-غياب الاستراتيجيات طويلة المدى أدى إلى تفاقم الاختناقات المرورية وتجاوز الطاقة الاستيعابية
- عدم وجود حارات مرورية مخصصة لحافلات النقل العام والشاحنات
- إقامة مركز متخصص فـي الدراسات المرورية يستعين بكوادر وطنية من ذوي الخبرات
- الاستعانة بالتجارب العالمية وإدخال آخر التحديثات فـي منظومة الطرق
- نشر مراكز التحكم المروري فـي المناطق ذات الكثافات العالية

استطلاع ـ سليمان بن سعيد الهنائي:
تصوير ـ سعيد البحري:
باتت الاختناقات المرورية في محافظة مسقط، هاجسا يوميا يؤرق مستخدمي الطريق، بما تحدثه من تأثيرات سلبية ليس فقط على قائدي المركبات وإنما تعدى ذلك فشمل قطاعات أخرى اقتصادية وتجارية وسياحية واجتماعية، وتتركز أغلب هذه الاختناقات عند الجسور العلوية والتقاطعات الفرعية، وتحولت أوقات الذروة لقلق يومي ينتاب الجميع، وأخذ قائدو السيارات يبحثون عن طرق التفافية توصلهم إلى وجهاتهم، حتى أصبحت مهارة يتفاخر بها البعض في نجاح الوصول إلى أماكنهم في أسرع وقت.(الوطن) التقت بعدد من الأكاديميين ومرتادي الطريق الذين أثاروا أبرز النقاط المسببة للاختناقات المرورية والحلول المقترحة..
يقول سعادة قاسم بن مرهون العامري عضو مجلس الشورى، ممثل ولاية السيب: إنّ الاسباب التي تؤدي الى اختناق الطرق وخاصة في محافظة مسقط يُعدُّ أمرًا طبيعيًا ومتوقعًا، حيث تُعدُّ محافظة مسقط العاصمة وشأنها شأن أغلب عواصم العالم وبسبب الكثافة السكانية تشهد ازدحامًا كبيرًا ومستمرًا، فعندما نقارنها عن باقي محافظات سلطنة عمان نجدها تحتضن أغلب المؤسسات الحكومية وتتركز فيها جميع الخدمات الرئيسية، وتُعدُّ رابطًا رئيسيًا مع الدول يتم قصدها لمآرب أخرى لتتوافق مع توجهات الفرد بنفسه.
مشيرًا الى ان الاختناقات المرورية يترتب عليها آثار جانبية كثيرة منها تأخير قائدي المركبات في الوصول إلى مقار أعمالهم وأيضًا له تأثير مباشر على الانتاجية وخاصة الموظفين الذين هم بحاجة الى توفير مسالك سهلة ومرنة تقيهم من الضغوطات النفسية والمعنوية، إضافة انها تتعدى الأعباء حيث يتحمل تبعاتها القطاعات الأخرى، فذلك التأثير قد يؤثر على الناتج الذي يعود على الفرد بذاته ومؤسسته.
مؤكدًا بأن الثقافة العامة من قبل قائدي المركبات خاصة في أوقات الذروة بحاجة الى المزيد من التوعية، وهذا ما يظهره البعض منهم من سلوكيات، ومثال على ذلك عند مروره على حادث سير أو أية نقطة تجمع نشاهد اختناقًا مروريًا مما يساهم الى تعطيل سير حركة المركبات الذي بدوره الى ضياع الوقت ويسبب اجهادًا بدنيًا ونفسيًا على الآخرين.
وقال سعادته: إن المرحلة القادمة تحتاج الوقوف على الاسباب الرئيسية التي أدت الى زيادة اختناقات الطرق، حيث يُعدُّ من أسبابها ضعف رسم الاستراتيجيات بعيدة المدى لكي تتماشى مع كل مرحله من مراحل التطوير الذي يجب أن تكون تؤخد ضمن العمران وزيادة عدد مستخدمي المركبات، وتزداد الحاجةُ للبحث عن حلول ابتكارية لمواجهة ظاهرة الاختناقات المرورية، مشيرًا الى المقترحات ومنها البعد عن المركزية في تقديم وخاصة أن مباني الحكومية تتمركز في مناطقَ متقاربة ممثلة في حي الوزارات ومرتفعات المطار والاستفادة من تجربة العمل عن بُعد التي طبقت خلال فترة جائحة كورونا وخاصة في بعض الوظائف الذي تمكنه من انجاز عمله دون الحاجة الى حضوره.
وناشد سعادته بإعادة النظر في توزيع المخططات السكنية والتجارية بصورةٍ تتناسب مع حجم الكثافةِ السكانيةِ لكل منطقة وتخصيص مساحات كافية للمواقف ذات الطابع الافقي (الرأسي) والتخطيط على إقامة مسارات مزدوجة لضمان انسيابية الحركة وأيضًا مراعاة عدم تكدس المحلات والمراكز التجارية في منطقة واحدة مع ضرورة تخطيط الشوارع المحيطة بصورةٍ تضمن انسيابيةَ الحركة في المداخل والمخارج مثال ذلك طريق (مول مسقط) و(نستو).
بطء الحركة المرورية
وقال الدكتور خالد بن سالم الشامسي ـ رئيس قسم الهندسة المدنية في جامعة السلطان قابوس: إنّ كثافة الحركة المرورية الشديدة في بعض المسارات خلال ساعات الذروة تجاوز الطاقة الاستيعابية التصميمية لبعض الطرق والذي يؤدي تلقائيًا الى بطء الحركة المرورية وإطالة في الوقت المقدّر مما يعني تأخر وصول الأفراد والبضائع الى وجهاتهم، مبينًا بأن التأخير له تأثير مباشر على القطاعات الاقتصادية والتجارية والصناعية ويظهر نوع من التذمر لدى قائدي المركبات قد يدفع البعض منهم الى ارتكاب المخالفات التي قدي تؤدي الى حوادث مرورية أو زيادة الاختناق المروري.
أما عن اسباب التي أدت مضاعفة الاختناقات المرورية في مسقط فقد أشار الدكتور الشامسي بأنها تتركز في تجمعات الحركة المرورية في منطقة جغرافية محدودة، قد تكون هذه تجمعات خدمية مثل المؤسسات الحكومية ممثل في المستشفيات (مناطق ولاية بوشر كمثال)، وقد تكون تجارية وترفيهية كالمراكز التجارية والأسواق، وأيضًا المناطق الصناعية والاقتصادية تعتبر أحد المولدات الرئيسية للحركة المرورية والكثافة السكانية العالية في بعض مناطق مسقط والمرتبطة أيضا بمعدل عالي نسبيًا لملكية الفرد أو الوحدة السكنية الواحدة للسيارات، وهذا يؤدي الى تحرك أعداد هائلة من المركبات تتنافس على استخدام شبكات الطرق في فترة زمنية محدودة (ساعات الذروة)، إضافة الى ضعف وتنوع خدمات النقل العام ومحدوديته جغرافيا وعدم وجود بنية تحتية معنية بالمسارات الخاصة مخصصة للنقل العام مثل: الحافلات والشاحنات وإعطاء الأولوية المرورية لها في بعض المناطق وضعف ثقافة النقل المشترك بين الأفراد فنجد كثافة الركاب في المركبة الواحدة منخفضة (قد نشاهد مركبات ذات سعة ثمانية ركاب يشغلها راكب واحد فقط)، مؤكدًا بأن غياب مراكز الإدارة والتحكم للحركة المرورية لطرق المحافظة والتي تتطلب أن تكون مجهزة بكاميرات رصد الحركة عن طريق الأقمار الصناعية لتساهم من إعطاء معلومات آنية عن الوضع المروري ويسمح القيام بالتدخلات المناسبة لحلحلة أي اختناق مروري في الوقت المناسب وأيضا بأن بعض الطرق قد لا تتناسب المرحلة القادمة وتحتاج الى أعادة هيكلتها مع تزايد الحركة المرورية التي لم تقدر على استيعاب المركبات مما يخلق ازدحام شديد لفترات طويلة، وفيما يتعلق حول تأثيرات الاختناقات المرورية الطويلة زمنيًا فإنها تؤثر بشكل أكبر ومباشر اقتصاديا لارتباطه بسرعة إنجاز الخدمات فعامل الوقت هو أحد المدخلات المهمة والأساسية لأي نشاط اقتصادي، وبالتالي التأخير الذي تسببه الاختناقات المرورية له تأثير مباشر على كافة أطراف العملية الاقتصادية أيضًا له تأثير صحي على المستهلك حيث يرتبط بنقل بعض المواد الغذائية ذات الصلاحية الزمنية المحدودة قد يصيبها التلف إذا لم يتم إيصالها الى أماكنها في التوقيت المخصصة وأيضا تأثير الاختناقات يؤثر على خدمات الطوارئ والإسعاف والتأثير البيئي يزيد من نسبة الانبعاثات عوادم والتأثير النفسي يعود على قائد المركبات مسببا له آثار جانبية منها الغضب والقلق تدفعه الى ان يسلك الى تصرفات فيها رعونة تؤثر على تغيير نمط الحياة لديه.
موضحًا بأن واقع ثقافة قائدي المركبات لا يمكن تعميمها فهم يمثلون شرائح مختلفة من المجتمع ولا يمكن إطلاق حكم عام بدون عمل دراسات مفصلة، فأغلبهم لديهم الوعي المروري العالي ويستطيعون امتصاص التأثيرات المختلفة للازدحامات المرورية هناك فئة قليلة ولكن مؤثرة تتصرف بأنانية وتحاول القفز على حقوق الآخرين في الاستخدام الآمن للطريق هذه الفئة تساهم في إطالة أمد الاختناقات المرورية، مشيرًا الى ان الامتعاض يولد التأثيرات النفسية الطبيعية لأي معيق للحركة حيث يختلف باختلاف شخصيات الأفراد وطبائعهم.
وحول آلية تخفيف الضغط على الطرق خاصة في أوقات الذروة قال الدكتور الشامسي: يجب أن يكون هناك توسع في الطرق الحالية كإضافة حارات مرورية أو توسعة التقاطعات الموجودة وأتباع اللامركزية في تقديم الخدمات من حيث توسيع وتوزيع الحركة على اتجاهات متعددة وتطوير خدمات النقل العام وتنويعه وتجويده ليصبح خيارًا جاذبًا لأفراد المجتمع تدفعهم للتخلي تدريجيا عن استخدام المركبات الخاصة وخاصة في برنامجهم ذات الطابع الروتيني وإنشاء وتفعيل مراكز التحكم المروري في المناطق ذات الكثافة المرورية العالية والحرص على الخيارات طويلة الأمد المتمثل في التخطيط الحضري المناسب للأحياء السكنية والتجارية وجعلها مكتفية ذاتيًا من الخدمات الأساسية التي يتطلبها قاطنوها دون الحاجة من العناء لقطع المسافات الطويلة للحصول عليها وتشجيع نشر ثقافة العمل عن بعد أو تطبيق نظام ساعات العمل المرنة وبالتالي التقليل من الحاجة الى الذهاب لمقر العمل في وقت واحد ودعم الدراسات والبحوث العلمية المتعلقة في مجال الطرق والمرور لتكون رافد وداعم للمعنيين لاتخاذ القرارات المناسبة المدعومة علميًا.
إعادة نظر
وأوضح الدكتور أحمد بن صالح البرواني أستاذ القانون الجنائي الزائر بكلية الحقوق بجامعة الشرقية بأن واقع الطرق في سلطنة عمان يحتاج الى اعادة نظر فيها من خلال من تشهده من نموٍ متنامٍ في جميع المجالات المتعلقة في الجانب الاقتصادي والسياحي والتجاري وايضا أضحت المركبات تزداد وبصورة لافتة إلا الوضع الراهن من جانب الطرق ما زال علىه دون تجديد، وهنا تحتاج الى وقفة من قبل المعنيين وإيجاد الطرق السليمة لتخفيف الاعباء على قائد المركبات، مشيرًا الى انه يجب تكثيف الجهود الحالية تشهد نمو في القطاعات الحكومية والخاصة تحتاج إلى تكثيف في جهود التوعية والتثقيف، واستخدام أدوات العقاب بحاجة إلى سياسة حكيمة، لذا فالأمر يحتاج إلى تكاتف الجهود من قبل الجميع وقبل كل شئ فالمعاناة التي تتكرر مع قائدي المركبات بشكل يومي وهم يحملون العناء من كثر ما يلازمهم هنا نحن بحاجة الى إيجاد ما بلورة الامر ووضع الحلول على المدى البعيد.
مشيرًا الى أن هناك الكثير من الدراسات المرورية المختصة والمتعلقة في جانب اختناقات المرور التي تسهل عملية الحركة وتخفف من الجهد والوقت وتحد من التركيز وخاصة أثناء مرور الشاحنات التي ليس لديها طرق مخصصة وتزاحم المارة وتزيد من الضغط على الطريق فهذا من الامور الذي بحاجة الى دراسة وتمحيص، مؤكدًا على أهمية إقامة مركز للدراسات المرورية يعيّن فيه من ذوي الخبرات والكفاءات يقوم على دراسة وبحث وتحري كل ما يلزم الطرق من تحديثات مستمرة لأن الدراسات العلمية الصحيحة أثبتت في إيجاد حلول كثيره بسبب الاختناقات المرورية وعلينا الاستفادة من التجارب بعض الدول من اجل تسهيل مرونة سير عملية المرور.
وقال: إنّ الحياة لا تتوقف والتطوير والبناء مع ارتفاع في معدلات المركبات ادى الى عدم الاتزان في النمو السكاني وأيضًا نشهد نمو في توافد السائح ساهم الى حراك متزايد في حركة والتنقل يقابله طلب متواصل في استخدام الطرق، فهذه كلها عوامل لها تأثيرات مباشرة من كفاءة قدرتها على استيعابها وأيضا تقلل من جودة الإنتاج وكميته ويطول من تأخير نقل البضاعة وتسبب ضرر كبير بالمستهلكين بسبب تأخر وصول البضائع مؤكدًا بأن ثقافة قائدي المركبات بحاجة إلى تأهيل وهذا التأهيل يتوجب على الجميع وأن يكون هناك جهود متواصلة في مجال التوعية والتثقيف رغم ان بعض من قائدي المركبات يملي على نفسه نوعًا من التذمر والتأفف بسبب تكرار الاختناقات اليومية تؤدي به الى ارتكاب مخالفات في حق نفسه والآخرين، وهنا نحتاج الى تنويره وإدراكه لتجنبه القيادة عند الغضب لأي كانت الاسباب.
ربط الطرق الداخلية
وقال المهندس جميل بن سعيد اليعقوبي من قسم الهندسة المدنية والمعمارية بجامعة السلطان قابوس: إنّ من الاسباب التي ساهمت الي زيادة من وتيرة مضاعفة أزمة الطرق في محافظة مسقط عدم وجود دراسات جديدة تطور من عملية استيعاب اعداد المركبات المتزايدة وأيضا نحن بحاجة الى زيادة من ربط الطرق الداخلية مع في المداخل والمخارج بما تسببه من اختناق مروري وخاصة بين الاحياء السكنية وازدواجيتها لتيسير من مرونة الحركة، كما تشهد المجمعات السكنية الى كثافة سكانية عالية تؤدي من قائد المركبة الى اتباع طرق التوائية تجنبًا من ازدحام أو تزاحم بسبب بأن اغلب الطرق تصادفها اختناقات مرورية.
مؤكدًا بأن ثقافة قائدي المركبات باتت تأخذ منحى عدم الالتزام والانضباط في اتباع المسلك المتعارف عليه، حيث أصبح البعض منهم لا يألون الأمر أهمية بحثًا عن الوصول الى مقاصدهم بالوقت المعتاد بعيدًا عن اختناقات المرورية اليومية والتي تستهلك منه الكثير من وقته وجهده وصحته.
وناشد اليعقوبي بأن تكون هناك آلية واضحة وفق دراسات وبحوث ترفع من مستوى الطرق وتعزيز من قدرتها الاستيعابية من خلال اضافة حارات جديدة تحد من الزحمة والذي تربط بين الجسور العلوية والطريق الرئيسي يراعى فيها عند ربطها فأغلبية الاختناقات المرورية تكمن أمام مخارجها بسبب عدم أتساع مساحة الحارة، فالسالك في طريقه يتفاجأ من دخول المركبة القادمة من الجسر تؤدي الى تباطؤ في السير مسببة اختناقًا مروريًا.