الدبلوماسية الاقتصادية والإعلام الخارجي هما عملة واحدة ذات وجهين، حيث يُعد الإعلام الخارجي هو الأداة الفاعلة للدبلوماسية الاقتصادية والتي سوف تروج الصورة البراقة للاقتصاد والمشاريع ذات المنفعة الوطنية.. إن أغلب المشاكل الاقتصادية للدول في عالم اليوم هي نتاج عدم التوازن في تطبيق السياسات، والنظم المالية وموازنتها لتؤمن للفرد، والمجتمع، والدولة الاستقرار الاقتصادي، والرفاهية والعدالة وإشباع الحاجات، وهذا يعتمد كثيرا على كاريزما المفاوض المتخصص في المجال الاقتصادي بكافة فروعه وما يحمله هذا المفاوض من مواصفات أكاديمية متميزة، بالإضافة إلى الخبرة الطويلة في مجال السوق بكل مجالاته بحيث يستطيع أن يقرأ المستقبل الاقتصادي ضمن أرقام علمية وإحصائيات مستندة إلى وقائع ثابتة، وبالتالي فإن الدبلوماسية الاقتصادية تفتقر كثيرًا إلى مثل هذه الكفاءات التفاوضية خصوصا في العالم الثالث بسبب نقل الموظف أو الشخص المسؤول عن الملف الاقتصادي إلى أقسام أخرى لا تمس لأي صلة بالاقتصاد، عكس الدول الأوروبية وخصوصا بريطانيا التي تنفرد كثيرًا بكثرة تفرعات الدبلوماسية الاقتصادية؛ لما لها من أثر كبير في الدخل القومي للمواطن، والتركيز على الصناعات التحويلية والبديلة والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى المجالات الأخرى في مجال الاستثمار تحت مظلة مرتكزات الدبلوماسية الاقتصادية.تعد الدبلوماسية الاقتصادية من أهمِّ مُقوِّمات نجاح وتفوق الدولة اقتصاديًّا وهو هدف استراتيجي يرسم من قِبل هرم الدولة. وتعرف الدبلوماسية الاقتصادية بأنها أداة جلب للاستثمارات الخارجية لرفع المنافع الوطنية الاقتصادية في كل المجالات والأنشطة عدا العسكرية وأمن سيادة الدولة.تعتمد الدبلوماسية الاقتصادية كثيرًا على تفوق ونجاح النمو الاقتصادي الداخلي واستقرار السوق اقتصاديًّا وأمنيًّا بعيدًا عن هبوب الرياح الصفراء التي تؤثر على حركة الاستيراد والتصدير وتأثر الحركة الاقتصادية بصورة عامة في البلد، وإن كان صغيرًا في ظل تداعيات هذه الرياح مهما كان نوعها، سواء مذهبية دينية أو سياسية تعبوية خارجية أو داخلية.هناك مدارس خاصة لصقل مهارة التفاوض التخصصية، وخصوصًا عند الدبلوماسيين لغرض تحقيق أفضل النتائج، وخصوصًا في المحور الاقتصادي أو المالي، وأنا شَخْصِيًّا أعدُّ أهم سمات نجاح كاريزما المفاوض الاقتصادي هي (مواكبة آخر المستجدات في السوق العالمية)؛ لكونها هي حجر الأساس بالحياة اليومية والعملية.كما أن هناك مهارات يجب أن تكون لدى الدبلوماسي أو المفاوض في القضايا الاستراتيجية أو الاقتصادية، ومن أهمها هي: الاستعداد التام للتخفيف من حدة المفاجآت وعنصر المخاطرة بأقل الخسائر من خلال التخطيط المسبق، والتحليل الجيد للمعلومة قبل الدخول واتخاذ أية خطوة بالعمل، وتقديم الحوافز المميزة التي تنافس المنطقة الإقليمية، تحديث المعلومة والمهارات الشخصية والوظيفية واكتساب الخبرة لإدارة الموضوع بأعلى درجات الكياسة والاستيعاب له، القدرة على الأخذ بزمام المبادرة وعدم تقديم التغييرات من أجل التغييرات، التمتع بالبراعة السلوكية (الأخلاق العالية والبروتوكول والإتيكيت) كمدخل لمعالجة المواقف المختلفة، حُسن التخطيط والاهتمام بالتفاصيل ذات الصلة بتحقيق الأهداف، حُسن استقبال الأفكار الجديدة وإشراك فريق العمل والتفاعل معها، تبنِّي منطق وفكرة الفريق الواحد والقدرة على الإقناع وكسب المساندة وتعضيد الآخرين وتحفيزهم، وإعلان مظاهر النجاح دون مغالاة مع بقاء مركزية القرار بيد رئيس الفريق.ومن الأفضل تضافر الجهود من عدة مؤسسات لغرض الوصول إلى الأهداف المرجوة، ومن أهم هذه المؤسسات الإعلام التي هي الذراع الأطول لبلوغ الهدف سواء كاستراتيجية أو تكتيك. وبدون الإعلام تبقى جميع الأنشطة مثل القطار المتوقف في المحطة ينتظر لحظة الانطلاق.والإعلام باختصار هو مجموعة من قنوات الاتصال المستخدمة في نشر الأخبار، الإعلانات الترويجية، البيانات وبأنه الوسيلة الرئيسية للتواصل مع الجماهير بمختلف أنواعها مثل: الصحافة والإذاعة والتليفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي كالإنترنت والمجلات والنشرات والبوسترات.ووظيفة الإعلام هي تكوين الرأي العام وإيصال الحدث والفكرة للجمهور، بالإضافة إلى تسويق الإعلانات والترويج لها والذي يعد وسيلة فعالة للتفاعل الاجتماعي وحجر أساس للدبلوماسية الاقتصادية.حيث يُعد الإعلام الخارجي هو الذراع الأهم في الترويج للمشاريع التجارية والاقتصادية خارج حدود البلد، لنقل الحقيقة عن المشاريع الاستراتيجية لغرض تحقيق أفضل وسيلة للترويج التجاري بعيدًا عن الغموض ومتاهات التوقعات والفرضيات التي لا تستند إلى أي مبرر.وفي الختام على المهتمين والمختصين بالدبلوماسية الاقتصادية باعتماد مبدأين أساسيين هما مبدأ الاستراتيجية، ومبدأ التكتيك لغرض تحقيق الأهداف ضمن رؤية مخطط لها بكل إتقان وبفترة زمنية معلومة المعالم.إن الإعلام الخارجي هو أداة مكملة لتنفيذ السياسة الخارجية للدولة عبر كادر البعثات والسفارات، سواء بوجود (الملحق التجاري أو الإعلامي) أو بدونهم لغرض إظهار هذه الفرص الاستثمارية.الدبلوماسية الاقتصادية والإعلام الخارجي هما عملة واحدة ذات وجهين، حيث يُعد الإعلام الخارجي هو الأداة الفاعلة للدبلوماسية الاقتصادية والتي سوف تروج الصورة البراقة للاقتصاد والمشاريع ذات المنفعة الوطنية، وأن كل مشروع اقتصادي يولد أعمى ويبقى أعمى، مثل الطفل الوليد الذي لديه العيون ولكن ليس بصيرًا إلى أن يبدأ الإعلام بترويج كل مفرداته الإيجابية ونسبة الأرباح المتحققة ليبدأ برؤية النور. ولدينا بسلطنة عُمان الحبيبة مشاريع اقتصادية استثمارية ضخمة مثل الدقم، وفرص استثمارية سياحية وفندقية كبيرة، إلا أنها محدودة الترويج بسبب عدم الحرفية بالإعلام الخارجي وضعف بالعلاقات العامة والاعتماد على وسائل محدودة التصفح الإلكتروني لهذه المشاريع، لذلك على الملحق التجاري أو من يقوم بعمله ووظيفته من الكادر الدبلوماسي بسفارتنا بالخارج بالترويج للفرص الاستثمارية بالتنسيق مع إدارة المشروع لغرض إبراز مُميزات وأرباح هذه المشروع أو ذاك، وبالتالي فإنَّ المردود المالي سوف يرفع من إيرادات الدولة بالعملة الصعبة ويجعلها منارة للتقدم الاقتصادي المزدهر. د. سعدون بن حسين الحمدانيدبلوماسي سابق وأكاديمي