ربما تمرُّ على ذلك الإنسان وفي وقت مضى مشاعر مختلطة تجاه فرد ما، وبالتالي نعي مدى الانزعاج الشديد الذي ينتج عن ذلك. فإذا كانت مشاعرك إيجابية بحتة، بالطبع، ستكون العلاقة نعمة. حتى المشاعر السلبية البحتة ستكون أفضل؛ لأن مسارها سيكون واضحًا: وقل وداعًا! لكن واقعيًّا تلك المشاعر المختلطة تتركك في حيرة من أمرك بشأن الشيء الصحيح الذي ينبغي عليك فعله؟ أو ربما تكون بعض ذكرياتك مختلطة بشكلٍ مؤلم ويصعب تفسيرها. ربما كانت طفولتك جيدة وسيئة على حد سواء، ولم تكن تتناسب مع ذلك الإطار الجميل، وبالتالي تشعر أنه من المستحيل شرحها للآخرين أو حتى لنفسك.
وهنا قد تتفق معي ـ أيها القارئ ـ بأن المشاعر المختلطة قد تستنزف بطارياتك العاطفية، مثلها كمثل هاتف يتصل بشبكات متعددة في وقت واحد. إنها واحدة من أكثر الظواهر النفسية تعقيدًا التي يمكننا القيام بها، وتسبب لنا كبشر قدرًا كبيرًا من الضيق. قد تعتقد أن المشاعر السلبية البحتة هي أكثر المشاعر غير السارة، ولكن حقيقة هي مزيج من السلبية والإيجابية التي يمكن أن تكون أسوأ!
وللأسف حتى اليوم، يتحدث الناس غالبًا عن السعادة والتعاسة بهذه الطريقة، كما لو أن وجود أحدهما يعني غياب الآخر. صحيح أن المشاعر المختلطة قد تجلب أحيانًا التعاسة، لكن يمكنها أيضًا أن تجلب معنى للحياة. فعند التفكير، ستلاحظ عدم وجود تناقض! فالحياة ذات المغزى هي حياة مليئة بجميع أنواع التجارب والعواطف، بما في ذلك تلك التي نجدها غير مرغوب فيها. هذا هو السبب في أن بعض العلاجات النفسية لا تسعى فقط إلى تقليل الألم العاطفي، ولكن أيضًا تجد هدفًا عميقًا فيه. ما أقصده هنا أن تلك الحياة الكاملة التي اختبرها أي شخص وعاشها، بلا شك لن تذهب فيها مشاعره المختلطة والسلبية سدى!
وهنا وبمجرد أن تشعر بالراحة تجاه مشاعرك المختلطة، ابدأ في استكشاف الثراء الذي يمكن أن يجلبه التناقض إلى فهمك لحياتك. وأجزم هنا أنه يمكن للناس أن يجدوا إحساسًا أعمق بالهدف عند التفكير في مشاعرهم السعيدة والحزينة حول حدث معيَّن، مثل التخرج من الكلية.
ختامًا، الحياة أسهل عندما يكون الطريق إلى الأمام واضحا، لكنه نادرًا ما يكون كذلك! نحن مصممون لتجربة الارتفاعات والانخفاضات، وكل شيء تقريبًا له معنى في كلا الأمرين. في بعض الأحيان، هذا يؤذي نفسك داخليًّا، ولكن هذا هو بيت القصيد. لا تحاول أن تجعل الحياة غير معقدة، أو تقلل من حبها لأنها فوضوية. بل ـ نصيحتي هنا ـ وبدلًا من ذلك، صمم على أن تكون مستيقظًا وحيًّا داخل تلك الفوضى.


د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
[email protected]