إن للإنسان عادات يقوم بها المسلم كالأكل، وهى طبيعة بشرية، وما زلنا نتناول آداب الطعام، فيستحب تقديم الطعام للضيوف ويبش فى وجوههم ترحيبًا بهم ويبين لهم أنه صنع الطعام لهم، ولا يستأذنهم فى التقديم، بل يقدم من غير استئذان، ومن التكلف أن يقدم كل ما عنده ولكن المقصود من التقديم كسر حاجز الحياء لدى الضيوف أن يقدموا على الطعام ويذكرهم بذكر الله على الطعام بقوله:(بسم الله).
وللزائر آداب، فلا يقترح طعامًا بعينه لعله غير موجود لدى المضيف أو أن هذا النوع من الطعام مرتفع الثمن ولعل المضيف لا يستطيع شراؤه، وإذا خير الزائر بين طعامين اختار أيسرهما، إلا أن يعلم أن مضيفه يسر باقتراحه.
ومن آداب الطعام أنه إذا علم أحد أن قومًا يأكلون ينبغي ألا يدخل عليهم، فإذا صادفهم من غير قصد، فسألوه الأكل، فإنه ينظر ويفكر، فإن علم أنهم إنما سألوه حياء منه، فلا يأكل، وإن علم أنهم يحبون أكله معهم، جاز له أن يأكل. ومن دخل دار صديقه فلم يجده وكان واثقًا به عالمًا أنه إذا أكل من طعامه سُرَ بذلك جاز له أن يأكل. ومن آداب الضيافة، أن يقصد بدعوته الأتقياء دون الفساق، وفى الحديث الشريف وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):(لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقى) (رواه أبو داود والترمذي وسنده حسن)، وقد قال بعض السلف:(لا تأكل إلا طعام تقى ولا يأكل طعامك إلا تقى)، هذا... وينبغي أن يقصد الفقراء دون الأغنياء، كما ينبغي أن يعتني بأقاربه ولا يهملهم في ضيافته، فإن إهمالهم بؤدي إلى الإيحاش وقطيعة الرحم، وينبغي أن يراعى الترتيب بين أصدقائه ومعارفه، ولا يقصد من دعوته المباهاة والتفاخر، ولتكن نيته استعمال السنة فى إطعام الطعام واستمالة قلوب الإخوان وإدخال السرور على قلوب المؤمنين، ولا يدعو من تشق عليه الإجابة لمرض أو كبر سن أو كثرة عمل أو غير ذلك من الأسباب، ولا يدعو من إذا حضر تأذى به الناس لسبب من أسباب. وينبغي مراعاة الإكرام والسعة ــ عدم الإسراف في وضع الطعام بمعنى أن تتناسب كميات الطعام المعروضة مع أعداد الزائرين، حتى إذا تبقى طعام لم يكن كثيرًا أما تقديم الطعام بكميات هائلة وبعد التناول يلقى الطعام الكثير في صناديق القمامة فكل ذلك إسراف وتبذير في حين أن كثيرًا من فقراء المسلمين لا يجدون ما يسدون جوعهم، فعلى الأغنياء تذكر الفقراء، ولنعلم أن الفقر إن كان ابتلاء من الله حيث يصبر الفقير ولا يتلفظ بما لا يغضب الله ويسع لطلب الرزق، كذلك الغِنى ابتلاء من الله، فينظر الله ما يفعل الغني من الشكر وعدم الإسراف أو التبذير، والله من وراء القصد، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.


د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية
[email protected]