الاثنين 29 أبريل 2024 م - 20 شوال 1445 هـ
أخبار عاجلة

فرحة عيد .. وذكرى الفقد!

فرحة عيد .. وذكرى الفقد!
الاثنين - 15 أبريل 2024 05:23 م

د. يوسف بن علي الملَّا

50

يدرك الجميع أنَّ وراء كُلِّ مزايا العيد وبهجته، تَدُور الإجازة لهكذا مناسبات بشكلٍ أساسي حول قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء والأحبَّة. ولكن بعد وفاة أحَد أفراد الأُسرة، قد تكون فترة العيد الممتعة أمرًا مختلفًا بالنسبة للكثير من الناس. فالأشخاص الحزينون قد يتصارعون مع مجموعة من المشاعر غير المألوفة والاعتبارات العملية التي لا يحسدون عليها، سواء كان الأمر يتعلق بالقلق من التجمع في مكان مختلف، أو ببساطة كيفية اجتياز كُلِّ ذلك دون وجود أحبَّائهم. وللأسف، لا تُعَدُّ الإجازات أحيانًا وقتًا سهلًا أبدًا لأولئك الذين يعانون من الحداد، ولكنَّها ـ إن نظرنا من منظور مختلف ـ يمكن أن توفرَ أيضًا فرصة توضيحية لإنشاء مجموعة جديدة من الروتين والطقوس والسلوكيات لمرحلة جديدة في الحياة.

بالنسبة لأولئك الذين يواجهون إجازة العيد الأول بدون أحبَّائهم، فإنَّ أحَد أكبر التحديات هو الخوض في طوفان الحزن الشديد. وهكذا ـ سبحان الله ـ ولِتجنُّب قضاء كُلِّ لحظة استيقاظ في التفكير في خسارتهم، يذكر لي بعض الأفراد أنَّهم يحاولون البقاء مشغولين في الأسابيع والأشهر التي تسبق العيد أو أيَّ مناسبة لِتكونَ هي الطريقة الوحيدة لتبقي الشخص مشتت الانتباه، ولعلَّه يحاول هنا أن لا يمنح نفسه الوقت للحزن!

ومع ذلك، في مواجهة كُلِّ هذا الألَم في فترة يبدو فيه الجميع مبتهجين، هنالك بعض الاستراتيجيات التي أثبتت جدواها يمكن أن تساعد الناس على المُضي قُدمًا بعيدًا عن الحزن، بغَضِّ النظر عن مدى حداثة المشاعر. وأعني هنا التحدث عمَّا حدث وعن علاقة الشخص بذلك المتوَفَّى. وبطبيعة الحال، فإنَّ الروتين والتغير الجديد ليس مجرَّد إكسير لألَمِ وفاة أحد أفراد أُسرته. لأنَّه واقعيًّا بعض الناس ليسوا مستعدين لِفَقدِ تلك العشرة والحياة الطويلة والعزيزة بسهولة. ثم فالتعايش بعد موت عزيز يحتاج منك بعض القرارات والخطوات الثابتة، حتى تتمكن من تجاوز أحزانك والمُضي في الحياة. طبعًا المُضي قُدمًا لا يعني نسيان أحبَّائك، إذ إنَّ إيجاد طريقة للمُضي قُدمًا في حياتك لا يعني أنَّ ألَمَك سينتهي أو سيتمُّ نسيان أحبَّائك، خصوصًا وأنَّ معظمنا يحمل خسائرهم طوال الحياة، ويصبحون جزءًا من هُوِيَّتنا.

بل في كثير من الأحيان، بعد فقدان شخص ما، نميل إلى القيام بالأشياء بشكلٍ مختلف؛ لأنَّ هذا الشخص لم يَعُدْ موجودًا؛ لأنَّه لم يَعُدْ يشعر بنفس الشعور بدونه. لكنَّ محاولة الحفاظ على التقاليد القديمة حيَّة قد يكون بالضبط ما تحتاجه أنتَ وعائلتك في هذا العيد. حاول ألَّا تدعَ تقاليد عائلتك القديمة تموت. على سبيل المثال، إذا احتفلت بالعيد بطريقة معيَّنة عندما يكون أحبَّاؤك في الجوار، فحاول الاستمرار في ذلك حتى بعد رحيلهم، سيكون الأمر كما لو كنتَ لا تزال تحتفل معهم.

ختامًا، نعي أنَّ الناس يحزنون أكثر في المناسبات الخاصة، وشهر رمضان بأكمله يمكن أن يكونَ بمثابة تذكير بما فقده ذلك الشخص. وربَّما ينتهي هذا بعد ذلك بالعيد الذي يمكن أن يكونَ أكثر إيلامًا بذكرى فَقْد عزيز. ولأنَّنا بشر فحزننا هو تذكير بأنَّنا هنا فقط للحظة عابرة، والشيء الوحيد الذي يهمُّ هو الذكريات السعيدة!

د. يوسف بن علي الملَّا

طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي