الثلاثاء 30 أبريل 2024 م - 21 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

رحاب : المعجزات تبدأ من الإرادة

رحاب : المعجزات تبدأ من الإرادة
الثلاثاء - 16 أبريل 2024 05:10 م

د ـ أحمد بن علي المعشني

50


حضر معي قبل عامين شاب يدعى عبدالله بن صالح الشعشعي في برنامج تدريبي حول ريادة الأعمال؛ قدمته بالتعاون مع مركز الشباب وهيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وفي سياق عرض النماذج الناجحة من أصحاب التجارب الإيجابية في مجال المشروعات الفردية الصغيرة طلبت من المشاركين عرض تجاربهم الواقعية عن تأثير الإرادة في حياتهم، لاحظت أنَّ عبدالله كان مبتسمًا، وأدركت أنَّه يريد أن يخبرنا بشيء، فدعوته إلى المنصَّة وطلبت منه أن يشارك زملاءه تجربته وخبرته في تحقيق النجاح الشخصي الذي يتبلور من فكرة إلى أهداف مكتوبة وخطَّة عمل وممارسة الإرادة، فهو شاب في العشرينات من عمره، يدرس إدارة أعمال في الجامعة، ويدير مشروعه الصغير الذي يتمثل في امتلاكه لشاحة صغيرة، ينقل بها البضائع من ميناء صلالة إلى أماكن تخزين البضائع في المناطق الصناعية في ريسوت وفي عوقد، وقد أتاح له مشروعه الصغير أن يكتسب العديد من المهارات والعادات، ويستثمر جهوده ويوفق بين هدفه لاستكمال دراسته وامتلاك مصدر دخل يساعده في تسديد الرسوم الدراسية وتلبية متطلباته الحياتية، وأعلم جيدًا أنَّه شاب طموح، يمتلك إرادة قوية ويفكر بطريقة إيجابية. رحَّب به المشاركون بموجة من التصفيق، وهم ينظرون إليه وينتظرون سماع ما سيقول لهم. ابتسم عبدالله ولزم الصَّمت لبعض الوقت ثم شكرني وهو يوجه حديثه إلى زملائه، وقال لهم تحضر في عقلي مجموعة من القواعد والأُسُس التي نفعتني في حياتي كثيرًا وهي حصيلة دراستي وحضوري لدورات التنمية البشرية وقراءاتي للعديد من الكتب بالإضافة إلى تجاربي الشخصية، ورأيت أن أشارككم هذه الحصيلة، تعلَّمت أنَّ النجاح عبارة عن فكر يتحول إلى أهداف تتبلور إلى خطة يعقبها تنفيذ ومثابرة واستمرارحتى يتسنى للشخص الطموح أن يحقق أهدافه.

وأردف عبدالله إنَّ المعجزات ليست هبات من السماء بلا جهد، ولكنها نتائج لعمل الإرادة، وخطَّة محكمة لتحقيق أهداف حقيقية واقعية وواضحة. فالناجحون ممَّن حققوا إنجازات خارقة كابدوا المشقة واختبروا الإرادة والإصرار، عاشوا جميع مراحل كفاحهم بوعي حتى تحققت المعجزات في حياتهم، ومن أجل تطوير وتنمية الإرادة لا بُدَّ من تحطيم جميع العادات السلبية واستبدالها بعادات إيجابية واعية وممارستها وتكرار فعلها وهذا سيساعدنا أن نعيش في اللحظة ونبقى يقظين طيلة الوقت في استثمار الحاضر وتحويله إلى أفعال وأعمال تقود إلى نتائج ملموسة، ولا بُدَّ أن نتبنى خطَّة واضحة ونكتبها ونراجعها وننفذها ونقيِّم نتائجها، وجميع هذه الأعمال إذا التزمنا بها ستضبط أفكارنا وتوجِّهها عمليًّا باتجاه النتائج وستُعيننا على مراقبة عقولنا ومشاعرنا، لأنَّ العمل أقوى ممارسة لضبط الذَّات والتحكم بها، إنَّ أقوى دليل على ممارسة قوة الإرادة تتمثل في كسر العادات السلبية، فهذه العادات هي لصوص النجاح التي تسرق الجهد والوقت والمال والانتباه والتفكير، وتجعل الإنسان خاملًا، فلا يستطيع إنسان مدمن للعادات السلبية، ينتهك وقته ويستهلك الموارد بلا إدارة ويبدد جهوده بلا تنظيم أن يكونَ صاحب عزيمة أو إرادة. كنت أصغي إلى هذا الشاب معجبًا بتنظيم أفكاره وأتعلَّم منها الكثير، بينما ساد هدوء في القاعة بعد تصفيق من جميع المشاركين، عاد عبدالله بن صالح إلى مكانه، وقلت لهم لقد لخَّص عبدالله كلَّ الدورة، ولم يَعُد عندي ما أضيفه، سوى أن أدرِّبَكم على تطبيقات التخلص من العادات السلبية واستبدالها بعادات عقلية جديدة، وتكرار فعلها حتى تصبحَ جزءًا من برمجتنا العقلية.

د. أحمد بن علي المعشني

رئيس لأكاديمية النجاح للتنمية البشرية