[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]
” .. منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية وعلى رأسها "هيومان رايتس ووتش" التي حرضت ضد الشرطة والحكومة المصرية في حادث ريجيني وحملت النظام الحاكم مسؤولية مقتله وتعذيبه, لم نسمع لها صوتا يندد بمقتل المصريين في الخارج أو مطالبة أيٍ من الحكومتين الأميركية والبريطانية وأجهزة الأمن فيهما بتحمل مسؤولية حماية مواطنين مصريين يقيمان إقامة شرعية في البلدين”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شهد الشهر الفائت العديد من حوادث القتل التي تعرض لها عدد من المصريين المقيمين في الخارج, ففي يومين متتاليين وقع حادثان مؤلمان الأول لشاب مصري عمره 21عاماً يدرس ويقيم هو وعائلته في انجلترا منذ سنين تعرض لحروق بليغة أدت لمصرعه داخل مرآب للسيارات وسط العاصمة لندن, ومواطن مصري آخر يقيم في ولاية أنديانا الأميركية منذ 15عاماً, عثر على جثته بجوار مكب للنفايات وعليها آثار تعذيب.
في الحادث الأول المتعلق بالشاب الذي قتل في لندن, جاء تقرير الطب الشرعي ليؤكد أن الضحية تعرض للحرق العمد وأن الجناة أكثر من فرد استطاعوا إتمام الجريمة دون أن يشعر بهم أحد ودون مقاومة من القتيل, وفرضت شرطة سكتلاند يارد تعتيماً إعلاميا على الحادث ولم تعلن حتى الآن عن توصلها للجناة أو توضح ملابسات وكيفية وقوع الحادث, رغم إلحاح الحكومة المصرية في طلب توضيحات حول ظروف الواقعة.
الحادث الثاني الذي شهدته أميركا تقول المعلومات الأولية إن خمسة أشخاص اقتادوا المواطن المصري القبطي الذي يعمل محاسباً من منزله إلى مكتبه, وبعد الاستيلاء على أوراق ومستندات مهمة من خزانته, اصطحبوا الضحية إلى مكان مجهول, ليختفي لمدة إسبوع؛ حتى تم العثور على جثته بجوار صندوق للقمامة, ولم تعلن السلطات الأميركية حتى الآن عن توصلها للقاتل أو تفصح عن ملابسات الجريمة وأسبابها و من يقف وراءها رغم فتح النائب العام المصري تحقيقا في الحادث ومخاطبة السلطات الأميركية لإمداده بالمعلومات عن نتائج التحقيق.
وفي وقت سابق شهد مطار كاركاس حادثاً مأساوياً, عندما تعرض مهندس بترول مصري سافر إلى فنزويلا للالتحاق بالعمل بإحدى شركات البترول العالمية, حيث فوجئ باثنين من المجرمين يستقلان دراجة نارية و ينتظران خروجه من صالة المطار لخطف حقيبة أوراقه ونقوده التي كان يحملها على كتفه, ولكنه استمات في الدفاع عنها, وكان جزاؤه رصاصة أودت بحياته في الحال وسط "فرجة" العشرات على الحادث دون أن يجرؤ أحد على منعه أو القبض على القاتل, والمحزن في الحادث أن المهندس الشاب لم يكن يحمل في حقيبته سوى مائة دولار, وحتى هذه اللحظة لا نعلم ماذا تم في القضية والمراحل التي وصل إليها التحقيق مع الجناة , ولم تحصل أسرة الضحية على أي تطمينات أو تفاصيل عن سير التحقيقات أو حقها في التعويض من الجهات المسؤولة في فنزويلا.
الغموض الذي يحيط بهذه الجرائم العنيفة ووقوعها في فترة زمنية متقاربة, يثير التساؤلات وعلامات الاستفهام عن طبيعتها وهل تدخل ضمن محاولات استهداف مصر وإحراج النظام الحاكم فيها, أم أن الصدفة وحدها وضعت هذه الحوادث المتعاقبة في نفس الفترة الزمنية, الإجابة تنتظر انتهاء التحقيقات والطريقة التي ستغلق بها هذه الملفات.
هذه الحوادث المؤسفة أظهرت ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع قضايا متعلقة باحترام حقوق الإنسان بغض النظر عن جنسيته أو عرقه أو ديانته؛ فبينما أقامت إيطاليا ومعها حلفاؤها الأوروبيون الدنيا ولم تقعدها على مقتل الباحث الإيطالي خوليو ريجيني ـ لم نسمع عن إدانة أو استنكار رسمي أو شعبي غربي لمقتل المصريين في بريطانيا وأميركا رغم تشابه الحادثين.
كما أن منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية وعلى رأسها "هيومان رايتس ووتش" التي حرضت ضد الشرطة والحكومة المصرية في حادث ريجيني وحملت النظام الحاكم مسؤولية مقتله وتعذيبه, لم نسمع لها صوتا يندد بمقتل المصريين في الخارج أو مطالبة أيٍ من الحكومتين الأميركية والبريطانية وأجهزة الأمن فيهما بتحمل مسؤولية حماية مواطنين مصريين يقيمان إقامة شرعية في البلدين, و لا حتى بيان لذر الرماد في العيون تحث فيه سلطات التحقيق هناك على سرعة الوصول للجناة أوالإعلان عن ملابسات الحادثين كما فعلت مع الحكومة المصرية في قضية ريجيني.
كما تجاهلت وسائل الإعلام الأوروبية والأميركية التي شنت حملة شعواء على الحكومة المصرية بسبب ريجيني , حادثي قتل الشاب المصري في لندن والمحاسب المقتول في أميركا , ولم يُنشر سطر في صحيفة ولا خبر في نشرة تليفزيونية عن سير التحقيقات في حادثي القتل الذي لم يكشف النقاب عن الجناة فيهما حتى الآن.
وهذه ليست حوادث القتل الوحيدة التي تعرض لها مصريون في الخارج وتقيد ضد مجهول , ففي الثمانينات تعرض العالم النووي المصري الدكتور يحيى المشد الذي كان يعمل في المفاعل النووي العراقي , لعملية اغتيال في باريس دبرها "الموساد" الإسرائيلي بالتواطؤ مع أجهزة الأمن الفرنسية التي فشلت في فك لغز الحادث , وراحت تروج لوقوعه لأسباب عاطفية.
ومن قبله تعرضت عالمة الذرة المصرية سميرة موسى للاغتيال بعد أن أسست هيئة الطاقة الذرية المصرية عقب قيام إسرائيل في العام 1948م, وكان لها أبحاث متقدمة في مجال تصنيع القنبلة الذرية من خامات قليلة التكاليف مما حدا بالجامعات ومراكز الأبحاث الأميركية لدعوتها للسفر إلى هناك للعمل والتدريس واستجابت العالمة المصرية بعد إلحاح وهناك تعرضت لإغراءات كثيرة للإقامة في أميركا وعدم العودة لبلدها مصر, والبوح بما لديها من أسرار في مجال الطاقة النووية, ولكنها رفضت وأصرت على العودة, فدبروا لها حادث سير عندما ظهرت سيارة نقل فجأة في طريق المطار لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادٍ عميق بينما قفز السائق من السيارة.
كما تكرر نفس السيناريو في حادث مقتل أشرف مروان زوج ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في لندن الذي سقط قتيلاً من شرفة شقته وانتهت سلطات التحقيق الإنجليزية لتصويره على أنه انتحار أو أن الضحية فقد توازنه فسقط من الشرفة, رغم إشارة أصابع الاتهام للموساد الإسرائيلي الذي لم ينس الدور الذي لعبه أشرف مروان في تضليل إسرائيل في حرب اكتوبر 1973م عندما كان يعمل مع جهاز المخابرات المصرية.