لعل التطرق لمثل هذه المواضيع مهمة جدا خاصة نظرا لاهميتها، وقبل الخوض الى تفاصيل الموضوع لعله من الاهمية بمكان توضيح وتفسير عنوان الورقة او لربما صياغتها بشكل آخر من خلال مفهمونا المتواضع لذلك والتي يمكن ان نقدمها بصورة اخرى وهي هل يوجد لدينا مسرح سياسي خليجي بالمعنى المفهوم؟هل المسرح الخليجي منذ نشأته استطاع ان يتواكب مع مختلف المتغيرات السياسية سواء المحلية والاقليمية والعالمية؟ ام فقط ظل يتمحور على القضايا الاجتماعية اكثر من اي قضية اخرى؟ ام ان مسرحنا الخليجي يحاول الاشتغال على الوضع السياسي ماضيا وحاضرا بآلية الاسقاطات السياسية على الواقع من خلال اللجوء الى اكثر من رؤية؟ هل لدينا مسرح بسكاتور ( المسرح اشبه بالبرلمان والجمهور الهيئة التشريعية / مغامرات الجندي الشجاع شفايك / الطوفان)/ الحرب والسلام)) و مسرح بريخت ( دائرة التباشير القوقازية / الاستثناء والقاعدة) ومسرح مايرهولد (المفتش العام) والبولندي جروتوفسكي ( مسرح الاصلاح المسرحي ) والايطالي بيرانديللو ( المسرح الارتجالي/ ست شخصيات تبحث عن مؤلف) حتى نتمكن من طرح قضايانا بكل شفافية؟ ام ان لكل مقام مقالا كما يقولون؟هل اقتربنا من المسرح التسجيلي ( مسرح موجه الى الشعب)( مسرح بيتر فايس) ( مسرحية (فيتنام) / تخليص السيد مانكوبوت من الامة).المسرح السياسي مسرح تنويري اصلاحي يهدف الى تغيير المجتمع، مسرح يناضل لاجل الشعب والوقوف بجانبه وثوراته لنيل حقوقه من السلطة الظالمة والتمتع بها. مسرح ليس بهدف المتعه والاضحاك والتسلية ولكنه أداة تهدف إلى التغيير والإصلاح والمحافظة على الحقوق الطبقات المستضعفة. مسرحيات مباشرة وواضحة بعيدا عن العاطفة.عند الحديث عن الراهن السياسي فإنه لا بد من الاشارة مباشرة الى كل المتغيرات السياسية في المنطقة الخليجية والعربية وكذلك على المستوى العالمي وما يرتبط بها من متغيرات اخرى سواء كانت اقتصادية او اجتماعية او ثقافية في اطار نظرية التأثير والتأثر. وسواء كانت هذه المتغيرات لها تأثيرها المباشر او غير المباشر على الفرد والمجتمع الخليجي.وربما يستوقفني العنوان ( الراهن السياسي) وكاننا بذلك نلغي مثيلاتها خلال الفترات الماضية، بالرغم انها قد تكون حلقات متسلسلة من المتغيرات السياسة وما يصاحبها وتراكمات وصلت الى مصطلح ( الراهن السياسي) او الى ما نحن عليه اليوم.بين المسرح السياسي واللاسياسي:مهما اختلفت العناوين حول هذا الموضوع الا انه في نهاية المطاف يلخص مدى تطرق مسرحنا الخليجي عامة والعماني على سبيل المثال لمثل هذه المتغيرات السياسية بمختلف اشكالها ومضامينها واهدافها ورموزها وجغرافيتها. وفي هذا الاطار فانه عند الحديث عن مصطلح السياسة في المسرح فانه يدور في اخلادنا تلك القضايا التي يتطرق اليها النص والعرض المسرحي كقضية العدالة في المجتمع والوحدة الوطنية والمحافظة على الهوية وثورات الشعوب وعلاقة السلطة بالشعب ومحاربة الفساد وغيرها من المواضيع التي يمكن ان تندرج تحت مصطلح المسرح السياسي، والاهم من ذلك مدى مساحة الحرية الممنوحة لاجل التعبير عن تلك المواضيع بشفافية دون ايه قيود رقابية، ام ان الموضوع اصبح اقرب ما يكون الى مفهوم الاسقاطات السياسية على الواقع من خلال اللجوء الى التراث والتاريخ والرموز لايصال تلك الرسالة – الحساسة – الى الجمهور والتي ربما يخشى من استعراضها الكثير من كتاب المسرح.ولعل اغلب اعمالنا المسرحية الخليجية تدور في هذا الاطار ولا يمكن ان تندرج تحت مسمى المسر ح السياسي او مسرح بسكاتور وبريخت وغيرهم، ولعلها تكون اقرب الى مصطلح مسرح التسيس لونوس وما يتبعها من إسقاطات على المتغيرات السياسية المتعددة الأزمنة والامكنة.ان المسرح ومنذ قدم التاريخ كان مرتبطا بالسياسة وكانت الاعمال المسرحية كمرآة تنتقد مثل هذه الاوضاع ممثلا ذلك في الاعمال المسرحية وحتى التراجيدية منها حيث اصبحت الكوميديا تضحكنا من الخارج ولكنها تبكينا من الداخل ، هي تلك التي عرفها البعض بالكوميديا السوداء رغم اختلاف المعاني، ولعل كوميديات ارستوفاتس ومناندروس الاغريقية مثال على تلك الاعمال المسرحية التي تتطرق الى مواضيع سياسية كانتقاد نظام الحكم والعدالة في المجتمع.لقدد تعددت الاعمال المسرحية العالمية حول هذا الموضوع سواء كانت مباشرة في الطرح والعرض او باللجوء الى اليات اخرى لايصال الفكرة والتحايل على الرقابة بشكل او بآخر.والمسرح العربي ومنذ ولادته المارونية عند مارون النقاش وابي خليل القباني ويعقوب صنوع كان يحمل في كثير من طياته تلك الملامح السياسية، ولعل تجربة صنوع في مصر كانت واضحة من خلال المرحلة التي وصل اليها في مسرحياته في انتقاد الاوضاع الاجتماعية وانتقاد نظام السلطة والحكم مما ادى الى نفية الى فرنسا ليتحول الى صحفي يوجه بقلمه مقالات في نفس الاتجاه النقدي السياسي.ومرورا بالمسرح متجاوزين تلك المرحلة نصل الى مرحلة ظهور كتاب من المسرح العربي حاولوا من خلال المسرح تسليط الضوء على الاوضاع السياسية العربية كل ومدى مساحة الحرية التي يحظى بها في بلده. ولعل من ابرز هؤلاء المتحمسين لذلك سعد الله ونوس الذي تأثر في اعماله المسرحية بنظرية المسرح السياسي لبسكاتور مع تلميذه برخت في مسرحه الملحمي ليصل الى رؤيته ( مسرح التسيس) ، المسرح الذي يعالج القضايا والهموم الاجتماعية حتى ولو لم بين هناك تغيير مباشر للموضوع الا انه يساهم في تنمية الثقافة المعرفية نحو التغيير او الى ايجاد ظاهرة التنوير لدى المتلقي العربي اينما كان. ولعل ونوس حاول جاهدا اسقاط ملامح المسرحيين السياسيين في اعماله بشكل او باخر ولعل كسر الايهام المسرحي ( الحائط الرابع) من اهم تلك التجارب في محاولة ان يكون الجمهور كجزء من الصالة وبالتالي ادخاله في اللعبة المسرحية لعله يشعر بتلك المضامين التي يجب ان يستشعر بها اثناء مشاهدته للعرض المسرحي. وهذه التقنية اصبحت مطبقة في الكثير من الاعمال المسرحية العربية والخليجية منها.ولعل مسرحية ( سهرة مع ابي خليل القباني) نموذج لتلك الاعمال المسرحية التي يجب الاشتغال عليها في ظل الراهن السياسي العربي، بجانب مسرحيات اخرى ( يوم من زماننا) (الايام المخمورة) الاغتصاب) ( الملك هو الملك) ( طقوس الاشارات والتحولات) ( الفيل يا ملك الزمان) يرى بانه المسرح لا معنى له اذا لم يتناول القضايا الجوهرية للانسان.وبجانب ونوس ظهر العديد من المسرحيين العرب كنجيب سرور وسليمان الحزامي والفرد فرج ( الزير سالم) وصلاح عبدالصبور ومعين بسيسو ومحمد الماغوط ( كاسك يا وطن ) - يحاولون تحقيق نظرية التنوير والاصلاح في المجتمع العربي ، مسرح لا يمكن ان نسميه بالمسرح السياسي بل هو اقرب الى مسرح الاسقاطات السياسية او مسرح التسييس من خلال طرح قضايا ومواضيع مرتبطة بالواقع العربي سياسية كانت او اقتصادية نتيجة للظروف والمتغيرات في كل فترة. مسرح يهدف الى تعرية الواقع العربي والوقوف مع الطبقات المسحوقة وتحقيق العدالة الاجتماعية ، من خلال مختلف الاطر وحسب مساحة الحرية التي يحظون بها.المسرح الخليجي:لعل المسرح الخليجي جزء لا يتجزا من المسرح العربي في محاولة الاقتراب من تقديم اعمال مسرحية تلامس الفرد والمجتمع وفي محاولة اخرى للاقتراب من الراهن السياسي العربي والعالمي كل وامكانياته في ايصال هذه الفكرة الى الجمهور خاصة في ظل الرقابة على النصوص والعروض المسرحية فيما يجب او ما يجب تناوله بالرغم وجود مساحات من الابداع فيما تم تقديمه من مسرحيات خليجية.ولعل المهرجانات والمواسم والفعاليات المسرحية الخليجية هي الموسم الابرز الذي من خلاله يمكننا مشاهدة مسرحيات يمكن ان نحكم من خلالها متى تعامل المسرح الخليجي مع الراهن السياسي او المتغيرات السياسية المختلفة، والمتابع للتجارب المسرحية الخليجية ومنذ ولادتها في المدارس والاندية وصولا الى الفرق المسرحية المتنوعة شكلا ومضمونا.والمسرح الخليجي وما يقدمه من مسرحيات كان وما زال في اغلبه يطرح الراهن والواقع السياسي على اختلاف مضامينه بطريقة الطرح اللامباشر مستخدما اليات اللجوء الى الموروث الشعبي والتاريخ والقصص الشعبية والاجتماعية سواء ذات المصدر الخليجي او العربي او العالمي، بجانب طرحه للقضايا الاجتماعية المختلفة والمتضمنة ابعادا ورمزا سياية.الاهم في ذلك محاولة التعبيرعن رؤيته وايصالها الى الجمهور ، مع استخدامه لتقنية كسر الايهام المسرحي في محاوله منها للاقتراب من القضية والموضوع الى فكر المتلقي واشراكه في همومه وقضاياه المصيرية وتنويره لعله يدرك ذلك، كما ان التقنيات الاخراجية الحديثة ايضا ساهمت في اشتغال المسرحي الخليجي على ايصال ذلك الراهن او تلك المتغيرات لعله يساهم في الاصلاح. كما ان المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية سواء العربية منها والعالمية لا بد ان تكون مصدر اهتمام من المسرحيين الخليجيين لان تاثيراتها بلا شك ستطال مختلف المجتمعات بشكل او بآخر.والتجربة الكويتية ربما بدأت في عرض مختلف القضايا ذات العلاقة بالجوانب السياسية مبتعدة عن المباشرة في الطرح واللجوء الى تقنيات اخرى كالاعداد من المسرحيات الاجنبية والعربية واسقاطها على الواقع الكويتي والخليجي ، ومنذ الكاتب الكويتي صقر الرشود وعبد العزيز السريع وسعد الفرج وعبد الحسين عبد الرضا واعبد الامير التركي وسليمان الخليفي وغيرهم ساهموا في تقديم تجارب مسرحية ذات العلاقة يالسياسة وبهدف تشكيل مسرح تنويري للمجتمع والافراد رغم القوى ولجان الرقابة التي كانت اشبه بالند، ومن تلك المسرحيات ( حرم سعادة الوزير) ( حامي الديار) و ( عنبر و11 سبتمبر) و ( صبوحة) و (سيف العرب) و ( حاميها حراميها) ولعل الازمة الكويتية كانت منعطفا مهما في المسرح الخليجي كنا نتمنى ان نصوص مسرحيات توثق لتلك الازمة السياسية في الكويت والخليج.بجانب تجارب خليجية اخرى كخليفة العريفي في البحرين وعبدالرحمن المناعي وغانم السليطي في قطر ومرعي الحليان واسماعيل عبدالله في الامارات.انها تجارب متفاوتة في ازمنة طرحها ولكنها ارهاصات واشارات ورموز بشكل او باخر لمعالجة قضايا السلطة والعدالة وغياب الحقوق وغيرها، ولعل السبب في ذلك بان اغلب المؤسسات المسرحية الخليجية ليست لديها الاستقلالية ولا بد ان تكون تحت اشراف المؤسسة الحكومية وهي من الاسباب التي يراها الكثيرون من المشتغلين في المسرح الخليجي بان غياب الحرية الكاملة في طرح ومعالجة القضايا السياسية وامثالها من اسباب عدم نضج تجربة المسرح السياسي في الخليج.ان المسرح الخليجي وفي معالجاته للمتغيرات السياسية المختلفة وحتى الازمات الاقتصادية يلجا نوعا ما الى ما سمي بمسرح الاسقاطات غلى الواقع بمختلف قضاياه ، ولعلهم في هذا يحاولون التحايل على مقص الرقيب وغياب الحرية الكاملة في طرح ما يرغبونه بكل شفافيه. وفي هذا الجانب رغم اهمية وجود الرقيب في مسرحنا الخليجي خوفا من ان يتحول المسرح الى اداة تحريض وليس اصلاح اذا ما احسن المسرحي التعامل مع ادواته ، وفي الوقت نفسه لا يمكننا مقارنة مسارحنا بالمسارح الاخرى غير العربية التي في اغلبها مسارح مستقلة وتجد الحرية الكاملة في النقد السياسي ولعل في ذلك نقول لكل بلد طبيعتها وقوانينها وخصوصيتها التي تتفاوت في مدى مساحة الحرية المسموح بها حتى نستطيع تقديم الراهن السياسي في المسرح الخليجي بطريقة بسكاتور او بطريقة ونوس.ولعل الخوض في التجارب المسرحية الخليجية ذات العلاقة بالموضوع ،وخاصة اذا ما تم التركيز غلى الراهن السياسي الحالي والمتغيرات الاقتصادية والمجتمعية سواء في منطقة الخليج او العالم العربي او الغربي سنجدها في اغلبها تشتغل على موضوع التسيس في المسرح ومحاولة اشراك الجمهور في اللعبة المسرحية، او تلك العروض التي تلجا الى توظيف الموروث والتراث الشعبي والتاريخ سواء الخليجي او العربي او العالمي واسقاطه على ذلك الراهن بمختلف مضامينه ، بجانب اللجوء الى تقنيات العرض الحديثة ولعبة السينوغرافيا المسرحية واللجوء الى المسرح الرمزي لايصال الرسالة الضمنية، حتى ولو كانت الكوميديا الساخرة تطبيقا لذلك.ان المسرح الخليجي في نصوصه وعروضه المسرحية يحاول ان يوضح ويستعرض في كثير من اعماله الانسان المسلوب الحقوق في غياب العدالة الاجتماعية وسلطة السلطة على الشعب، ذلك الانسان الذي يعيش عبثية الحياة وسلطة القوي على الضعيف في ظل التدخلات الاجنبية مع تطرق بعضها لظاهرة الربيع العربي التي ربما تكون من اهم المتغيرات السياسية الحديثة في المنظقة العربية والخليجية، الانسان الذي يحرم من حرية الكلمة والتعبير عن رأيه ،والانسان الذي يتعامل معه المجتمع كدمية وغيرها من الاشارات المباشرة وغير المباشرة والتي لربما تكون نتيجة هذه المتغيرات المجتمعية المختلفة.مسرحيات حاولت تعري الواقع ايا كان مكانه وزمانه من خلال التجريد للازمنة والامكنة والشخوص محاولة عرض المشكلة والبحث عن الحل اذا وجد او تكون النهاية المصيرية الحزينة او النهاية التي تنتظر المنقذ المخلص.وفي هذه المقام استوقفتني بعض عروض مهرجان المسرح الكويتي ( الدورة 16) ها العام كمسرحية ( بلاد ازل) للكاتب والمخرج نصار النصار وهي اعداد عن النص المسرحي (الامبراطور جونز) والتي توضح رغبة الشعب في التغيير بسبب الاضطهاد والدكتاتورية والحكم الظالم. وفي نفس المهرجان يقدم علي الحسيني مسرحيته ( القلعة) للعراقي عبد الامير شمخي والتي تطرح موضوع الضياع الانساني في ظل الظروف المجتمعية حيث تغيب الانسانية وكان العيش مع الاموات افضل مع ان تكون مع الاحياء. انها اشارة الى الراهن السياسي وسفك الدماء وما تخلفه الحروب والصراعات من نتائج سلبية ضحيتها الانسان.كما ان مسرحية ( بلاغطاء) للكاتبة (تغريد الداوود) والمخرجة منال الجار الله هي من عنوانها تعري الواقع والراهن السياسي بكل تفاصيلة بسبب تلك المتغيرات التي تحدث في مجتماعتنا العربية وضياع الانسان لانسانيته الحقيقية، وتطرح فكرة الفوارق الطبقية في المجتمع وتاثيرها على الانسانية عامة. حيث تطرح المؤلفة تساؤلا: بماذا ستنفع الثورات العربية اذا كان الانسان لا زال مغيبا ومنساقا لكل من يريد تصنيفه وتشكيله ليكون تابعا بلا عقل ولا ضمير ولا احساس، وفي غياب الصحوة الحقيقية للشعوب يبقى الانسان تائها وممزقا وهو الضحية من هذه الثورات.وفي نفس المسار نتذكر مسرحية ( هالو جلف ) الكوميدية للقطري غانم السليطي والتي من خلالها يسخر من الواقع المعاش بكل مضامينه واشكاله والتاثير الغربي على واقعنا وثقافتنا وهويتنا، ومسرحية ( امجاد يا عرب) لنفس المؤلف والتي تقدم نقدا لاذعا للحكومات العربية وللترهل السياسي العربي الذي يظهر الديموقراطية ويتعامل بالدكتاتورية وموقف العرب الضعيف من قضاياه المصيرية والمواطن المحروم من حقوقه وخيرات بلده. مسرحية تقدم نقدا لاذعا وتوضح ان الانسان العربي سياسيا اصبح اكثر الما وانحدارا حيث ان ازمة الخليج واحتلال الكويت كانت لها تاثيراتها السلبية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ليس فقط على ابناء الخليج ولكن الامة لعربية.قدم المسرح الكويتي مجموعة من المسرحيات بعد التحرير كمسرحية ( سيف العرب) و ( حب في الفلوجة) و ( مخروش طاح بكروش، مخروش طاح)، وهي مسرحيات تعرضت لموضوع الاحتلال وفرحة الانتصار اكثر من نقد الوضع السياسي وما ادى الى قيام تلك الازمة السياسية في الخليج.ومسرحية ( بترول يا حكومة) لحمد الرميحي والتي تعبر عن عن مختلف المتغيرات داخل الدولة بطريقة مباشرة وانتقاد الواقع السلبي منها خاصة في ظل كفالة الدولة لحرية التعبير.ولعل من التجارب المسرحية الخليجية الحديثة ذات العلاقة بالراهن السياسي وخاصة ظاهرة الربيع العربي المسرحية الاماراتية ( نهارات علول) لمرعي الحليان:مسرحية ( نهارات علول):تعتبر من احدث النماذج المسرحية الحديثة والتي يمكن اعتبارها احدى مسرحيات الكوميديا السوداء ذات العلاقة المباشرة بالراهن السياسي العربي خاصة بعج ظاهرة الربيع العربي وتاثيراته ونتائجه على الفرد والمجتمع العربي والخليجي. ويظهر ذلك من خلال شخصية علول الذي يعيش وسط الحرافيش والصعاليك ولا يجدون دخلا لمعيشتهم الا جمع العبوات الفارغة من براميل القمامة وهي اشارة فراغ تلك العقول التي تحاول السلطة سلب عقولها ، يعيشون في مدينة انتشر فيها الظلم والفساد الاداري مما يئؤدي الى اعلان علول الثورة والتمرد ضد السلطة والحكومة والا تظل تلك العقول فارغة، مما يؤدي الى ان تسكن رصاصة في جسد علول دون ان يفارق الحياة بل ظلت الرصاصة كحياة اخرى لهذا البطل الثائر، رصاصة مثلت الحب والبكاء والفرح والالم لتلك الطبقات المضطهدة من قبل السلطة، ولتنتهي المسرحية بقرار اعدام علول اعلانا بانهاء المقاومة واخماد الثورة مما يؤدي ذلك الى ثورة الحرافيش التي يهرب امامها الجنود ورجال الدولة لنتكشف في النهاية ان رصاصة الاعدام ما هي الا حياة اخرى لعلول ومواصلة الثورة من اجل التغيير والاصلاح. ودعوة الجمهور الذي كان جزءا من هذه اللعبة المسرحية.مسرحية ( لا تقصص رؤياك):المسرحية التي هي اشبة بكوميديا ساخرة التي كتب مشاهدها الكاتب الاماراتي اسماعيل عبدالله هي ايضا من الاعمال المسرحية الجديرة بالوقوف امامها باعتبارها محطة مهمة في تصوير الراهن السياسي والثقافي العربي . المسرحية التي يقود احداثها منار الذي يحرض من قبل العرافة بان يقصص رؤياه التي راها في المنام ، هذه الرؤيا التي تحاول الزوجه ان تمنعه من قصها لكنه لا يقدر على ذلك فيقصص رؤياه التي كان يرى بانها تتحقق، تلك الرؤيا المأساوية التي تحمل بداخلها اشكالا مختلفة من المعاناة والضياع وضحايا الراهن المعاش.المسرحية بلغتها الشعرية استطاعت ان تكسب ثقة الجمهور من خلال اشراكه في مضمون الحكاية. انها من مسرحيات الاسقاط السياسي على الواقع العربي خاصة في ظل ما ولده الربيع العربي من نتائج لا نزال نرى نتائجها يوميا. المسرحية في تعريتها للواقع والراهن المعاش تستعرض مختلف اشكال المعاناة الروحية والاجتماعية التي يعيشها الفرد في مجتمعه والفوضى النتشرة وغياب الحقوق وسلطة الحكومة على الشعب. انها مسرحية تستنهض حماس المشاهد لها لاجل غد افضل وفي انتظار المخلص. المسرحية تستعرض قضايا اخرى كقمع الافكار الثقافية وكشف المهزلة التي يمارسها رجال الدين بهدف الاصلاح، المسرحية تدعو الى اهمية ان تكون عناك وقفة عربية وولادة جيل من المناضلين والثوار المخلصين لاجل تخليص الارض العربية من الفوضى التي افرزها الربيع العربي وعدم الاعتماد على الآخرين في معالجة مشاكلنا لان الارض لن يشعر بقيمتها ويحافظ على ثرواتها الا ابناؤها الذين تربوا عليها وشربوا من مائها. - د . محمد بن سيف الحبسي