دمشق ـ «الوطن»:
توجت سنة 2017 بسلسلة إنجازات عسكرية في سوريا غيرت ميزان القوى على الأرض لصالح الجيش السوري الذي بات يسيطر على نحو 55 في المئة من مساحة سوريا بعد خسائر كبيرة منيت بها التنظيمات المسلحة وانحسار تنظيم داعش على حد سواء. الانتصارات في 2017 توجت بلقاء الرئيسين الحليفين الأسد وبوتين في سوتشي وحميميم.. ذلك كله وضع سوريا بعد سبع سنوات من حرب مدمرة على طريق الخلاص نهائيا من الإرهاب.

أبرز الانجازات العسكرية في 2017 كان طرد تنظيم داعش من معاقله الأساسية في مدن كبيرة ومساحات شاسعة من البادية والمنطقة الشرقية من البلاد. . هذه الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش العربي السوري بالتعاون مع الحلفاء منحت الدولة السورية نقاطا استراتيجية قوت موقفها في معركتها ضد ما تبقى من مجموعات ارهابية مبعثرة من جهة وفي معركتها الدبلوماسية في مفاوضات جنيف واستانا حول أي مشروع تسوية سياسية من جهة اخرى فبعد سيطرة الجيش العربي السوري في العشرة أيام الاخيرة من عام 2016 على الاحياء الشرقية لحلب وتوحيد المدينة واخراج المسلحين منها في اكبر انتكاسة للمجموعات المسلحة في سوريا امتلك الجيش السوري في 2017 زمام المبادرة على الأرض بدعم من حلفائه ايران وحزب الله وروسيا اضافة الى التعاون العراقي على الحدود وسيطر على مناطق واسعة أبرزها مدن دير الزور والبوكمال وأحياء في دمشق ومناطق في ريفها.

اول معارك الجيش السوري في عام 2017 كانت منطقة وادي بردى بريف دمشق الشمالي الغربي خزان المياه المغذي لدمشق المكونة من 13 بلدة وقرية وكانت تحت سيطرة تنظيم جبهة النصرة الذي عمد الى قطع مياه نبع الفيجة عن العاصمة ما جعل ما يزيد عن 6 ملايين شخص عطشى لاكثر من شهر وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة «بجريمة حرب» وبعد معركة استمرت 35 يوما أطبق الجيش السوري على المسلحين وسيطر على بلدة نبع الفيجة وفي 28 يناير تم اثر ذلك التوصل الى اتفاق تسوية قضى بخروج المسلحين غير الراغبين بالتسوية مع عائلاتهم الى شمال سوريا محافظة ادلب.

اثر انشغال الجيش السوري وحلفائه في المعركة المفصلية في حلب وزج عديد القوات في هذه المعركة استغل تنظيم داعش هشاشة الوضع الميداني في تدمر الأثرية في محافظ حمص وسط البلاد وسيطر عليها مجددا في منتصف يناير 2016 وبعد استعادة حلب اطلق الجيش السوري في فبراير 2017 مدعوما من الطيران الروسي عملية عسكرية لاستعادة مدينة تدمر وتمكن من دحر إرهابيي داعش منها في الثاني من مارس. وسبق لداعش السيطرة على المدينة في مايو 2015 واستعادها الجيش في مارس 2016. وفي العاصمة تعزز الأمن والاستقرار في انهاء تواجد تنظيمات مسلحة من احياء على اطراف دمشق سواء بالعمل العسكري او بانجاز تسويات حيث تمكن الجيش السوري في منتصف مايو بعد عملية عسكرية من استعادة حي القابون شمال دمشق وانجاز اتفاق تسوية في حي برزة وجزء من حي تشرين قضى بترحيل المسلحين المعارضين للتسوية مع عائلاتهم الى ادلب وكانت هذه الاحياء تعد ابرز معاقل الفصائل المسلحة في دمشق منذ العام 2012 وتقع على المدخل الشمالي الرئيس للعاصمة.

وفي ريف العاصمة انهى الجيش السوري بالتعاون مع حزب الله في عملية عسكرية اطلقت على آخر معاقل ارهابيي جبهة النصرة وداعش في جرود فليطة بالقلمون الغربي وبلدة عرسال اللبنانية وترحيل ارهابيي جبهة النصرة الى ادلب وارهابيي داعش الى دير الزور في 28 أغسطس الذي سجل سقوط الارهاب على الحدود السورية اللبنانية وتأمينها بالكامل وتشهد الأيام الأخيرة من العام 2017 سقوط جبهة النصرة في اخر معاقلها في بيت جن ومغر المير بريف دمشق الجنوبي الغربي على امتداد ريف القنيطرة الشمالي ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة والجولان المحتل في عملية عسكرية واسعة افضت الى اتفاق تسوية يقضي بخروج المسلحين الى ادلب . وفي حمص وسط سوريا سيطر الجيش في 21 مايو على كامل مدينة حمص بعد ترحيل مسلحي حي الوعر آخر معقل للارهابيين في المدينة وفق اتفاق تسوية بنقلهم الى ادلب لتصبح كامل المدينة التي كانت تطلق عليها التنظيمات المسلحة «عاصمة الثورة» تحت كنف الدولة السورية. في اوائل شهر مايو اطلق الجيش السوري وحلفاؤه عملية «الفجر الكبرى» لاستعادة البادية والوصول إلى دير الزور المحاصرة والتي شملت خمسة محاور محور ريف السويداء الشمالي الشرقي باتجاه الحدود الأردنية ومحور ريف دمشق باتجاه معبر التنف على الحدود السورية العراقية الاردنية ومحور ريف حمص الشرقي على اتجاه تدمر/ السخنة / دير الزور ومحور ريف حماه الشرقي سلمية /عقيربات ومحور ريف حلب الشرقي على اتجاه الرصافة الى الحدود الادارية مع الرقة ضفة نهر الفرات وصولا للحدود الإدارية مع دير الزور.

والهدف النهائي من العملية العسكرية الواسعة فك الحصار عن دير الزور وانهاء تواجد تنظيم داعس. .بعد شهرين على اطلاق العملية باتت الغالبية الساحقة من مناطق البادية تحت سيطرة الجيش السوري والحلفاء الذين دخلوا حدود دير الزور من ريف الرقة بالتزامن مع سيطرتهم على بلدة السخنة في الخامس من أغسطس التي تُعد المدخل الجنوبي لطريق ديرالزور واستعاد الجيش حقول النفط في هذه المنطقة وتقدم الجيش باتجاه التنف الى ان ما يسمى بالتحالف الاميركي استهدف من قاعدته بالتنف على الحدود العراقية ثلاث مرات قوات الجيش المتقدمة فقامت القوات بعملية التفاف شمال التنف ووصلت الحدود العراقية والتقت القوات بعد نحو سبع سنوات وباتت معظم مناطق الوسط السوري آمنة جبال القلمون الشرقي وأرياف مدينة تدمر استعيدت بوقت قياسي ليبدأ بعدها العمل الميداني نحو عمقِ البادية والذي تزامن مع استعادة مناطق ريف الرقة الجنوبية وصولا لحدود دير الزور من الاتجاه الغربي وفي ريف السويداء وصل الجيش الى الحدود الأردنية واستعاد المخافر الحدودية واطل على مخيم الركبان للاجئين. وفي ريف حلب الشرقي سيطر الجيش السوري في الرابع من يونيو على بلدة مسكنة وطرد تنظيم داعش من ريف حلب الشرقي وبالنتيجة من كامل المحافظة الشمالية. واثر عملية عسكرية واسعة بدعم روسي فك الجيش السوري في سبتمبر حصارا محكما فرضه تنظيم داعش قبل نحو ثلاث سنوات على الأحياء الغربية لمدينة دير الزور والمطار العسكري المجاور لها ليستكمل بعدها عملياته العسكرية في المنطقة الواقعة على الضفاف الغربية لنهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى قسمين.

وتمكن في 14 أكتوبر من السيطرة على مدينة الميادين ثم في الثاني من نوفمبر على كامل مدينة دير الزور وواصل تقدمه شرقا ليسيطر بدعم ايراني ومن حزب الله وغطاء جوي من القاذفات الروسية وضغط الحشد الشعبي من الطرف العراقي للحدود من السيطرة على مدينة البوكمال الحدودية مع العراق آخر مدينة كانت لا تزال في أيدي التنظيم التكفيري في سوريا.

قوات قسد والتحالف الدولي
وفي الجانب الميداني ولكن من جهة قوات سورية الديمقراطية وقوامها الكرد والتي تعرف بقوات قسد المدعومة من التحالف الدولي بقيادة اميركا تمكنت قوات قسد بغطاء جوي كثيف من التحالف الدولي بعد عدة اشهر من السيطرة على مدينة الرقة في السابع عشر من أكتوبر لكنها لم تكتف بذلك فسرعان ما نقلت المعارك شرقا الى ريف دير الزور وسيطرت على حقول نفط أهمها العمر وكونيكو وتمددت على ضفة الفرات باتجاه مدينة دير الزور بهدف الوصول الى مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية لكن الجيش العربي السوري وحلفائه كان لهم السبق بالوصول الى المدينة والسيطرة عليها.

وبعد فترة من الصمت حيال قوات قسد وصف رئيس النظام السوري بشار الأسد الكرد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة بـ «الخونة» وقال الأسد في تصريح صحفي في 18 ديسمبر ، إن «كل من يعمل تحت قيادة أي بلد أجنبي في بلده وضد جيشه وضد شعبه هو خائن، بكل بساطة، بغض النظر عن التسمية، هذا هو تقييمنا لتلك المجموعات التي تعمل لصالح الأميركيين». على المسار السياسي : ما بين استانا وجنيف شهدت الجبهات الرئيسية في سوريا منذ 30 ديسمبر وقفا لاطلاق النار بموجب اتفاق روسي تركي ومنذ ذلك الحين تراجعت وتيرة العمليات العسكرية دون ان تتوقف بالكامل حيث استثنى الاتفاق وهو الأول بغياب أي دور لواشنطن التي كانت شريكة موسكو في اتفاقات هدن سابقة التنظيمات المصنفة ارهابية وعلى رأسها تنظيم داعش وجبهة النصرة . وتمكنت روسيا من الحصول على دعم مجلس الامن للخطة الروسية التركية لوقف اطلاق النار والدخول في مفاوضات للوصول الى حل سياسي مع حرص كل من تركيا وروسيا على التأكيد ان محادثات استانا لا تشكل بديلا من مفاوضات جنيف .

في الثالث والعشرين من يناير جرت مباحثات في استانا عاصمة كازاخستان على مدى يومين بوفد عن الحكومة السورية ووفد عن الفصائل المعارضة و للمرة الاولى برعاية تركيا الداعمة للمعارضة بهدف اساسي تثبيت اتفاق وقف اطلاق النار ونجحت المباحثات بتحقيق ذلك حيث اتفقت روسيا وتركيا وايران الدول الراعية لمحادثات السلام حول سوريا في استانا على انشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف اطلاق النار في سوريا في ختام يومين من المحادثات . وفي السادس من فبراير أنهت وفود من روسيا وايران وتركيا والأمم المتحدة اجتماعا على مستوى الخبراء لمجموعة العمل المشتركة حول الازمة فى سوريا فى العاصمة الكازاخية حيث تم بحث مسالة تنفيذ اتفاق وقف العمليات القتالية فى سوريا والاجراءات الخاصة بانشاء آليات الرصد والمراقبة الفعالة من أجل ضمان الامتثال الكامل بهذا الاتفاق ومنع أي استفزازات 0 وفي 16 شباط عقدت جولة من المباحثات في استانا دون إحراز أي تقدم في المحادثات التي جرت برعاية روسيا وتركيا وايران، والساعية لتثبيت وقف إطلاق النار الهش في سوريا وفي الثالث والعشرين من فبراير عقدت الجولة الرابعة من الحوار السورى السورى فى جنيف بمشاركة وفد الجمهورية العربية السورية برعاية الامم المتحدة عبر لقاءات يجريها الموفد الدولي الخاص.

في مايو وضمن جولة محادثات استانا وقعت روسيا وتركيا وإيران مذكرة تقضي بإنشاء «مناطق تخفيف التوتر» في سوريا وتضمنت ثماني محافظات تتواجد فيها الفصائل المعارضة وهي محافظة ادلب وأجزاء من محافظات اللاذقية وحماة وحلب والغوطة الشرقية بريف دمشق وفي أغسطس لم تثمر المفاوضات التي جرت في أستانا او جنيف اية نتائج تذكر.لكن في السابع من أغسطس اتّفقت الولايات المتحدة وروسيا على مذكرة تفاهم لإقامة منطقة خفض تصعيد في الجنوب السوري وتشمل درعا والقنيطرة والسويداء. وخلال الجولات التي عقدت في جنيف واستانا وكان آخرها الشهر الحالي لم ينجح وسيط الأمم المتحدة في جمع مندوبي المعارضة والحكومة حول طاولة واحدة او ان تفضي الى اي نتائج فيما يراود الامل الاغلبية بمؤتمر الحوار الوطني السوري السوري المرتقب عقده في جنيف. ومن التغيرات التي حصلت في 2017 قرار وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) إنهاء برنامجها لدعم فصائل المعارضة السورية الذي بدأ قبل أربع سنوات التي تقاتل الجيش السوري . كما اعلن الرئيس الاميركي وقف مد ما يسمى بقوات قسد بالاسلحة بعد قمة سوتشي جمعت الرؤساء بوتين وروحاني واردوغان . ومن نتائج الانجازات العسكرية في سوريا عودة أكثر من 600 ألف سوري الى بلدهم منذ بداية 2017 وفق المنظمة الدولية للهجرة . ورغم سحب روسيا لجزء من قواتها بعد تحقيق الانتصار على داعش الى ان الدعم الروسي لسوريا يتعزز أكثر فاكثر فقد صدق مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسى على البروتوكول الملحق بالاتفاقية الروسية السورية الخاصة بنشر مجموعة من القوات الجوية الفضائية الروسية فى سوريا. اضافة لاعلان روسيا عن توسيع قاعدتها العسكرية في طرطوس.

وخلال 2017 تغيير المزاج الدولي نحو القبول بالأسد ولم يعد رحيله اولية لرؤساء أوربيين كما ادلوا بذلك ومنهم الرئيس الفرنسي ماكرون الذي يبدو اكثر حماسا للتقارب مع سوريا. عدوان اميركي واسرائيلي على سوريا في 2017 في السابع من أبريل قصفت طائرات اميركية مطار الشعيرات جنوب تدمر بـ 59 صاروخ توما هوك ما ادى الى مقتل 6 عسكريين و9 مدنيين اضافة الى اضرار مادية بالمطار في حين بقي مدرج الطيران صالح لاقلاع الطائرات . . اضافة الى استهداف طلائع القوات المتقدمة باتجاه معبر التنف الحدودي ثلاث مرات بضربات صاروخية فضلا عن عشرات الضربات التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى من المدنيين في دير الزور والرقة بدعوى شنها غارات على تنظيم داعش . اما العدو الاسرائيلي فكثف من اعتداءاته فى اطار دعمه للتنظيمات الارهابية ورفع معنوياتها حيث قصف طيران العدو الاسرائيلى في 13 يناير مطار المزة العسكري غرب دمشق ما أدى إلى اندلاع حرائق.. وفي الثامن من فبراير قامت إسرائيل باستهداف مبنى سكنى فى مدينة البعث بالقنيطرة بصاروخ أطلقته مروحية من خلف تل أبو الندى داخل الاراضى المحتلة من دون وقوع خسائر وفي الاول من أغسطس استهدفت اسرائيل موقعا للجيش في ريف القنيطرة. كما قصف نقاط للجيش في منطقة مصياف في حماه وجمرايا والكسوة ومحيط مطار دمشق الدولي بريف دمشق وقرب مطار التيفور في حمص.

الرئيسان الاسد وبوتين يتوجان نهاية عام 2017 بلقائين الاول في سوتشي والثاني في حميميم بعد هذه الانجازات الميدانية كان لابد ان يلتقي الرئيسان السوري والروسي بشار الاسد في الواحد والعشرين من نوفمبر قام الرئيس بشار الاسد بزيارة رسمية إلى روسيا والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي وخلال اللقاء قال الرئيس بوتين إلى أن المهم الآن في سوريا هو الانتقال للعملية السياسية وأضاف آمل أن نضع نقطة النهاية في مكافحة الإرهاب في سوريا في أقرب وقت ممكن و هنأ الرئيس الروسي نظيره السوري على النتائج التي حققتها سوريا في مكافحة الإرهابيين الرئيس الأسد من جانبه صرح أنه بفضل روسيا تم إنقاذ سوريا كدولة، وأضاف بأن النجاحات التي تحققت بفضل القوات الجوية الروسية والجيش السوري خلال العامين واضحة وبعد عشرين يوما زار الرئيس بوتين سوريا لاول مرة في الحادي عشر من ديسمبر والتقى الرئيس الأسد في قاعدة حميميم العسكرية الروسية في اللاذقية واستعرض الرئيسان الأسد وبوتين القوات العسكرية الموجودة في القاعدة وعقدا اجتماعاً ثنائياً كما ترأسا اجتماعاً موسعاً ضم كبار القادة العسكريين الموجودين في القاعدة .