يحيى بن أحمد بني عرابة:
جاء رمضان وجاءت معه المعاني السامية والأعمال الفاضلة، فرمضان مدرسة تغرس في طلابها معان عدة وتربيهم على سلوكيات الإيمان، فهناك معنى التقوى الذي يغرس في نفس الإنسان ـ بسبب الصوم ـ مراقبة الله تعالى وخشيته فلا يقدم على شيء محرم ولا يتهاون في الواجبات ولا يستعمل الشيء إلا في الشيء الذي وضع له فلا يستعمل العين إلا فيما يجوز النظر إليه، ولا يستعمل الأذن إلا فيما يجوز الإصغاء إليه، ولا يستعمل اليد إلا في فيما يجوز تناوله أو دفعه أو البطش به، ولا يستعمل الرجل إلا في المشي الحلال، ولا يستعمل أي جارحة فيه إلا فيما أباحه الله تعالى له، وهناك معنى الوقت وقيمته الذي يقضيه الإنسان الصائم في العبادة وبين ما يقضيه في اللهو والضياع فرق كبير في مضاعفة الأجر وفي السؤال يوم القيامة عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه ولا معنى لضياع الأوقات في رمضان فهذا يدل على التخبط في هذه الحياة العيش فيها دون هدف أو رسالة، وهناك ـ أيضًا ـ معنى التنافس والتسابق إلى الخير، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) كان أجود ما يكون في رمضان وكان كالريح المرسلة وكان أكثر ما يقرأن القرآن في رمضان، وكان يسابق أهله في القيام والاعتكاف، وهناك معنى الصبر معنى الإخلاص فالصبر الطاعة والصبر على ترك المعصية أمر يحتمه الصيام فلابد للصائم أن ينضبط في جميع تصرفاته، وفيه رمضان معنى الأجر العظيم فمن أدى فيه نافلة كان كمن أدى في غيره فريضة ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى في غيره سبعين فريضة وكفى بهذه الميزة، والعمرة فيه تعدل حجة.