[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
إن الإنجاز العلمي السوري الجديد الذي يمثله هذا المعرض سوف يقلل من الكلفة المالية قياسا بالكلفة المطلوبة لشراء معدات من الخارج, مع مراعاة حقيقة إضافية أن هذا العقل الذي استطاع أن يصمد ويتكيف مع ظروف الحرب بكل ما تحمل من مآسٍ هو عقل يستطيع أن يفلت من الجزع والمطبات التي رسمت له.

أن تكون هناك 700 مشاركة في معرض الإبداع السوري الذي انعقد على هامش معرض دمشق الدولي, وأن تكون الأفكار التي انطلق على أساسها هذا المعرض هي أفكار سورية خالصة, فهذا بحد ذاته يشير إلى أن كل التصدعات التي استهدفت عقول المواطنين هناك خلال السنوات الست الماضية لم تستطع أن تثلم عزيمتها في التأسيس إلى المزيد من التطلعات التي تسعى إلى تثبيت الضرورة الوطنية في أسبقياتهم على طريق التطور والملازمة الحقيقية لمتطلبات النمو المثمر، وليس النمو الذي يتكل على منتجات العقول الأخرى. ورغم أن هذا المعرض لم ينل من المتابعة الإعلامية ما يستحقه بفعل تفرغ الكثير من وسائل الإعلام إلى حيثيات المعارك الميدانية والعناوين التجارية التي جاء بها معرض دمشق الدولي فإنه في الحقيقة قد أكد أن الفرصة في إعادة الإعمار هناك، واستثمار منتجات العقل ليست بعيدة المنال، وستكون بديلة قوية لشهية شركات إقليمية وعالمية عبرت عن استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سوريا بعد أن تكون الحرب قد وضعت أوزارها في المدى المنظور.
كما يمثل معرض الإبداع السوري بالنسخة العلمية المتحققة إسقاطا لرهانات الذين أمعنوا في محاولات رامية إلى ضياع البوصلة الوطنية الحاضنة لمستقبل هذا البلد, وإلا كيف يمكن أن يكون العقل السوري بهذا الحضور الشبابي الكبير والمتنوع, وكيف يضع عنوان إعادة بناء سوريا محورا له إن لم يكن هذا العقل قد حافظ فعلا على الموازنة الرائدة التي يتمتع بها.
والمعرض أيضا بالحضور المنوع اللافت إنما يشير بصورة واضحة إلى أن المحاولات التي بذلت لتشتيت أولويات العقل السوري لم تنجح فعلا في هدفها مع ملاحظة أن أغلب الإبداعات التي قدمت تتعلق باختصار زمن الإنتاج وتنوع في مفرداته، وإعادة تشغيل الكثير من المصانع والمؤسسات الخدمية، وتجديد المصانع التي هربت بعض أجزائها أصابع إقليمية إلى خارج سوريا.
إن الإنجاز العلمي السوري الجديد الذي يمثله هذا المعرض سوف يقلل من الكلفة المالية قياسا بالكلفة المطلوبة لشراء معدات من الخارج, مع مراعاة حقيقة إضافية أن هذا العقل الذي استطاع أن يصمد ويتكيف مع ظروف الحرب بكل ما تحمل من مآسٍ هو عقل يستطيع أن يفلت من الجزع والمطبات التي رسمت له.
لقد كان هذا يقيني منذ الأيام الأولى للهجمة العدوانية الشرسة التي استهدفت سوريا, وأذكر أنني زرته خلال عامي 2011 و2012 وكانت العناوين التي تتصدر المشهد الإقليمي والدولي أن النظام السوري آيل للسقوط, بل البعض ذهب إلى أبعد من ذلك ووضع توقيتات بالأيام لهذا الانهيار وكنت أعاني من صعوبة المقارنة بين ما أجده في ملامح السوريين اليومية وما أسمعه وما أراه عبر شاشات الفضائيات وأجزم أن المواطن السوري قد تحسب للمأساة، بل واستطاع أن يصنع له معدلا ذاتيا من القدرة الفذة في مواجهة الويلات التي يتعرض لها على مدار الساعة، وأذكر أيضا أنني كنت في جلسة مع مجموعة من الأكاديميين العراقيين في مركز الدراسات الدولية التابع لجامعة بغداد، وكانت هناك محاضرة لأحد الباحثين الذين تطبعوا على تصدير المعلومات المزورة التي يبثها الأعلام في ذلك الوقت، وقد أشار حينها إلى أن هزيمة الدولة السورية على الأبواب, وأن الترتيبات (للاحتفال) بذلك هي الآن قيد اللمسات الأخيرة, فلم أجد إلا أن أشكك في القراءة السياسية تلك، ونصحته (بخبث) أن يستمد رؤيته عن سوريا من دراسة واقعية, بل اقترحت عليه أن يسافر إلى هناك ويذهب في جولة بسيطة إلى حي من أحياء دمشق، ويتناول صحنا من (المسبحة) ليعيد تصحيح حساباته ويتأكد أن الصمود السوري ليس قابلا للمناقشة ما دام يحكمه هذا الحس العالي بالقناعة، وأضفت إليه كيف أن بعض العملاء الذين باعوا ضمائرهم كانوا يتنقلون بين مقاهي دمشق ليحثوا بعض الشباب العطلين عن العمل على الالتحاق بما يسمونه (الثورة) مقابل إغراءات مالية كبيرة لكن نسبة السقوط في هذا الفخ كانت ضئيلة جدا لحضور العفة في محاصرة الفاقة والضغط اليومي للحاجة.
على أي حال مر معرض دمشق الدولي واجتاز معرض الإبداع السوري مرحلة الاختبار بنجاح الوضع الذي يمثل وثيقة انتصار تضاف إلى وثائق الانتصار الأخرى لوحدة سوريا، والأمل في نهاية الحرب والتأسيس لقناعات البناء المثمر الموحد مقابل تأكل جيوب (معارضة) صنع المال السياسي بعض منصاتها.
يقول الشاعر اللبناني الراحل سعيد عقل:
أمويون لو أغضبتهم
الحقوا الدنيا ببستان هشام