مشاهد مفرحة نقلتها بعض وسائل الإعلام عن أهالي حمص وهم يعودون لتفقد بيوتهم، من كانت ممتلكاته غير مدمرة، شكر الدولة، ومن كانت مدمرة شكر الدولة أيضا .. شكر الدولة السورية على كل لسان سوري، صارت لازمة أصيلة بعدما كشفت الأحداث حقائق الصراع والأزمة .. اما ما كشفه اتفاق حمص، فيرقى الى حرص الدولة السورية أيضا على شعبها وعلى انجاح مسيرته الوطنية خارج يوميات الموت التي نفذها الارهابيون ومازالوا مصرين عليها.
لكن الذي ليس مفهوما حتى الآن، ذلك الصمت الذي تتوشح به دول عديدة وهي تتابع ما جرى في حمص من قيم أخلاقية وانسانية نفذتها الدولة السورية، وهي تجربة قد تعمم في مناطق أخرى، فيما لم يتحدث من يسمون أنفسهم اصدقاء سوريا والشعب السوري ولا حتى دول تتحدث عن حقوق الانسان كأنها الأحرص عليها، قد سكتت، ولم تظهر اي ترحيب بما جرى في حمص، بل وكأن المشهد ازعجها، فقد كانت ترمي الى عكسه، أي أن ينتصر الارهابيون كما تمنت وان تتراجع الدولة السورية وان تسقط حمص في ايدي تلك الاشكال التي شاهدناها جميعا وهي تنسحب كالجرذان من أوكارها.
هذا العالم لم يعد مفهوما، هو كذلك يرى بعين واحدة، ما يخدمه يشكل اساسه، ولهذا فهو يرى في اتفاق حمص، ان كان بمثابة اتفاق، انتصارا للدولة الرحيمة الرؤوفة التي ترعى شعبها ولا تريد له سوى الخير بل تسعى جاهدة لتخفيف آلامه بشتى الطرق، فيما الهزيمة النكراء للقوى الارهابية التي ليس من ادنى شك انها كانت مستسلمة بالتمام، وليس أدل على ذلك تسليمها الاسلحة التي بحوزتها قبل خروجها المهين، وليس ذهابها بعيدا بل البقاء على مقربة من الحدث ومن مكانه، ولسوف تعيد الى ذاكرتها كيف كان الجيش العربي السوري البطل يترصدها وهي تخرج مطأطئة رأسها تحمل غبارها فوقه، كما تحمل معها احلامها الكرتونية.
سكت عالم المؤامرة على سوريا، أصيب بالخرس وعمى البصر والبصيرة وربما ابتلع لسانه كي لايتمكن من التحدث امام جلال المشهد الحمصي الذي سيظل عماد المرحلة القادمة مثلما كان عماد الحاضر.
فلو قدر لهذا الارهاب ان ينجح في حمص لسمعنا الكلام الوفير عن " البطولة " ولكانت تراكضت عشرات بل مئات الشاشات لعرضه ومثلها من الصحف تطبيلا وتزميرا.. اما ان ينجح الجيش العربي السوري وان يتمكن عقله القيادي بكل هرميته حل مسألة معقدة ستبنى عليها كل النتائج المهمة في المراحل القادمة والتي ستكون نموذجا لحلول مشابهة في أماكن عديدة، فهي ليست من اهتماماتها ولا من مهامها.
ولقد ثبت من خلال مشاهد حمص امس وما قبله ان المدينة كانت خالية من الناس تماما الا ماندر، فكيف اذن، ادخلت كنقاش ومطالب في مؤتمر جنيف من قبل المعارضة، ليتبين انه مجرد وهم واختراع لوقائع غير موجودة يراد بها الاصطياد بالماء العكر.
بعد المخرج الذي ابتدعته الدولة السورية في حمص و غيره في الأيام القادمة .. ستبنى عليه مفاهيم عديدة وسيكون لها تأثيرها على المعركة في كامل سوريا .. فإما أن يتعظ الارهابيون المسلحون ومن ورائهم من الخطوة التاريخية في حمص، وإما أن الجيش العربي السوري مازال جاهزا لدوره التاريخي الطليعي ايضا..