رؤى ومواقف مشتركة بين البلدين تعزز العمل العربي ودعائم الأمن والسلم فـي المنطقة والعالم
مسقط ـ العُمانية: يقوم حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ بزيارة «دولةٍ» إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية اليوم. وقد نصَّ بيان ديوان البلاط السُّلطاني الصادر الخميس على الآتي: «امتدادًا للعلاقات التاريخية الأخوية التي تربط سلطنة عُمان والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية، وتأكيدًا لحرص قيادتي البلدين على توثيق تلك الروابط، وتلبيةً للدعوة الكريمة الموجَّهة إلى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ من أخيه فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، سيقوم ـ بمشيئة الله تعالى وتوفيقه ـ عاهل البلاد المفدى بزيارة دولة إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية لمدى يومين، وذلك من يوم الأحد الموافق الرابع من شهر مايو إلى يوم الاثنين الموافق الخامس من شهر مايو لعام ٢٠٢٥م. وبعون الله تعالى وتوفيقه سيتم خلال زيارة جلالته إلى الجمهورية بحث كافة جوانب التعاون التي من شأنها أن ترتقي بالعلاقات الثنائية إلى المستويات التي تلبي الغايات المنشودة في جميع المجالات؛ وصولًا لنتائج تخدم المصالح المشتركة للبلدين، كما سيتم خلال الزيارة التشاور والتنسيق بين القيادتين بما يسهم في تعزيز العمل العربي المشترك وبحث مختلف التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وسيُرافق جلالة السُّلطان المُعظَّم خلال زيارته وفد رسميّ رفيع المستوى يضم كلًّا من: صاحب السُّمو السَّيد شهاب بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، ومعالي السَّيد خالد بن هلال البوسعيدي وزیر دیوان البلاط السُّلطاني، ومعالي الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السُّلطاني، ومعالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، ومعالي الدكتور حمد بن سعيد العوفي رئيس المكتب الخاص، ومعالي عبد السلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، ومعالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومعالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة، وسعادة السفير سيف بن ناصر البداعي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية. حفظ الله جلالته في سفره وعودته، وأحاطه بعنايته ورعايته وأفاء عليه بكريم آلائه ونعمائه، وجعله عزًّا وذخرًا لشَعبه وأمَّته إنَّه تعالى سميع قريب مجيب الدعاء.
وتسعى سلطنةُ عُمان والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية إلى الارتقاء بالعلاقات الأخوية التي تربط البلدين الشقيقين الممتدة لأكثر من نصف قرن وتشهد تطورًا ملحوظًا ومستمرًّا في المجالات السياسيَّة والاقتصاديَّة والثقافيَّة ومشروعات الطاقة المتجدّدة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من المناحي الأخرى الواعدة.
وتتميز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بتوافق الرؤى والمواقف المشتركة في مختلف القضايات الإقليميَّة والدوليَّة بما يخدم مصالحهما ويسهم في تعزيز العمل العربي المشترك ودعائم الأمن والسِّلم والاستقرار في المنطقة والعالم، ودعم الجهود الرامية إلى ترسيخ التوجُّهات السّلمية من خلال إرساء قواعد القانون الدولي واحترام الشرعية الدولية ومبادئ العدل والإنصاف.
وتأتي زيارةُ «دولةٍ» لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ اليوم إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية الشقيقة ولقاؤه بأخيه فخامة الرئيس عبد المجيد تبون، لتؤكد على ترسيخ العلاقات والروابط والصلات الأخويَّة الوثيقة التي تجمع بين البلدين وقيادتيهما الحكيمتين وشَعبيهما الشقيقين.
وقد قام فخامةُ الرئيس الجزائري بزيارة «دولةٍ» إلى سلطنة عُمان في أكتوبر الماضي تم خلالها عقد مباحثات رسميَّة سادتها روح الأخوَّة والتفاهم والحرص على مواصلة تطوير التعاون الثنائي في شتَّى المجالات، وما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشَّعبين الشقيقين، وما يعكس العلاقات والصلات الأخويَّة التاريخيَّة الراسخة.
كما تم التوقيع على 8 مذكرات تفاهم في قطاعات متنوعة، شملت مجالات ترقية الاستثمار، وتنظيم المعارض والفعاليات والمؤتمرات، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والبيئة والتنمية المستدامة، والخدمات المالية، والتشغيل والتدريب، والإعلام ومبادرة إنشاء صندوق استثماري عُماني جزائري مشترك، تتمُّ خلاله إقامة شراكات ومشروعات في مجالات الطاقة المتجدّدة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من المجالات الأخرى الواعدة.
وقال سعادةُ السّفير سيف بن ناصر البداعي سفيرُ سلطنة عُمان المعتمد لدى الجمهورية الجزائريَّة الديمقراطيَّة الشَّعبيَّة في تصريح خاصٍّ لوكالة الأنباء العُمانية إن زيارة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ إلى الجزائر هي أول زيارة «دولةٍ» على المستوى الثنائي لسُلطان عُماني للجزائر.
وأضاف سعادتُه: «لهذا لا بُدَّ من التأكيد على الأهمية الكبيرة لهذه الزيارة التي تأتي في سياق تطور استثنائي في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، لما ستحققه من ثمار لتعزيز التعاون بين البلدين مستقبلًا بفضل رؤية وتوجيهات قيادتي البلدين الشقيقين، وسبق وأن رأينا حرصهما التّام وإرادتهما القوية لتوثيق العلاقات الثنائية على جميع المستويات من خلال القرارات التي اتخذتاها في زيارة «دولةٍ» قام بها فخامةُ الرئيس عبد المجيد تبون إلى مسقط العام الماضي.
وحول التعاون الاقتصادي والاستثماري أكَّد سعادتُه على السَّعي لخطوة أكبر للتعاون الاقتصادي والاستثماري للارتقاء إلى مصاف العلاقة التاريخية التي تربط البلدين والشَّعبين الشقيقين من الناحية السياسية حيث إنه تحقق للبلدين في الآونة الأخيرة الكثير من الإنجازات على أرض الواقع، وقد رأينا خلال البيان المشترك مباركة القائدين لـ«مبادرة إنشاء صندوق استثماري عُماني - جزائري مشترك» ستتم من خلاله إقامة شراكات ومشروعات ثنائية في مجالات الطاقة والبتروكيماويات والتعدين والزراعة الصحراوية والصناعة الصيدلانية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من المجالات الواعدة التي تركز الحكومتان الجهود عليها في خططها المستقبلية.
وفي هذا الإطار زار وفدٌ وزاريٌّ عُماني الجزائر في شهر فبراير الماضي ضم عددًا من الوزراء المعنيين بالشأن الاستثماري والصحة والثروة السمكية والزراعية وموارد المياه، وتم التباحثُ مع نظرائهم من الجانب الجزائري والاطلاع الميداني على التجارب الجزائرية والامتيازات الاستثمارية من الجانبين، وسنرى - إن شاء الله - ثمار هذه الزيارة في المستقبل القريب. وأشار سعادتُه إلى أن وفدًا جزائريًّا قد زار سلطنة عُمان في شهر أبريل الجاري لبحث تعزيز التعاون القائم في مجال النقل واللوجستيات والاطلاع مباشرة على الإمكانات المهمة وفرص الاستثمار من خلال زيارته الميدانية إلى المنطقة الصناعية الحرة وميناء صلالة.
ووضح أن هذه المعطيات التي ستكشف عنها الأيام المقبلة تجعلني متفائلًا جدًّا بمستقبل الشراكة الاقتصادية بين البلدين. وفيما يتعلق بالأعمال المقبلة في هذا السياق بين البلدين بيَّن سعادتُه أن هناك خريطة طريق واضحة وتفاوضًا في عدد من المجالات بين شركات عُمانية ونظيراتها الجزائرية في قطاعات واعدة أخذت مسارًا مُتقدمًا في التباحث للشراكة.
وهناك مساعٍ حثيثة لتعزيز وجود الطلبة العُمانيين بالجامعات الجزائرية عبر رفع عدد المنح ونعمل على ذلك منذ عامين والحمد لله بدأت ثماره تظهر مع بداية الموسم العلمي الجاري.
ووضح سعادةُ السّفير سيف بن ناصر البداعي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية دور اللجنة العُمانية الجزائرية في التنسيق والدفع بملفات الشراكة منذ بدايتها في تسعينات القرن الماضي بين البلدين وكُللت جهودها عبر ثماني دورات كانت آخرها في العاصمة الجزائرية في شهر يونيو الماضي بالتوقيع على عشرات الاتفاقيات التي شملت تقريبًا كل المجالات الحيوية، وهذا الأمر يعزّز شراكة البلدين بشكل واقعي ويجعل الرؤية المستقبلية أكثر وضوحًا لتأطير وتطوير فرص التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وهناك مذكرات أخرى مثل تلك المُتعلقة بالاستثمار والتجارة والتعليم العالي، وقد بدأ العمل بها مباشرة ونعمل على تكريسها على أرض الواقع عبر مشروعات أخرى تكون في شكل برامج تنفيذية تسهم في إضفاء الديناميكية التي نعمل عليها في هذه المرحلة لبناء علاقة استراتيجية للمستقبل القريب. وقال سعادتُه إن من فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع الجزائر في المرحلة المقبلة الإسهام في بناء علاقة استراتيجية تعود بالخير على البلدين والشَّعبين الشقيقين، وهناك فرص واعدة في الجزائر للقطاع الخاص العُماني للنظر فيها، وفي المقابل تُوفر سلطنة عُمان بيئة جاذبة للمستثمر الجزائري. ويُنتظر خلال الزيارة السَّامية استكمال المشروعات التي تم الإعلان عنها في البيان الختامي خصوصًا في ضوء المناخ والفرص الاستثمارية المُشجعة من الجانبين لرجال الأعمال للاستثمار والتعاون.
وأكَّد سعادتُه على أهمية التنسيق المشترك بين سلطنة عُمان والجزائر في القضايا الإقليمية والدولية موضّحًا أن سلطنة عُمان لديها رؤية واضحة ومكانة مميزة في المحافل الدولية، وأن الجزائر بلد له مكانة ولديه وزنه الإقليمي والدولي، لذلك كان من أهم مخرجات زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى سلطنة عُمان وقبلها في الاجتماع الأخير للجنة العُمانية الجزائرية المشتركة في يونيو 2024 «أن البلدين أكَّدا على ضرورة توحيد الصف العربي والجهود في وجه التحديات التي تواجه المنطقة العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة».ووضح سعادةُ فيصل بن عبدالله الرواس رئيسُ مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أنَّ زيارة جلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشَّعبية الشقيقة تُعَدُّ خطوة تاريخية مهمَّة تعكس عمق العلاقات الثنائية بين سلطنة عُمان والجزائر، مؤكِّدًا على أن الزيارة تفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين في شتَّى المجالات، خصوصًا في القطاعات التجاريَّة والاقتصاديَّة التي تُعَدُّ حجر الزاوية للنُّمو والتَّقدم المشترك.
وقال سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن العلاقات التجارية بين سلطنة عُمان والجزائر شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إلا أن هذه الزيارة الكريمة لجلالةِ السُّلطان المُعظَّم تمثل مرحلة جديدة من التعاون الوثيق والمستدام بين بلدينا، حيث سيُتاح للطرفين استكشاف مزيد من الفرص الاستثمارية المشتركة، مشيرًا إلى أن غرفة تجارة وصناعة عُمان تؤمن بأهمية هذه العلاقات في دفع عجلة الاقتصاديْن العُماني والجزائري نحو آفاق أرحب، بما يتماشى مع رؤية كلا البلدين في تحقيق التنمية المستدامة.
وتشير البيانات المبدئية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان والجزائر قد ارتفع في عام 2024 بنسبة تقارب الـ48 بالمائة حيث بلغ 62 مليونًا و988.2 ألف ريال عُماني مقارنة بـ41 مليونًا و417.2 ألف ريال عُماني عام 2023.
ووضّحت البيانات أن إجمالي الصادرات العُمانية إلى الجزائر قد بلغت في عام 2024 نحو 62.3 مليون ريال عُماني، فيما بلغت الواردات العُمانية من الجزائر في عام 2024 نحو 707.9 ألف ريال عُماني. وبلغ إجمالي عدد الزوار الجزائريين القادمين إلى سلطنة عُمان عبر جميع المنافذ 5222 زائرًا مقارنة بـ4856 زائرًا بنسبة ارتفاع قدرها 7.5 بالمائة وتُعَدُّ شركة «سوجكس عُمان» - إحدى الشركات العُمانية التي تعمل في مجال الكهرباء والمياه - أول شركة عُمانية تستثمر في الجزائر عبر الاستثمار في مجال تطوير محطات الكهرباء والمياه تمثل في تنفيذ أول محطة كهرباء في الجزائر «محطة ارزول» للكهرباء والمياه في عام 2004.
ووضح الدكتور صهيب أبودية الرئيس التنفيذي لشركة «سوجكس عُمان» أن تشغيل «محطة ارزول» التي نفذتها الشركة مرَّ عليه أكثر من 20 عامًا، وتسعى الشركة حاليًّا إلى الاستثمار في مجال تطوير محطات أخرى مثل محطة «ترجا» ومحطة «كوديت» بالشراكة مع حكومة الجزائر، مشيرًا إلى أن الشركة قامت بإنشاء شركة الجزائر للصيانة والتشغيل في إطار هذه الشراكة المتخصصة في قطاع الكهرباء.
وأكد على أن حجم استثمارات الشركة بالجزائر تجاوز 150 مليون دولار أميركي، مبينًا أن هناك توسعًا وتنوعًا في الاستثمارات بشكل أكبر في المرحلة القادمة وخصوصًا في مشروعات التحلية. ونجحت مجموعة سهيل بهوان في عام 2008 بالدخول في شراكة استراتيجية مع مجمع «سوناطراك» الجزائري عبر تأسيس الشركة العُمانية الجزائرية للأسمدة التي قامت بتنفيذ مجمع اليوريا بتكلفة بلغت 3 مليارات دولار أميركي ويضم وحدتين صناعيتين لإنتاج الأمونيا واليوريا بطاقة إنتاجية إجمالية تبلغ 4000 طن يوميًّا من الأمونيا و7000 طن يوميًّا من اليوريا في مرسى الحجاج أرويو بالجزائر.
ووضح سالم بن سعد بهوان الرئيس التنفيذي للمؤسسة العُمانية التجارية أن مجموعة سهيل بهوان تملك 51 بالمائة من أسهم مجمع اليوريا الذي تم افتتاحه في عام 2014، مشيرًا إلى أن هناك توجهًا لتوسيع قدرة مصنع الأمونيا والدوريات بنسبة تصل إلى 50 بالمائة.
وقال إن الشركة العُمانية الجزائرية للأسمدة تسهم في تطوير الصناعة البتروكيمياوية وتعزيز الأمن الغذائي في الجزائر عبر توفير الأسمدة الضرورية لدعم القطاع الزراعي، فضلًا عن دعم الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات من خلال تصدير منتجاتها إلى الأسواق العالمية.
وأشار سالم بن سعد بهوان إلى أن مجموعة سعد بهوان ستستثمر في الجزائر من خلال إقامة مصنع لتجميع وتصنيع السيارات بالشراكة مع شركة «هيونداي» الكورية لصناعة السيارات، مؤكدًا على أن المشروع قطع شوطًا كبيرًا لإقامته وتم تحديد موقع المصنع وجارٍ حاليًّا دراسة التكلفة الإجمالية للمشروع.
