كانتِ سلطنة عُمان دائمًا وما زالت خير نموذج في مدِّ يَدِ الصَّداقة للدوَل الشَّقيقة والصَّديقة وكُلِّ مَن يدعو إلى السَّلام، واتَّسمتْ علاقاتها بدوَل العالَم بالحكمة وبُعد النَّظر من أجْلِ تحقيق الأمن والاستقرار للشَّعب العُماني الوفي وكُلِّ شعوب المنطقة بل والعالَم أجمع.. فأدَّت دَوْرًا بارزًا في دعم القضايا العربيَّة الملتهبة وفقًا للقرارات الدّوليَّة الشَّرعيَّة.. والتَّاريخ العُماني زاخر بالمواقف المُشرِّفة الَّتي تؤكِّد على دَوْرها الحضاري الدَّاعي للسَّلام الَّذي حرصتْ من خلاله على نَشرِ السَّلام في رُبوع الأرض وجَمْع شمل الفرقاء ورأبِ الصَّدع بَيْنَهم وحلِّ الأزمات بالطُّرق السِّلميَّة بعيدًا عن التَّعصُّب وعَبْرَ مسارات الحوار الإيجابي.
ومن أمثلة ذلك الدَّوْر العُماني البارز والملموس مؤخرًا في حلِّ الملفَّيْنِ اليمني والإيراني والَّذي أشاد به معالي أنطونيو جوتيريش الأمين العامُّ للأُمم المُتَّحدة خلال اتِّصاله بعاهل البلاد المُفدَّى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ والَّذي عَبَّرَ فيه عن امتنانه وتقديره للجهود والمساعي المشكورة من لدُنْ جلالة السُّلطان لتحقيقِ السَّلام في المنطقة وخفض التَّوَتُّر والتَّصعيد مِثل الدَّوْر العُماني الخيِّر في عودة انسياب الملاحة البحريَّة في البحر الأحمر ووقف الصِّراع المُسلَّح بَيْنَ أميركا واليمن، وكذلك جهود الوساطة في الملف النَّووي الإيراني ورعاية الدَّولة العُمانيَّة للمحادثات بَيْنَ واشنطن وطهران الَّتي تقرِّب وجهات النَّظر بما يدعم الأمن والسِّلم الدّوليَّيْنِ.. لِيؤكِّد جلالة السُّلطان المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ من جانبه على «أنَّ الدَّوْر العُماني في هذا الشَّأن يأتي من أجْلِ الخيرِ والسَّلام للجميع».
هكذا هي السَّلطنة دائمًا على مدار تاريخها حرصتْ على الحفاظ على علاقاتها مع الدوَل الأخرى بناء على الاحترام المتبادل والبحث عمَّا يُحقِّق المصلحة المشتركة للشُّعوب.. واتَّخذتْ موقف المحايد من النِّزاعات الدَّاخليَّة بَيْنَ أبناء البلد الواحد، وعَدَّتْ ذلك شأنًا داخليًّا لا يجوز التَّدخُّل فيه.. لِتضربَ المَثل والقدوة في الحكمة والدَّولة الرَّاعية الرَّسميَّة للسَّلام والاستقرار.
إنَّ عُماننا تتطوَّر بهدوء وبثقة وارتفعتْ مكانتها حتَّى وصلتْ عنان السَّماء واستطاعتْ أن تحجزَ لها مكانًا راسخًا وسط الكبار وذلك بفضل فكر حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّذي أثبتَ أنَّ الاستقرار عماد أساس لبناء دَولة حديثة ونهضة مستديمة.. ولقَدْ تمكَّنتْ سلطنة عُمان بفضل الله وبفكر جلالة السُّلطان وبجهود أبنائها المُخلِصِين أن تصبحَ مثلًا يُحتذى لكُلِّ مَن يريد تحقيق تنمية شاملة مستدامة بأبعادها الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والبيئيَّة والسِّياسيَّة وفي كافَّة المجالات.. فهذه السِّياسة الحكيمة جعلتِ السَّلطنة تتبوأ مرتبةً متقدمة في محيطها الإقليمي، وهذا ما تشهد به الأحداث الأخيرة والتَّصريحات المختلفة الَّتي كان مِنْها تصريحات معالي أنطونيو جوتيريش. إنَّنا جميعًا نفخر بتردُّد اسمِ السَّلطنة في الأروقة الدّوليَّة بكُلِّ خير ونُقدِّم أسمَى آيات الولاء للقائد المُفدَّى ونرفعُ أكفَّ الدُّعاء لله عزَّ وجلَّ أن ينعمَ على جلالته بموفور الصحَّة والعافية والعمر المديد، وأن يحفظَه ذخرًا لهذا الوطن، وأن تبقَى راية عُمان في عهده الميمون مرفوعةً خفَّاقة ترفل بثوب العزِّ والإباء.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني