في هذا العدد من أشرعة يواصل الكاتب عبدالله الشعيبي تقديم زاويته "النقد الثقافي"، حيث يتناول موضوع "الأعشاب.. طب البيوت الوقائي" متحدثا عما تشكله البيئة المجتمعية العمانية القديمة من مناخات خصبة للمشاهدات والقراءات المتصلة بطبيعة الخصوصية التي جعلته يكون على وفاق جيد مع التفاصيل المرتبطة بهم، يوميّها وأسبوعيّها وشهريّها وسنويّها، وهي بهذه الصيغة تشكل معالم قابلة للقراءة الثقافية، وإن بدت ـ في ظاهرها ـ أنها بعيدة كل البعد ذلك، بسبب ما يوحيه ظاهرها من اختصاص ما، بينما نبتعد عن ما يقربنا من الممارسة الفعلية لذلك الظاهر، التي تعتبر هي لب الفعل الثقافي للمجتمع، وهي فلسفته التي ارتآها وارتضاها للكيفية التي يتفاعل بها مع الأشياء، من واقع أنها كانت معنية باهتمامه وصميم جوهره، تماما مثلما تفعل الأعشاب ذات الوظيفة الوقائية في البيوت العمانية القديمة. ويغوض "الشعيبي" في الممارسات المجتمعية القديمة بشتى أوجه حضورها لما تمثله وتشكله كحجر زاوية معرفية أصيلة ومهمة في البيئة العمانية القديمة.
ويحاور الزميل وحيد تاجا في هذا العدد الفنانة التشكيلية سوسن وتي التي تعتبر أن الفن هو بُعد إنقاذٍ من شمولية خطيرة، أياً كانت هذه الشمولية؛ دين، دولة، مجتمع، إيديولوجيا.. وعملية تثوير الثقافة تقع على عاتق الفن دائماً ، وعن المرأة، التي لاتغيب عن لوحة من لوحاتها، أكدت أن المرأة هي فرصة نجاة للمجتمع وهي التي تتقدم الحقيقة وتسبقها ذاتيا، ورأت أنه لو قدر للمرأة لعب دور رئيسي وقيادي، حينئذ ستختفي الحروب وينتشر الحب.
من جانبها النقدي في "الفن التشكيلي" تقدم الباحثة والتشكيلية دلال صماري رؤيتها لـ "مشهد من دلفت" لـ "يوهانس فيرمير" الرسَّام الهولندي، الذي يعتبر من أكبر فناني القرن الـ17 الميلادي في أوروبا بالرغم من قلة عدد اللوحات التي تركها مقارنة بغيره من فناني جيله.
وتضيف "صماري" من خلال لوحتين فقط رسمهما "فيرمير" لمشاهد خارجية استطاع التنبؤ بمبادئ الانعطافة الجذرية للانطباعية، الا وهي اولا تغيير أسلوب النظر الى الطبيعة والعالم الخارجي بحيث ينعكسان في اللوحة تلقائيا من حيث الزمن والاحساس، ثانيا السعي الى اللحاق بالواقع في حركته المستمرة وخاصة اللحاق بتأثيرات الضوء التي تغير وجهة الأشياء وحقيقتها، وثالثا المهم ليس تفاصيل الموضوع المختار ولكن إحساسه به . وقد كانت لوحة "مشهد من دلفت" لوحة تسبق الانطباعية وتبشر بها، وقد قيل عنها إنها أجمل لوحة في العالم من قبل الروائي الفرنسي مارسيل بروست الذي كتب عنها وعن دلفت في روايته "البحث عن الزمن المفقود" والتي يصف فيها دهشته والانطباع الذي انتابه لحظة لمحها لأول مرة سنة 1921 بمتحف "جو دي بوم" خلال المعرض الاول من نوعه في مدينة باريس للفن الهولندي، حيث كانت ضمن 3 لوحات للفنان.
أما الشاعر والكاتب المصري المقيم في السلطنة هشام مصطفى فيواصل تقديم رؤيته حول الأبعاد الحقيقية لقصيدة لي ما يبرر وحشتي هذا الصباح لـ" يحيى السماوي" من منظور الشعر السياسي حيث يتناول في هذا العدد "البعد الدلالي لشخوص القصيدة وعتبة النص والبنية للجملة الرئيسة والبناء المعماري للقصيدة".
كما يقدم الزميل طارق علي سرحان هذه المرة رؤيته حول الصناعة التي تعيد الروح إلى السينما المصرية.