[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هؤلاء " الفنانون "السوريون الذين ناصبوا العداء لوطنهم الأم سوريا، لابد أن يغيروا مفاهيمهم بعدما اتضح لهم طبيعة الصراع ضد القوى المسلحة الإرهابية التي لاتريد فقط إسقاط الدولة والنظام، بل تدمير الجيش والمؤسسات كافة وطحن الشعب وتغيير كل أشكال الدولة القائمة وإنهاء دور سورية العربي وفتح الطريق لإقامة علاقات مع الكيان الإسرائيلي وغيره.
إذا كان الفنان ابن بيئته وهو الأكثر حرصا على وطنه، فإن في التاريخ الفني العربي مايعني كم من الفنانين كان ملتزما ببلاده إلى أقصى الحدود، وعاش معها السراء والضراء وحزن لحزنها وابتسم وفرح لنجاحها.. أم كلثوم مثلا، قررت بعد نكسة يونيو 1967 التوقف عن الغناء، فأرسل وراءها جمال عبد الناصر ليقول لها أن غناءها هو المطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى .. بل إنها حين استقال عبد الناصر، لم تتقبل الفكرة من أساسها، فذهبت إلى الإذاعة وقدمت لحنا كتب ولحنا بيوم واحد تطالبه فيه بالعودة. عبد الحليم حافظ مثلا، حين بدت معركة يونيو تلك، بادر إلى ملازمة الإذاعة المصرية مكابرا على مرضه ليقدم مجموعة أغنيات قصيرة هي عبارة عن نداءات، فكان نشيد " إنذار " موجها إلى أعداء الأمة ، ثم " ابنك يقولك يابطل " و" أحلف بسماها وبترابها " و" خلي السلاح صاحي " ..
جميع الفنانين في مصر تقدموا في تلك الأيام لأخذ دور ومساهمة في معركة الوطن .. ولا نزال نتذكر أم كلثوم أيضا، تلك الفنانة المحترمة التي قررت بعد الهزيمة القيام بحملة حفلات في العالم العربي والعالم، على أن يعود ريعها للمجهود الحربي، ويوم غنت في باريس، ارسل لها الرئيس الفرنسي آنذاك الجنرال ديجول برقية يتحدث فيها عن أنه لايفهم ماتغنيه لكن كلماتها تمس روحه واعتبرها خير سفيرة لبلادها في هذا الوقت العصيب.
لايمكن لفنان يحترم ذاته وفنه إلا أن يكون إلى جانب بلاده في محنتها، فكيف حين تكون سوريا معلقة على مقصلة وأكثر من ثمانين جلادا يمارسون تعذيبها والتعدي عليها، وهي بقوة ذاتية لامثيل لها تدافع بنجاح عن نفسها وتقدم الشهداء والتضحيات التي تؤرخ لىسنوات لن تنسى.
دور الفنان الوطني هو في تلك الأيام التي يتأرجح فيها الوطن والكل يتناتشه ولا معين له سوى أبنائه البررة، وهذا مايحصل اليوم لسوريا العربية .. والغرابة أن بعض الفنانين الذين نشك بفنهم، مازالوا على حال من الخصام والعداء مع وطنهم دون تراجع عن مواقفهم أو دون التوقف عن الكلام بحقه.
لا يحتاج الأمر إلى الكثير من التنظير في دور الفن سواء في حالة السلم أو في حالة الاعتداء على الوطن من الداخل أو في حالة الحرب ضد قوى خارجية، أو في الدور الطبيعي الذي يجب أن يلعبه الفنان دائما كي يكون التصاقه بوطنه هو التصاقه بذاته.
نعرف أن التاريخ لاينسى أبدا، خطواتنا الوطنية تسجل علينا أما لنا أو نتحمل مسؤوليتها طوال عمرنا ولأحفاد أحفادنا. ونعرف أن الأغنية أو المقطوعة الموسيقية لن تنقذ البلاد، لكنها موقف يسجل لصالح صاحبه، بل أثر فني له أهميته في الأيام الوطنية السوداء التي تحتاج إلى الجميع وفي الطليعة منهم المثقفين والفنانين ..
سوريا تطالبكم بما لها من دالة كأم لكم بحاجة لأن تكونوا في صفوف شعبها الذي يكتب اليوم وجوده وأن يكون أو لايكون.