[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
استقبل العرب عيد الفطر هذا العام بمزيد من الحزن والأسى على ما آل إليه الوضع في وطننا العربي الكبير الذي صار ينزف دما في معظم أركانه .. في العراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا وتونس والمذبحة الإسرائيلية في غزة التي حصدت أكثر من ألف شهيد بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والصبية .. كنا في السابق مشغولين بقضية واحدة هي القضية الفلسطينية .. قضية التف حولها العرب .. أما اليوم فصار كل بلد مهموما بمشاكله الداخلية التي تفجرت بعوامل خارجية .. انظر إلى حمامات الدم في أكثر من بلد عربي .. وطن يموج بالصراعات الداخلية التي أشعلتها تنظيمات متطرفة وجماعات تكفيرية تتلقى دعما وتمويلا من مصادر عدة سواء في الداخل أو في الخارج!!
المتأمل لما يدور داخل العديد من الدول العربية من صراعات سيلحظ منذ الوهلة الأولى أن أحد طرفي الصراع في كل دولة تنظيم أو جماعة دينية متطرفة وإن اختلفت الأسماء بدءا من تنظيم القاعدة ثم "داعش" مرورا بجبهة النصرة وأنصار الشريعة وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر وأسماء أخرى كثيرة تمارس العنف بهدف إسقاط الأنظمة الحاكمة وإقامة ما تسميه الدولة الإسلامية أو الإمارة الإسلامية ـ هكذا يزعمون ـ إلا أنه في الواقع ما يفعلونه هو محاولة إسقاط الدولة عن طريق انهيار أركانها ومؤسساتها الأمنية والعسكرية ثم تفتيتها وتقسيمها إلى دويلات صغيرة لا حول لها ولا قوة!!
ما يجري في المنطقة العربية مؤامرة مكتملة الأركان تشارك فيها عدة دول وأجهزة استخبارات تنفق مليارات الدولارات من أجل تحقيق أغراضها لإضعاف الدول العربية عن طريق إنهاكها في صراعات داخلية لا آخر لها، ووجد القائمون على هذه المؤامرة ضالتهم في الجماعات والتنظيمات الدينية المتشددة منها والمتطرفة التي ظهرت على السطح مع انطلاق ما يسمى بثورات الربيع العربي الذي تحول إلى خريف دموي في كل الدول التي كان لها نصيب من هذه الثورات وأكبر دليل على أن ما تشهده دول هذه الثورات مجرد مؤامرة، هو أن ما يحرك هذه الثورات ويشعلها في هذه الدول تنظيمات وجماعات دينية وإن اختلفت المسميات كما سبق وذكرت.
في مصر وعلى سبيل المثال لا الحصر ظهرت جماعة "أجناد مصر" بعد أن تلاشت الأضواء عن جماعة "أنصار بيت المقدس" إلى حد ما .. هذه الجماعة أقصد "أجناد مصر" كشفت تحقيقات النيابة مع المتهمين من أعضائها أنهم كانوا في طريقهم لتصنيع غواصة وطائرة وإنسان إلى لتفجير المنشآت العامة والحيوية .. وقاموا بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في مناطق عدة أبرزها في جامعة القاهرة وكوبري الجيزة وقسم الطالبية ومعسكر الأمن المركزي بطريق مصر الاسكندرية الصحراوي ومحطات مترو الأنفاق، واستهداف ضباط وأفراد الشرطة مثل اغتيال العميد طارق المرجاوي مدير مباحث الجيزة أمام جامعة القاهرة والعميد أحمد زكي بقطاع الأمن المركزي أمام منزله والرائد محمد جمال أثناء استهداف نقطة مرور ميدان لبنان بضاحية المهندسين!!
جديد هذه المؤامرة، هو ما نسب إلى أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة عن تشكيل "الجيش الفاتح" على حدود ليبيا بهدف اقتحام الحدود المصرية ومحاربة الجيش المصري .. ويضم "الجيش الفاتح" حوالي 500 مسلح، ويسعى هذا الجيش إلى زيادة عناصره إلى 15 ألف مسلح .. وقبل ما يسمى بـ"الجيش الفاتح" سمعنا عن الجيش المصري الحر الذي يتخذ من ليبيا أيضا مأوى له، وكلها مسميات صنيعة أجهزة مخابراتية تحت إمرة دول وأنظمة توفر لها المال والسلاح. ولعلنا لا ننسى أن تنظيم القاعدة نشأ وترعرع برعاية ودعم أميركي لمحاربة السوفيت في أفغانستان!!
إن مصر تواجه خطرا متزايدا من جانب حدودها الغربية مع ليبيا، ما يهدد أمنها القومي وقد يدفعها إلى الدخول في حرب بالوكالة داخل الأراضي الليبية للقضاء على الجماعات الإرهابية التي تتسلل عناصرها إلى الأراضي المصرية للقيام بعمليات إرهابية كما حدث مؤخرا في الهجوم على كمين "الفرافرة"، ما أدى إلى مقتل 22 ضابطا وجنديا ثم ورود أنباء عن مقتل 23 مصريا في قصف صاروخي على منزلهم بحي "الكريمية" بالعاصمة الليبية طرابلس، وبعد أن نعت الخارجية المصرية ضحايا هذا الهجوم نفت حدوثه تمشيا مع ما أعلنته السلطات الليبية .. هذا هو السيناريو الذي يجري إعداده حاليا لتوريط الجيش المصري في حرب لا طائل من ورائها سوى إضعافه وإنهاكه وتشتيت جهوده تماما!!
وفي العراق وسوريا تتفنن "داعش" وأخواتها في قتل كل من يعترض طريقها، وتشعر باللذة وهي تذبح خصومها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وتقوم بالتمثيل بجثثهم وتعليقها على أعمدة الجسور والشوارع وتفرض الجزية على المسيحيين في العراق، ما أدى إلى نزوح الكثر منهم إلى دول مجاورة وأخرى أوروبية .. كل ذلك باسم الإسلام، والإسلام منهم براء .. وفي غزة تمارس إسرائيل هوايتها المفضلة في قتل أطفال فلسطين تحت سمع وبصر العالم كله ليتحول العيد في وطننا العربي إلى سرادق عزاء كبير، ولا عزاء للعرب!!