**
نعاود قراءتنا في النظام الأساسي للدولة، ونخصص مقالتنا هذه للحديث عن مفهوم مبدأ المساواة باعتباره أهم الضمانات الخاصة لحماية حقوق الإنسان وحرياته التي أقرها النظام الأساسي للدولة...
مع بيان أهم التطبيقات التي تجسد مفهوم هذا المبدأ...
من الحقائق المسلم بها في الدولة الحديثة اتساع سلطاتها وما قد يحمل في طياته من انحراف بالسلطة عن الغاية المرسومة لها.
ومن هنا تكمن الخطورة على حقوق الإنسان وحرياته...
وبالتالي فلا سبيل إلى دفع الخطورة إلا بإيجاد الضمانات اللازمة لكفالة تلك الحقوق والحريات في الواقع والقانون ويعني مبدأ المساواة- كضمانة قانونية من ضمانات حقوق الأفراد وحرياتهم- في مدلوله القانوني الواسع: المساواة بينهم في الحقوق والامتيازات والتكاليف العامة.
ويعتبر مبدأ المساواة من المبادئ الأساسية التي أقرتها الدساتير الحديثة...
كما هو الحال في النظام الأساسي العماني.
فقد نص على أن جميع المواطنين سواء لا تمييز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو اللون أو المركز الاجتماعي ولم يقصر المساواة على المواطنين فقط بل نص على المساواة بما يتعلق بحقوق الأجانب وحرياتهم المقررة لهم في المواثيق الدولية المرعية أو في المعاهدات والاتفاقيات التي تكون الدولة طرفا فيها...
وذلك بدلالة البند (2) من المادة (3) من النظام الأساسي للدولة "...
ومراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة..." وكذلك ما نصت عليه المادة (25) من ذات النظام بقولها "يتمتع كل أجنبي موجود بالسلطنة بصفة قانونية بحماية شخصه وأملاكه طبقا للقانون..." إلا أنه ما يجب - في المقابل - ملاحظته والتأكيد عليه في هذا الشأن أنه ليس المقصود بالمساواة - كما يفهمها البعض - أن المواطنين جميعا متساوون أمام القانون المساواة المطلقة.
وإنما المقصود هنا المساواة النسبية بينهم بمعنى المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع من تتحقق فيهم الشروط اللازمة توافرها للتمتع بالحق أو الالتزام بالواجب...
وهذا ما صرحت به المادة (12) في الفقرة الأخيرة من البند (7) "...
والمواطنون متساوون في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقررها القانون...(وتمثيلا لمعنى ومفهوم المساواة أن تعلن إحدى الهيئات رغبتها في شغل وظيفة معينة بمؤهلات وخبرات معينة...
فالمساواة هنا منافسة لشغل هذه الوظيفة ممن تتوافر فيهم شروط شغلها فقط...
وبالتالي استبعاد من دخول المنافسة (المسابقة) ممن لا تنطبق عليهم شروط شغلها...
لا يعني بحال من الأحوال إهدارا لمبدأ المساواة...
وبالتالي تعدى على حقوق الأفراد)...
لذلك فمن المقبول صدور قوانين تمنح امتيازات لفئات معينة...
مثل القوانين المتعلقة بفئة المعاقين وأسر الضمان الاجتماعي.
مما يعني ذلك عدم المساس بمبدأ المساواة...
والقارئ للنظام الأساسي العماني يجد فيه العديد من التطبيقات التي تجسد مفهوم مبدأ المساواة ونقتصر في مقالتنا هذه على المساواة أمام القانون...
تعني المساواة أمام القانون "أن يكون القانون واحدا بالنسبة للجميع، لا تميز بين طبقة وأخرى ولا بين فرد وآخر بسبب الأصل أو الدين أو اللغة."...
وقد أكد النظام الأساسي العماني على مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون وذلك بكفالة تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره أساس العدل والعدل أساس الملك والسلام الاجتماعي وتوفير الأمن والطمأنينة...
وهذا ما صرحت به المادة (17) من النظام الأساسي العماني حيث جرى نصها على النحو التالي "المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي..."
ومن تطبيقات المساواة أمام القانون- كضمانة قانونية مهمة لحماية الحقوق والحريات العامة: (المساواة القانونية أمام الوظائف العامة)...
والتي تعني أن يتساوى جميع المواطنين في تولي الوظائف العامة وأن يعاملوا نفس المعاملة من حيث شروط الوظيفة ومؤهلانهم التي يتطلبها القانون، ومن حيث المزايا والحقوق والواجبات والمرتبات والمكافآت المحدد لها...
وهذا ما أكده البند (7) من المادة (12) من النظام الأساسي للدولة "...
الوظائف العامة خدمة وطنية تناط بالقائمين بها...
والمواطنون متساوون في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي يقررها القانون.".
أستاذ القانون التجاري والبحري المساعد- كلية الزهراء للبنات محام ومستشار قانوني كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية والإتفاقيات الدولية

د. سالم الفليتي
[email protected]