ما حكم قراءة المولد والمالد؟أما بالنسبة إلى قراءة المولد هذا هو الاحتفال بذكرى ميلاد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم)، وهذا أمر لم يكن عند السلف الصالح إذ لم يكن معهوداً في عهد النبي (صلى الله عليه وسلّم) ولا في عهد الصحابة ـ رضوان الله عليهم، وإنما حدث ذلك بعد قرون ويقال بأنه حدث في إبان الدولة الفاطمية، ولذلك وقف العلماء موقفين منه، منهم نظر إلى أنه بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعلى هذا هو غير جائز أي الاحتفال بمناسبة ذكرى مولد الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، ومنهم من قال بأنه سائغ لأن فيه تذكيراً بنعمة بعثة النبي (صلى الله عليه وسلّم)، وهذا رأي وجيه، ولكن لا بد من أن نعتبر بعض الاعتبارات، ربما بالغ بعض الناس في ذلك في الاحتفال بذكرى مولد الرسول (صلى الله عليه وسلّم) وأحدثوا أشياء لم تكن ليرضى بها الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، من بين هذه الأشياء الاختلاط بين النساء والرجال، ومن بين هذه الأشياء الإسراف الذي ينهى عنه الإسلام ، وكذلك تقديس كلام أحد بعينه لأن القدسية لكلام الله، فلا حرج أن يقرا الإنسان الكتاب الذي ألف في حكاية قصة مولد النبي (صلى الله عليه وسلّم) ولكن هذا على أن لا يكون يعتقد في قراءة ذلك الكلام التعبد الذي في قراءة كلام الله تبارك وتعالى، فإن كلام الله تعالى تعبدنا بتلاوته بل لو قرأ القرآن الكريم شخص أعجمي لا يعرف من العربية شيئاً، فإنه يكون بذلك متعبداً بهذه التلاوة التي يتلوها لكتاب الله، بينما كلام غيره من كلام أهل العلم بل حتى الأحاديث النبوية لا يتعبد أحد بتلاوتها لذاتها، وإنما لأجل فهم دلالات الحق ومقاصد الشرع وإرشاد الإنسان إلى سبيل الحق والدين، أما أن يعتبر الإنسان كلام أحد له قدسية بحيث يقرأه متبركاً به كما يتبرك بقراءة كلام الله تبارك وتعالى فهذا غير سائغ، ولذلك نحن نقترح في تذكير الناس بمثل هذه المناسبة العظيمة أن تلقى محاضرة يدعى فيها الناس إلى اتباع السنة النبوية ـ على صاحبها أفضل الصلاة والسلام،وإحياء ما اندرس من هذه السنة، والقيام بالدعوة التي دعا إليها الرسول (صلى الله عليه وسلّم) حتى لا يكون الناس يشتغلون بمجرد الأمور الظاهرة، ويشتغلون بالشكل ويتركون الحقيقة والمضمون، ومن ناحية أخرى ما يسمى بالمالد هذا أمر آخر، هذا أمر أنا بنفسي لا أعرفه ولكن حسبما قيل لي بأنهم يعتقدون اعتقادات خارجة عن الحق، ويستحضرون الشياطين إلى آخره، هذه أمور لا تجوز أبداً، ولا يجوز لأحد أن يدعو غير الله تبارك وتعالى، فإن دعاء غير الله يدخل من اتخاذ غير الله تبارك وتعالى إله يعبد، والحق سبحانه وتعالى شددّ في ذلك كثيرافي كتابه فقد قال:(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (الرعد ـ 16(، ويقول سبحانه وتعالى:(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر ـ 2)، ويقول:(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) (الزمر ـ 38)، ونجد أن الله سبحانه وتعالى يخاطب في كتابه الرسول صلى الله عليه وسلّم وهو أشرف الخلق وأعلاهم منزلة وأعلاهم قدرا فيقول له ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ) (الأعراف ـ 188) وإذا كان النبي (صلى الله عليه وسلّم) لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف بغيره ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ، بل كيف يملك ميت أو يملك أحد أياً كان حياً أو ميتاً لأي أحد نفعاً ولا ضراً، أو أن يلجأ إنسان إلى مردة الجن أو الشياطين أو نحو ذلك فيطلب منهم قضاء حاجة أو دفع مضرة أو تحقيق منفعة ذلك كله مما يعد من الشركيات.. والله المستعانيجيب عن أسئلتكمسماحة الشيخ العلامةأحمد بن حمد الخليليالمفتي العام للسلطنة