لندن ــ وكالات: تظاهر آلاف الأشخاص أمس السبت في العاصمة البريطانية لندن احتجاجا على نتيجة استفتاء الثالث والعشرين من يونيو الماضي التي أيدت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقدرت مراسلة تابعة لهيئة الإذاعة البريطانية عدد المشاركين في المظاهرة بمايتراوح بين 2000 و 3000 شخص أغلبهم من الشباب. وطالب منظمو المظاهرة، البرلمان البريطاني بإلغاء نتيجة التصويت قائلين إن مستقبل بريطانيا يكمن في الاتحاد الأوروبي. يذكر أن أكثر من أربعة ملايين بريطاني وقعوا التماسا على الإنترنت من أجل إجراء استفتاء ثان، غير أن اللجنة المختصة بذلك في البرلمان أبدت تشككها حيال صحة كل التوقيعات ولفتت إلى وجود «أنشطة مثيرة للشبهة». وفي سياق متصل أكد كل الساسة المهمين في الوقت الراهن أنه لا رجعة عن نتيجة الاستفتاء مطالبين بضرورة تنفيذها والتي أيدها 17 مليون بريطاني (نحو 52% من الناخبين). وتتزايد الضغوط حاليا على زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين لتقديم استقالته لضمان خروج يحفظ له ماء وجهه، وثمة تخوفات من داخل الحزب من خسارة الانتخابات المقبلة في حال استمر كوربين في منصبه. وفي سياق متصل، يبحث حزب المحافظين الحاكم عن خليفة لديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني الذي أعلن بعد نتيجة الاستفتاء اعتزامه ترك منصبه بحلول أكتوبر المقبل.
وكان المنظمون حددوا نقطة التجمع في بارك لين قبل ان يتوجهوا الى مقر البرلمان في ثاني تجمع احتجاجي خلال هذا الاسبوع بعد صدمة نتائج الاستفتاء. وكتب كيرن ماكديرموت احد منظمي التظاهرة، على صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي «يمكننا منع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي برفضنا قبول الاستفتاء على انه الكلمة الفصل وبرفع ايدينا عن زر التدمير الذاتي». واضاف «علينا الا نترك الجيل المقبل ضائعا، لنسر ولنحتج ولنوقف بريكست» (خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي). وداخل السلطة اثار المرشحان الاوفر حظا لتولي رئاسة الحكومة البريطانية خلفا لديفيد كاميرون غضب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بتأكيدهما الجمعة انهما لن يبدآ اجراءات الخروج من الاتحاد قبل نهاية 2016 ان لم يكن بداية 2017. وقال مايكل جوف الجمعة انه «لا يتوقع» تفعيل المادة 50 -- اي الاجراءات الرسمية للخروج من الاتحاد -- هذه السنة مكررا تصريحات في الاتجاه نفسه ادلت بها منافسته تيريزا ماي. ورد الرئيس الفرنسي بالقول ان «القرار اتخذ ولا يمكن ان يتم تأجيله او الغاؤه». واضاف ان خروج بريطانيا بسرعة «سيسمح بتجنب كل اوضاع عدم اليقين وعدم الاستقرار وخصوصا في المجالين المالي والاقتصادي». وكان القادة الاوروبيون دعوا الى عملية سريعة لخروج بريطانيا خوفا من تأثير الغموض الذي يلف مستقبلها على النمو الاقتصادي ومن عدوى تنتقل الى المشككين في جدوى الاتحاد في دول اخرى. واكد هولاند انه «بقدر ما تكون العملية سريعة، يكون الامر افضل لهم». احدثت نتيجة الاستفتاء الاسبوع الماضي صدمة في اسواق المال وتسببت بخسائر تقدر بالتريليونات في العالم. كما ادت الى انخفاض سعر الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الى ادنى مستوى له منذ ثلاثة عقود. وكان حاكم البنك المركزي البريطاني مارك كارني اعلن ان هذه المؤسسة مستعدة لضخ 250 مليار جنيه استرليني (326 مليار يورو) من الاموال الاضافية لتأمين السيولة الكافية لعمل الاسواق بعد انتصار معسكر المغادرة. واكد الخميس انه يمكن ان يطلق خطة لتحفيز قطاع النقد مؤكدا ان آفاق الاقتصاد «تدهورت» منذ نتيجة الاستفتاء.
وادى التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي الى انقسام حاد في بريطانيا. وصوت الناخبون في اسكتلندا وايرلندا الشمالية والعاصمة لندن مع البقاء في الاتحاد، بينما جاء معظم ال52 بالمئة من مجمل الناخبين الذي صوتوا مع مغادرة الاتحاد من انجلترا وويلز. واثار الفارق الطفيف في النتيجة غضب البريطانيين الراغبين في البقاء في الاتحاد ووقع اكثر من اربعة ملايين شخص عريضة تدعو الى استفتاء ثان. وتجمع آلاف في ساحة ترافلغار في لندن الثلاثاء الماضي رغم المطر الغزير للتعبير عن غضبهم من نتيجة الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو، وتوجهوا الى مقر البرلمان الذي هتفوا امامه «كاذبون»، داعين المشرعين الى ان «يقوموا بواجبهم ويصوتوا ضده». من جهة اخرى تبدو وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي الاوفر حظا لتصبح رئيسة للحكومة التي ستفاوض على آلية انفصال بلادها عن الاتحاد الاوروبي. وتقدم بالاجمال خمسة مرشحين لخوض السباق لخلافة ديفيد كاميرون، غير ان الاوفر حظا بينهم بوريس جونسون الذي تزعم حملة الخروج اثار مفاجأة كبرى الخميس باعلانه عدم الترشح. وبعدما انضمت تيريزا ماي (59 عاما) الى كاميرون للدفاع عن البقاء داخل الاتحاد الاوروبي، قدمت نفسها الخميس على انها مرشحة قادرة على توحيد صفوف الحزب في حال فوزها برئاسة الحكومة في سبتمبر. وقالت ماي «بريكست يعني بريكست». واضافت ان «الحملة جرت والتصويت تم، ونسبة المشاركة كانت مرتفعة، والشعب اصدر حكمه»، مؤكدة بذلك لانصار الخروج من الاتحاد الاوروبي انها مصممة على احترام خيارهم.