية منها وادي كلبوه ووادي السدر ووادي حمارة والكثير من الشعاب وتستفيد من مياه الفلج مساحة شاسعة من الراضي الزراعية والبساتين بتلك المنطقة، وقد حظي الفلج في العهد الزاهر باهتمام لخدمته وصيانته وذلك حفاظاً على وعليه إستمراريته بجانب إنشاء سد وادي كلبوه ليكون عوناً ومساعداً في استمرارية المخزون الجوفي للمياه والذي يغذي الفلج.
* فلج فرق
يمثل فلج فرق الشريان الأساسي لأهالي القرية كونه الفلج الوحيد الذي يعتمد عليه في ري المزروعات والشرب والغسيل.
وقد ارتبط هذا الفلج بقلعة فرق التي تقع على طرف شريعة الفلج في الجهة الشمالية من البلدة بجانب أنه يمتد سقيه إلى الأراضي التي يقع فيها قبر الشعثاء ابنة الإمام بنت جابر بن زيد وإلى أراضي حيل فرق التي شهدت فترة من الزمان بساطاً أخضر نظير اهتمام أهالي القرية بزراعة البُر والقمح .. وغيرها من المنتجات الزراعية.
ولفلج فرق منبع رئيسي واحد تتفرع منه عدة سواعد وهي ساعد البويرد وساعد الوادي وساعد الدريجي وساعد ناصر بن سالم وساعد الحديث، ويمتد فلج فرق بمسافة تزيد عن 15 كيلومتراً ويبلغ عدد فرضه 145 فرضة تصل أعماق الواحدة منها 20 متراً، ويشهد الفلج بين فترة وأخرى إنخفاضاً في منسوب المياه نظراً كون يعتمد على جريان الأودية إلا أنه حظي بإهتمام الحكومة الرشيدة من خلال صيانته وخدمته وذلك من أجل الحفاظ عليه بجانب تخصيص بعض الآبار الارتوازية في ضخ المياه في ساقية الفلج.