على الرغم من الجهود التي كانت تبذل طوال السنوات الماضية لإيجاد فرص عمل للباحثين عنه من المواطنين من مختلف التخصصات، والمؤشر الذي وصل اليه اعداد العاملين في القطاع الخاص حتى الآن مستخدمة في ذلك الجهة المعنية ما تملكه من أدوات واجراءات قانونية وفي مقدمتها احكام قانون العمل الذي يعطي أولوية فرص للعمل للمواطنين، إلا ان نتيجة تزايد المخرجات كان لابد من اشراك الجهات ذات العلاقة الوطيدة بعدد من القطاعات المولدة لفرص العمل وأن يتم الانتقال لمواجهة ما هو قادم من تحد في هذا المسار من الجهد الفردي إلى الجهد الجماعي على اعتبار ان الجميع مسؤول امام الوطن والقائد بان يحظى أبناء عمان بفرص عمل تؤمن لهم مصدر رزق وتأخذ بأيديهم لحمل أمانة ومسؤولية بناء الوطن ودعم مسيرة التنمية الشاملة في كافة المجالات، فاليد الواحدة مهما حاولت لا تصفق تلك حقيقة مسلم بها.
فإنجاح أي توجه أو مشروع لاشك يحتاج لجهد أو عمل جماعي كل فيما يعنيه أو يخصه حتى تتكامل الأدوار بين كافة شرائح المجتمع سواء كانوا افرادا أو مؤسسات أهلية خاصة أو حكومية، وما يحتاج إلى الجهد الجماعي والعمل معا خلال هذه المرحلة والمراحل القادمة قضية تشغيل الباحثين عن عمل الذي سبق وان تحدثنا عنها مرارا وتكرارا ، فهي الشغل الشاغل والهاجس الذي يؤرق دوائر صنع القرار في كافة دول العالم، وبالتالي فان الخطوة الإيجابية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا بتخصيص 25 ألف فرصة عمل في القطاعين العام والخاص تحتاج الى تكاتف كل الجهود من اجل إرساء قاعدة ومنطلق تبنى عليه قضية التشغيل، والانتقال من النظرة الضيقة التي تعتقد بان مسؤولية ذلك تعنى به جهة واحدة، الى شمولية النظرة بان تكون تلك المسؤولية تعنى بها كافة شرائح ومفردات المجتمع الشاب الباحث عن عمل والاسرة والمجتمع وصاحب العمل والمؤسسات المشرفة على القطاع الخاص والحكومة تطبيقا لشعار معا نعمل، وهذا في اعتقادي المنهج الصحيح الذي يفترض أن تسير عليه كافة مسارات الخدمة التي يستهدف من خلالها رقي الإنسان وتنمية وتطوير المجتمع.
التوجه الإيجابي الذي بدأته الحكومة مؤخرا وهي تضع خطتها لتوفير فرص العمل للشباب الباحث عنه بإشراك الجهات المعنية بالقطاعات الخدمية المستهدفة لتوفير فرص العمل وان يكون دورها أساسيا في ذلك الى جانب دور وزارة القوى العاملة، يعد نقلة نوعية في أسلوب العمل الجماعي لمواجهة مثل هذه القضايا، فالعمل معا لاشك يوفر المزيد من الوقت والجهد ويسرع في عملية الإنجاز المطلوب تحقيقه، ويشعر الجميع بانه ساهم بدور وطني وسجل حضورا كان له أثره الإيجابي في الجهد والمسار التنموي، وعلى الجانب الآخر تشعر تلك القطاعات وأعنى هنا منشآت القطاع الخاص بان التوجه خلال المرحلة القادمة يجب ان يكون مبنيا بشكل اكبر عن ذي قبل بان تكون فرص العمل أولويتها للمواطن وهو في الواقع تفعيل جماعي لأحكام قانون العمل، وان مخرجات العشرات من المؤسسات التعليمية والتدريبية سنويا يجب ان تشق طريقا إلى سوق العمل الذي تمثله هذه القطاعات كل في مجال تخصصه، على اعتبار ان هناك قطاعات واعدة ومولدة لفرص العمل مثل الصناعة والسياحة واللوجستيات والزراعة والثروة السمكية وتلك المرتبطة بتقنية المعلومات وكثير من تخصصات ومهن الإنشاءات فضلا عن قطاع النفط والغاز والنقل والاتصالات، صحيح من خلال اللقاءات التمهيدية التي تمت مع القطاعات المستهدفة خلال المرحلة الأولى من عملية الإعداد والتحضير لتنفيذ خطة التشغيل بحضور القيادات الحكومية فلنقل المشرفة أو المعنية عن هذه القطاعات وأعني أصحاب المعالي الوزراء، ان هناك رغبة حقيقية لترجمة توجه الحكومة في هذا المجال، وذلك مؤشر إيجابي يؤسس لمسار اكثر سلاسة وسهولة في التعاطي مع موضوع الباحثين عن العمل التي يتوقع لها ان تتزايد سنويا، لكن أيضا في المقابل لتأمين درجة النجاح المطلوبة فان ذلك يعتمد على العنصر المستهدف وهو الباحث عن عمل المطالب ان تكون نظرته الى فرصة العمل المرشح لها واقعية، وان تكون خياراته المتوقع منها في أضيق الحدود على اعتبار أن الأفضل المطلوب من حيث طبيعة العمل والاجور والحوافز تعتمد على أن يكون هو الأفضل من حيث توفر الخبرة والمعرفة أو الإلمام بطبيعة فرصة العمل الذي يطمح اليها.
فهناك فرصة يمكن أن يحصل عليها الباحث عن عمل في نفس مجال تخصصه العلمي، إلا أنها من وجهة نظره لا تلبي طموحه من حيث الأجر أو الحوافز أو حتى الموقع أو المنشأة على سبيل المثال، إلا أن قبولها كبداية لايعني بأي حال من الأحوال ان تكون لصيقة به طوال حياته العملية، وإنما يعتبرها دورة تدريبية لكسب الخبرة عمليا وبوابة عبور لما هو أفضل، فهناك الكثير من الحالات التي اتبعت هذا المنهج وها هي اليوم تتبوأ مناصب قيادية في كبرى شركات القطاع الخاص بل حتى الوحدات الحكومية، كما أن هناك الكثير من الخيارات مطروحة فإذا لا يرغب الباحث عن عمل أن يكون أجيرا عند أحد، يمكنه الاستفادة من البرامج ومنها ريادة ليكون صاحب عمل مستقلا بذاته من خلال الحصول على الدعم المادي للبدء في مشروعه التجاري، وفِي كلتا الحالتين لابد من الاسرة ان تكون داعمة لأبنائها وينسجم توجيهها لهم مع التوجه الذي تقوم به الحكومة لتوفير فرصة عمل لكل مواطن، وأن يعطي المجتمع بصفة عامة المزيد من الثقة لأبناء الوطن خاصة أولئك الذين يقومون على مشاريعهم وأنشطتهم التجارية الخاصة، بالتعامل معهم والصبر عليهم كما سبق لهم ومازالوا صابرين على القوى العاملة الوافدة، وأن يكون شعارنا من الآن معا نعمل، لأن تقدم ونهضة أي أمة لا تتحقق إلا إذا عمل الجميع معا.

طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]