مشروع المدينة المستدامة -يتي نموذجٌ متكامل لتحسين جودة حياة السكان دون التأثير على احتياجات الأجيال القادمة.
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، تحوّلت عبارة “العيش والعمل والازدهار” إلى معيار أساسي يوجّه اختيارات الأفراد عند البحث عن منازل جديدة. فالمجتمعات المتكاملة التي تجمع بين السكن والخدمات اليومية والترفيه والصحة والتعليم باتت مطلبًا ملحًا، لا سيما عندما تتجذّر في مفاهيم الاستدامة. لذا، لم يكن مفاجئًا أن تحظى المدن المستدامة، مثل “المدينة المستدامة - يتي”، بإقبال متزايد باعتبارها من من أبرز الخيارات في المنطقة.
إن التوجّه نحو هذا النوع من المجتمعات يعود إلى ثلاثة دوافع رئيسية في الشرق الأوسط. أولها، الخصوصية الثقافية في المنطقة التي تعلي من قيم الضيافة والتماسك الاجتماعي، وهي قيم تتناغم بشكل طبيعي مع نمط العيش المجتمعي الذي يعزّز الترابط وجودة الحياة. ثانياً، أدت جائحة كوفيد إلى تغيير أولويات الأفراد، حيث أصبح البحث عن أحياء مرنة، مكتفية ذاتيًا، وتوفر احتياجات الحياة اليومية بسهولة ضمن نطاق قريب، أولوية لدى الكثيرين. أما العامل الثالث، فهو تصدّر الاستدامة لرؤى التنمية الوطنية، ما زاد من الاهتمام بالمساحات الخضراء، والمنازل الموفرة للطاقة، ونمط الحياة الذي يركز على الصحة وجودة المعيشة.
ولضمان جودة الحياة في هذه المجتمعات، لا بد من توفير مزيج متكامل من الخدمات، مثل مراكز التسوق، والمطاعم، والمدارس، والمراكز الصحية، إلى جانب مرافق ترفيهية ورياضية ومساحات خضراء مفتوحة. كما أصبحت مراكز المجتمع، والمناطق المشتركة، والتصاميم التي تناسب للمشاة، عناصر أساسية في التخطيط العمراني الحديث. فالمطلوب اليوم هو مجتمعات متعددة الاستخدامات، تتداخل فيها أماكن السكن والعمل والترفيه لتخلق بيئة معيشية نابضة بالحياة.
ومن منظور الاستدامة، لم يعد كافيًا أن تحمل المجتمعات المواصفات البيئية، بل يتطلّع السكان اليوم إلى مدن تقلّل من فواتير الخدمات من خلال استخدام الطاقة المتجددة، وتضمن الوصول المستقر للمياه، وتوفّر حلول تنقل نظيفة وجاهزة للمستقبل. كما يزداد الطلب على تقنيات المدن الذكية التي تسهم في تحسين كفاءة الحياة اليومية. وتوفير نمط معيشة أكثر كفاءة وراحة. وفي ظل الوعي المتزايد بالمخاطر المناخية وندرة الموارد، لم تعد هذه التوجّهات ترفًا، بل تحوّلت إلى استثمار طويل الأمد لصالح الأفراد وعائلاتهم.
ولا شك أن سلطنة عُمان تُمثّل بيئة مثالية لاحتضان هذا النوع من المجتمعات، حيث تضع السلطنة الاستدامة في صميم رؤيتها المستقبلية “عُمان 2040”. ويعزز من ذلك موقعها الاستراتيجي، وطبيعتها الخلابة، وتنامي جاذبيتها كوجهة للسياحة البيئية، ما يجعلها خياراً واعداًص لمشروعات التنمية المستدامة.
تجمع المدينة المستدامة - يتي التي تقع في وسط المناظر الطبيعة الخلابة لعُمان، مفاهيم الاستدامة والعيش المجتمعي المتكامل. فهي توفّر فرصًا بسيطة ولكن ذات أثر عميق، مثل الزراعة المجتمعية التي تجمع السكان على هدف مشترك يخدم البيئة. وتُعزّز وسائل التنقل الكهربائية والمشتركة، مثل الدراجات الإلكترونية والمركبات الصغيرة، مفهوم الحياة الصحية، وتشجّع على المشي والتواصل. كما تتنوّع المرافق ما بين النوادي الرياضية، ومراكز الفروسية، والمسارات المخصّصة للمشي والجري وركوب الدراجات، وكلها تُسهم في تعزيز أسلوب حياة نشط ومتوازن. وتأتي التكنولوجيا الذكية المتكاملة لتربط المنازل والمرافق العامة ووسائل النقل بمنظومة بيئية متكاملة وصديقة للبيئة.
يُعد هذا المشروع الطموح، الذي يتم تطويره من قبل شركة دايموند ديفلوبرز – إحدى شركات مجموعة “سي القابضة” بالتعاون مع الشركة العُمانية للتنمية السياحية (عُمران)، نموذجاً فريداً في الاستدامة والتخطيط الحضري. ويهدف المشروع إلى تحقيق حيادية الانبعاثات بحلول عام 2040، أي قبل الموعد الذي حدّدته الأمم المتحدة بعشر سنوات. ما يجعله معياراً عالمياً في مجال مدن المستقبل والتطوير الحضري، وشهادة حية على ما يمكن تحقيقه عندما تتضافر الرؤية والابتكار والالتزام.
ومع تزايد الطلب على الحياة المجتمعية ودور الاستدامة المتزايد، أصبح التحول نحو مشاريع سكنية مستدامة تركز على المجتمع ضرورة ملحة في التخطيط العمراني. هنا، يأتي دور كافة الأطراف، من الحكومات، والمطوّرين، والمستثمرين، في قيادة هذا التحوّل، وبناء مجتمعات مرنة، صديقة للبيئة، ومستعدة للمستقبل تضمن جودة الحياة للأجيال القادمة.

