تهتم كل الدول في عالم اليوم بتأمين اقتصادها ضد أية هزات تسببها الأزمات المالية العالمية بين الفترة والأخرى والتي تجتاح كافة الاقتصادات وإن يكن بوتيرة متفاوتة، وثمة استطلاعات وتقارير عديدة ترصد مدى توفيق بعض الدول في الحفاظ على صيرورة حركة التنمية لديها، وتقديم الضمانات الكفيلة باستمرار الخطط الخمسية الموضوعة لتحقيق الرؤية المستقبلية للاقتصاد، وتأتي بلادنا ضمن أوليات الدول التي لاحظت التقارير الدولية أنها تحرز نجاحات في هذا المضمار، حيث عرجنا أمس على تقرير البنك الدولي الذي تضمن رصدًا بشأن الناتج المحلي الإجمالي منذ العام 1970م وحتى العام 2016م، مؤكدًا تضاعفه 275 مرة خلال تلك الفترة. وهذا يعود إلى اعتماد التنمية الاقتصادية في البلاد على محاور متعددة، وعلى محاولة التنويع الدائم في الأنشطة الاقتصادية، والأخذ بآليات الاقتصاد الحر في إطار من الرقابة الحكومية على حركة الاقتصاد والأموال، والاتجاه نحو جلب الاستثمار وتشجيعه محليًّا وخارجيًّا.
ويعزز مضي السلطنة في مسيرتها التنموية، ونحو تنشيط المشاريع القائمة الإنتاجية وإقامة أخرى واعدة، دخول حقل خزان على خط الإنتاج في بداية سبتمبر المقبل، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية للقاطرة الأولى للمحطة 500 مليون قدم مكعب من الغاز، كما تبلغ الطاقة الإنتاجية للقاطرة الثانية للمحطة والتي سيتم تشغيلها في بداية العام المقبل 500 مليون قدم مكعب من الغاز.
ما من شك أن عائد هذا النشاط الجديد والموارد المضافة من تشغيل المصنع ستكون بمثابة رافد مهم لتعزيز الاقتصاد الوطني، فضلًا عما سيضيفه من فرص التشغيل للكفاءات الوطنية، حيث إن مشروع خزان للغاز يعتبر من المشروعات الكبيرة التي شارك في إنجازها كوكبة من الفنيين والمهندسين من الأيدي والعقول الأجنبية والوطنية ذات الحرفية العالية.
وحسب سعادة المهندس سالم بن ناصر العوفي وكيل وزارة النفط والغاز فإن السوق المحلي سيكون له نصيب من كميات الغاز التي سينتجها حقل خزان، وبعض الكميات سيتم تصديرها لتغطية الطاقة الإنتاجية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال وشركة قلهات للغاز الطبيعي المسال، بالإضافة إلى تسويق كل الكمية التي سيتم استخدامها لمحطات الكهرباء وتوسعتها أو لبعض المشاريع الإضافية، مؤكدًا أنه تم تخصيص جزء من الإنتاج للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الذي سيتم توصيلها عبر أنبوب الغاز بعد الانتهاء منه في نهاية العام 2019. ما يعني أن صناعة الغاز في بلادنا من شأنها أن تفتح مستقبلًا اقتصاديًّا واستثماريًّا واعدًا، فتقديرات الإنتاج المعلنة لحقل خزان تعد عامل جذب للمستثمر الساعي إلى إقامة مشاريعه في بنية اقتصادية أساسية مستدامة، وأول ما يحقق هذه التنمية هو توافر الخامات الأولية لتشغيل الصناعات الثقيلة، كما أن التوقعات تشير إلى أن السلطنة ستستفيد من مخزون الغاز لمدة 15 سنة على الأقل مع احتمالية الحصول على المزيد منه، فضلًا عن الآمال المعقودة على إنتاج حقل خزان في رفع إيرادات الموازنة العامة للدولة، وهو ما سيعطي الحكومة الأريحية في التوسع في إقامة المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية، وإتاحة فرص التدريب والتأهيل والعمل.
إن مثل هذه المشاريع العملاقة والواعدة التي تسهم بفاعلية في الناتج المحلي والإيرادات للدولة تبعث على الطمأنينة على مستقبل اقتصادنا الوطني، من حيث تمكينه من تعدد الروافد وتنويع مصادر الدخل، وتؤكد قدرته على الوفاء بالتزامات المرحلة رغم كل الصعوبات.