[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يشير ارنولد توينبي المؤرخ المعروف إلى ان ملك بابل قد سمح لليهود بالعيش الرغيد في ظل الدولة البابلية ولقد استفاد اليهود كثيراً من الامتيازات، التي منحهم اياها الكلدان، فأصبح في صفوفهم الكثير ممن تمرسوا على اساليب الحكم والسياسة وممن أتقنوا الحرف والصناعات المختلفة، وعظم شأنهم بين البابليين (أنبياء إسرائيل ص202).
وتعترف المصادر اليهودية بأن اليهود في بابل، اصبحوا في غضون مدة وجيزة اغنى اهل بابل، فبعضهم امتلك الأراضي الزراعية والبعض الآخر كان يزرع بالفعل في الأراضي التي اقتطعت لهم، وحفروا شبكة من جداول الري والقنوات لايصال المياه السيحية إلى مزارعهم، وأقاموا السدود لحمايتها من الفيضان، وورد في التلمود البابلي كثير من الشروح والتعاليم والإرشادات المتعلقة بالزراعة، وهي موجهة لليهود الذين يعملون في الزراعة في بابل ويتناول التلمود ايضاً كيفية زراعة النخيل والعناية بها.
عندما مات نبوخذ نصر ملك بابل، تسلم الحكم بعده ابنه امل ـ مردوخ (اويل مردوخ) الذي اطلق سراح يهوياكين ملك يهوذا من سجنه، وجعل عرشه فوق عرش الملوك الذين معه في بابل، وبعد وفاته ملك اخو زوجته نركل وزير المالية (560-556 ق.م) الذي تطلع إلى رفع شأن اليهود، ولكنه ازيح عن عرشه وجاء بعده احد نبلاء البلاد نبونائيد (556-530 ق.م) الذي قلص من حقوق اليهود، ويقول د.سامي سعيد الاحمد ان بنيامين التطيلي الذي زار العراق في القرن الثاني عشر الميلادي ذكر ان قبر ـ يهوياكين - يوجد في مدينة الكوفة وحوله كنيس، وعثر في حفائر بابل على نصوص تعود إلى عهد نبوخذ نصر، تنص على تسليم الدولة الزيت إلى الاسرى اليهود وبين اسماء هؤلاء يهوياكين الذي لا بد وان يكون ملك يهوذا الذي جاء به نبوخذ نصر إلى بابل.
واذا كان يهو ياكين من الاسماء المهمة من اليهود الذين وصلوا إلى بابل في زمن نبوخذ نصر، لا بد من ذكر كل من النبي حزقيال والنبي دانيال، وكان حزقيال كاهناً على سيرة ابيه (بوزى) وضعت نبوءاته في بابل بين السنوات (592و570 ق.م) ووصل مع يهوياكين في ذات القافلة سنة 597ق.م.
ويمكن ملاحظة حجم الحرية التي منحتها الدولة البابلية في زمن نبوخذ نصر لليهود، اذ تذكر المصادر العبرية، ان النبي حزقيال كانت له الحرية ان ينطق بنبوءاته ويستعرض سفر حزقيال في التوراة ذلك، ويرى البعض ان كتاب (حزقيال) هو اقدم الاسفار التوراتية.
ويقع مرقد حزقيال في الوقت الحاضر في مدينة الكفل على نهر الفرات، وعلى ضفته اليسرى، وكان اليهود يقصدون قبر حزقيال للزيارة من كل مكان حسب ما يذكر ذلك ياقوت ويؤكد ذلك بنيامين التطيلي الذي زار القبر في القرن الثاني عشر للميلاد (رحلة بنيامين الترجمة العربية ص124).
وقصة النبي دانيال تختلف كثيراً عن سواها فهو لم يأت مع الذين جلبوا إلى بابل بعد ان غزا نبوخذ نصر فلسطين، بل ان الملك البابلي، استقدمه قبل ذلك التاريخ بثماني سنوات أي في عام (605ق.م) وكان معه ثلاثة من رفاقه وتعلم لغة الكلدانيين واشتهر كحكيم يحسن كل الفنون والمعارف الانسانية، وغير اسمه إلى (بلطشاصر) وكان قريباً من نبوخذ نصر، وازداد قرباً بعد ان رأى الملك حلماً وفسره له دانيال فنصبه حاكماً على بابل ورئيساً على جميع حكمائها، واستمر في حياته بعد انهيار الدولة الكلدانية، وحصل على ذات المكانة في زمن الفرس الاخمينيين فثار ذلك حسد اعدائه، فإذا بهم يكيدون له ويلقى في جب اسود، ويقال ان قبره في منطقة الشوش عاصمة عيلام.