[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
قد يتبادر لذهن كثيرين أن الاجتياح التركي للأراضي السورية بدءا من جرابلس، سوف يؤدي الى تفكيك الخارطة السورية، ولكن الذي يفترض فهمه، ان الرئيس التركي اردوغان، وجد ان افضل الطرق للسيطرة مجددا على كل الجيش التركي واعادة لحمته التي لابد تصدعت إثر الانقلاب الفاشل، هو تحريكه خارج بلاده ..
لكن لعبة من هذا النوع، سوف تؤدي إلى لحمة اكبر لدى السوريين وخصوصا جيشهم .. لكن الأمر لايقتصر على الأتراك في هذا الجيب الحساس، هنالك ماهو معلوم من قوى على الأرض السورية، من الأميركية الى الفرنسية فالالمانية فالبريطانية وغيرها، اضافة الى المسلحين الذين وفدوا من اصقاع مختلفة عربية وغير عربية.
الأتراك اكثر القوى المؤثرة، كون تركيا جارة لسوريا، والجار مكلف اما بحماية جاره او الاعتداء عليه، وفي الحالتين هنالك نص اخلاقي لابد من احترامه، يقول بان اراضي الجار ليست مشاعا لأي كان، انها مرسومة برحلة التاريخ وبعرق ودم الشعب، وباعتراف العالم .. فلا يجوز الرهان على صمت ان بدا لاول وهلة من قبل من احتلت أرضه. هنالك دائما مايسمى صمت استيعاب ماجرى بغية العمل على تغيير شأنه بالوسائل التي تبدأ شكاوى ثم تنتهي بحرب تحرير لاهوادة فيها .. تجربة العراق ضد الاحتلال الأميركي مازالت حاضرة، وماجرى في جنوب لبنان ضد اسرائيل مازال حيا في النفوس ..
يقال ان التركي نسق مع السوريين في خطوته، بل انه اشعر الايرانيين بها في اللقاءات التي جرت بينهما مؤخرا ان في طهران او في اسطنبول. وبالمقابل فان التركي وضع الولايات المتحدة في صورة خطوة من هذا النوع، وبالتالي يعرف الروس كل مجريات الأمور في سوريا .. لكن غير المفهوم، كيف تقدم أميركا المساعدات اللوجستية والسلاحية وغيره للاكراد، وهي ترى ان دخول الجيش التركي الى جرابلس وغيرها يهدف الى ضرب الاكراد، بل القضاء على حلمهم بالسيطرة على كل الحدود " الكردية "عند حدود يولابة مع تركيا. هل وقع الأكراد في الخديعة الأميركية، وهم يعرفون البراجماتية الأميركية، اضافة الى الظروف الجديدة بين تركيا والولايات المتحدة والتي توترت إثر الانقلاب الفاشل واتهام الأتراك للأميركيين بأنهم كانوا وراءه .
الصورة وإن كانت في بدايتها إلا انها واضحة المعالم، ولا اظن ان التركي الذي مازال موجودا في جزء من ارض العراق، يخطط للبقاء ايضا في منطقة حساسة سوف لن تنجيه من ردات الفعل في المستقبل القريب والبعيد، وانه بالتالي محتل بكل معنى الكلمة لاراضي سوريا، وان الصمت الحالي على خطوته قد لايستمر طويلا عند المتغيرات التي قد تنشأ في منطقة غير ثابتة على الاطلاق، وان اول انذار تلقاه كان قتل احد الجنود الاتراك واعطاب دبابة اثر عملية حرب عصابات.
مايفعله الجيش العربي السوري وكذلك الجيش العرقي والحشد الشعبي ماركز عليه مليا مفكر لبناني وصل ان يكون وزيرا لخارجية لبنان وهو الدكتور شارل مالك الذي أصر دائما بقوله ان " التاريح تقرره الأعمال الحاسمة لا الحجج القانونية " وان كل شيء يتوقف " على القوة " ، وان " الوسائل الاذاعية كلها لاقيمة لها على الاطلاق في تقرير شكل التاريخ الا اذا استندت الى قوة حاسمة تنفذ إرادتها".