الاثنين 29 أبريل 2024 م - 20 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة : لا تكن رمضانيا

أضواء كاشفة : لا تكن رمضانيا
الثلاثاء - 16 أبريل 2024 05:11 م

ناصر بن سالم اليحمدي

20

انقضت أيام البركة والخير بسلام.. أيام شهر رمضان المبارك الذي يعدُّه المسلِم بداية للصلح مع الله سبحانه وتعالى.. فأكثر فيه من مظاهر العبادة والطاعة والالتزام بما أمرَ به سبحانه وتعالى من الخُلق الكريم ومداومة الصلة بكلِّ ما أمرَ به جلَّ شأنه.. ثم يأتي يوم العيد الذي هو بمثابة يوم الجائزة على ما تحمَّله المسلم من مشاقِّ الصيام والعبادات.. فيفرح بما أنجزه على مدار شهر كامل.

لكن ـ للأسف ـ ما أن تنقضيَ الأيام المباركات للشهر المُعظَّم ويظهر هلال شهر شوال حتى تتبدل أحوال مُعْظم الناس فيترك المسلم صلاة التهجد وقراءة القرآن وصلة الأرحام، وكافَّة الأعمال الصالحات التي كان يقوم بها في رمضان.. متناسيًا أنَّ العبادات التي أمرَ بها الله سبحانه وتعالى هي لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وأنَّ الشهر الفضيل كان فرصة لتأهيل المؤمن بأن يستمرَّ على الطاعات في بقية حياته.. لذلك وجَب على كلٍّ منَّا أن يلتزمَ بما فعله في رمضان حتى يجعلَ الله له من كلِّ همٍّ فرجًا ومن كلِّ ضيق مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب.. كما أنَّ بقاء المسلم ومصابرته على العمل الصالح بعد رمضان علامة قَبول له عند ربه الكريم المنَّان، بينما تركه العمل الصالح بعد رمضان وسلوكه مسالك الشيطان دليل على الذلَّة والهوان والخسَّة والخذلان.

ينبغي على المسلم أن يجعلَ رمضان صفحة جديدة للتوبة والإنابة والمداومة على الطاعة ومراقبة الله في كلِّ وقت وساعة، وأن يداومَ على الطاعات ويجتنبَ المعاصي والسيئات امتدادًا لِما كان عليه في رمضان من أمور تقربه إلى ربِّ العالمين.. بل عليه أن يزيدَ في العمل الصالح والتقرب إلى الله بالطاعات.. لأنَّ شهر رمضان يأتي بثماره إذا ما جعل الصائم نفسه بعد رمضان مثالًا للخير مقتديًا بكلِّ ما يؤدِّي إلى استقامة سلوكه.. فكيف تخلو المساجد بعد رمضان من القائمين فيها بأداء الصلوات في جماعات وبالتهجد في الليل؟.. فالذي فرض الصلوات في غير رمضان هو الذي فرضها في رمضان.. والتهجد كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وبعده.. كذلك إنفاق المال وبذله في سبيل الله وفي أبواب الخير ليس خاصًّا برمضان.. فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.. فلماذا لا يستمرُّ المسلم على إخراج المال من الصدقات ومساعدة الآخرين من المحتاجين؟.. وكذلك الحال بالنسبة لصلة الأرحام والابتعاد عن المعاصي وكافَّة أعمال البِر التي كان يقوم بها المسلم طوال الشهر الفضيل.

إنَّ العمل الصالح من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله في كلِّ زمان، ثمَّ إنَّ ربَّ رمضان هو ربُّ جمادى وشَعبان وذي الحجة وسائر الشهور وذلك لأنَّ العبادة التي شرعها الله ـ جلَّ وعلا ـ لنا متمثلة في أركان خمسة منها الصيام وهو مؤقت محدَّد وقد انتهى، فتبقى أركان أخرى من حج وصلاة وزكاة نحن مسؤولون أمام الله ـ عزَّ وجلَّ ـ عنها ولا بُدَّ أن نؤدِّيَها على الوجهِ الذي يرضيه، وأن نسعى لذلك لِنحققَ ما خُلقنا من أجْله.. فالهدف من شهر رمضان أن يستمرَّ المسلم على البذل والعطاء لا أن يعطيَ في الشهر المبارك ويبخل في غيره.. فرمضان نموذج للأعمال الصالحة يتدرب عليها المسلم وتطبع عليها نفسه بعد مرور هذا الشهر الفضيل.

---

منذ بداية عهد النهضة الحديثة الزاهر اتخذت سلطنة عُمان من السلام منهجًا استراتيجيًّا ورؤية حضارية، وعدَّته مبدأ من المبادئ التي توجِّه سياستها داخليًّا وخارجيًّا.. وقد أثمرت هذه السياسة احترامًا وودًّا وتقديرًا من الجميع.. وأهَّلت السَّلطنة لِتكونَ منارةً للسلام وعنوانًا للتحضر ولِتتبوأَ موقعًا رائدًا على الصعيد العربي والدولي.

ومؤخرًا أجرت مجلة «العالم الدبلوماسي» الدولية التي تصدر في بروكسل ببلجيكا حوارات مع عدد من أصحاب المعالي الوزراء والسعادة للحديث عمَّا حقَّقته السَّلطنة من إنجازات سياحية وتنموية وثقافية واقتصادية عظيمة.. كما تناولت كلمتها الافتتاحية السياسة العُمانية الحكيمة وكيف أنَّ بلادنا نموذج للتعايش السلمي والوئام ووصفتها بأنَّها «مهندس حصيف للسلام في الشرق الأوسط» وركَّزت على كونها تشتهر بدبلوماسية الوساطة القائمة على موازنة المصالح والتسامح تجاه الاختلافات، والبحث الحازم عن المنافع المتبادلة.

لقد تحدث ضيوف المجلة معالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية ومعالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة ومعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام وسعادة ابتسام بنت أحمد الفروجية وكيلة وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لترويج الاستثمار حول المبادئ العُمانية الحكيمة القائمة على الحياد الإيجابي البنَّاء، وعدم التدخل في شئون الآخرين مع عدم السماح لأحد بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وكذلك الرؤية المستقبلية وانفتاح السَّلطنة على العالم الخارجي وجهودها في مجال حماية البيئة والطاقة النظيفة ومواجهة مُشْكلة المناخ وتحقيق التنمية المستدامة، والاستراتيجية الوطنية للسياحة والمُقوِّمات الطبيعية والتنوع الذي تتمتع به بلادنا وغير ذلك من القضايا والنقاط التي تظهر ما تحظى به السَّلطنة من استقرار وتطوُّر على كافَّة الأصعدة.

لا شكَّ أنَّ الإنجازات التي تُحقِّقها سلطنة عُمان تباعًا تنبع من جهد مخلِص لقيادتنا الحكيمة التي تبذل قصارى جهدها من أجل إعلاء شأن الوطن.. فصار اسم بلادنا يصدح مدويًا في المحافل الدولية، وأصبح له تأثير فاعل في خدمة البشرية يدلُّ على ذلك الإنجازات المبهرة التي يسجِّلها التاريخ بمداد من ذهب والتي جعلت من عُماننا درَّة تزيِّن جبين العالم.

لقد نادت قيادتنا الحكيمة طوال العهد الزاهر بحلِّ النزاعات الإقليمية والدولية بالطُّرق السلمية بعيدًا عن التشدُّد والعصبية والعناد، ووضع الأمور في نصابها الصحيح دون تفريط أو إفراط فهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والنُّمو والازدهار.. وهذا ما صبغ السَّلطنة بملمحٍ مميَّز عرفت به محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا ومنحها قدرة على التفاعل الإيجابي مع مختلف التطوُّرات، وتحقيق نهضة تنموية متميزة وصارت نموذجًا يُحتذى على كافَّة المجالات.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني