[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
منذ انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، وخلال فترة الرئيس أوباما منذ العام 2009، وبعد ذلك بداية حكم الرئيس ترامب والجميع يوجه انتقادات لاذعة وشديدة لإدارة بوش التي قررت غزو العراق، أوباما قال إن جيلا كاملا من الأميركيين سيعانون من حرب العراق، وإن الأمر لن يقتصر على المليوني أميركي الذين خدموا في العراق منذ العام 2003 وحتى نهاية العام 2011، بل يتجاوز ذلك للأميركيين الذين عانوا من أزمة عام 2008 المالية التي يعزوها كثير من الخبراء الاقتصاديين لخسائر أميركا في العراق وأفغانستان، إذ تجاوزت الخسائر في عام الأزمة 2008 مبلغ الثلاثة آلاف مليار دولار حسب الخبير المالي الأميركي الكبير لورنس ليندزي، كما أن عوائل المعوقين والقتلى والمجانيين الذين سقطوا نتيجة هجمات المقاومين في العراق وتداعيات تلك الأوضاع المأساوية، وهناك آثار غير منظورة تتركها الحروب بكل بشاعاتها في المجتمعات.
الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب قال بصريح العبارة إن حرب العراق كانت أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة، وبطبيعة الحال لو كانت أميركا قد حققت النصر ولم يسقط لها قتلى وجرحى ومعوقون ولم يصل ولاياتها آلاف المجانيين ولو لم تخسر تلك المليارات لما قال ترامب هذا الكلام، بل لوجدناه يتفاخر بجيوش أميركا التي غزت العراق، أي أن المسألة غير مرتبطة بالشروع في القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية لغزو العراق، وإنما يرتبط ارتباطا وثيقا بالنتائج الكارثية للولايات المتحدة الناجمة عن قرار الغزو، لهذا وصف ترامب قرار غزو العراق بأنه "أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة".
المفكر الأميركي الشهير فرانسيس فوكاياما الذي بشر بقرن أميركي جديد وحقبة طويلة من الهيمنة الأميركية، وهو القائل عشية الحرب الأميركية الأولى على العراق في العام 1991، "لقد انتهى الاتحاد السوفيتي ودمرنا العراق" مؤكدا أن العالم أصبح تحت سيطرة أميركا بامتياز، وأعلن في بداية الاحتلال عام 2003 عن حقبة جديدة ومتميزة في العراق في ظل الوجود الأميركي في هذا البلد، لكنه بعد أقل من عامين أصدر كتابا عن "بناء الدولة" انتقد فيه بقوة التجربة الأميركية في العراق وقد توصل إلى أن الفشل الكامل سيكون من نصيب هذه التجربة، وحال فوكاياما لا يختلف عن مئات مراكز الأبحاث والدراسات والمفكرين الذين أقروا بهذه الحقيقة سواء كان في داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
لكن السؤال الذي نعتقد أنه يقف في مقدمة الأسئلة التي تحتاج إلى وقفة وتأمل عميق هو: لماذا لم تظهر مثل هذه الأصوات في فترة الاستحضارات للغزو على الأقل بعد ارتفاع طبول الحرب على العراق في النصف الثاني من العام 2002 وبداية العام 2003؟ وهل يفتقر كبار السياسيين والمفكرين ومراكز الأبحاث والدراسات لرؤية دقيقة وتمحيص واسع لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور؟ أم أنهم صدقوا ما سمعوه من بعض "المعارضين العراقيين" من أكاذيب، مصدقين أن العراقيين سيستقبلون جنودهم بالورود؟ لكن سرعان ما دوى الرصاص والقنابل والمتفجرات منذ اليوم الأول، ليصدق قول الشاعر "السيف أصدق أنباء من الكتب".
أسئلة قد يتولى الإجابة عنها سياسيو ومفكرو أميركا قبل غيرهم.