قال الله تعالى:(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة ـ 233).
قال الله تعالى:(وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا) (الأحقاف ـ 15).
معاني الكلمات:
المولود له: الأب، (فصالًا): فطامًا مبكرًّا وهو فصل الطفل عن الرضاع دون الحولين، (فلا جناح): لا إثم ولا حرج، (أن تسترضعوا أولادكم): تطلبون لهم مرضعات غير الوالدات، (آتيتم): أردتم إعطاءه، (بالمعروف): الخير بالقدر المعروف لدى الناس أنه عدل ووسط وبحسب الطاقة.
التفسير الإجمالي:
لمّا كان كثير من المطلقات حوامل، وكان الجنين بحاجة إلى مرضعة ومَن يقيمه، فقد ناسب ذكر الرضاع هنا ذكر الطلاق المذكور في سياق الآيات المتقدمة والمتأخرة، فالأَوْلى في فطام الرضيع أن يكون بعد حولين وهما سنتان، ويقوم بالرضاعة شخصان:
1 ـ الوالدة: وهي أحق بها، ولقد جاء السياق بذكر (أولادهن) حتى يشفقن عليهم، ولما كانت تنشغل بأمر الرضاعة أوجب الشرع لها الرزق والكسوة من الأب بقدر المعروف وهو الذي ترضى به مَن مثلها من المرضِعات، حسب وسع الأب والأم، ودون إلحاق ضرر بهما بسبب مولودهما، كما قد أدبهما سبحانه بأن يحفظا حقوقه في الرضاعة، وإن مات الأب فعلى ورثة المولود تحمل نفقة وكسوة الوالدة المُرْضِعة.
2 ـ غير الوالدة (الضئر): احترم الشرع الحنيف رغبة الوالدة في رفضها للرضاعة مع احتفاظها بحق الأولوية في الرضاعة، وعليه فليستأجر الوالد مُرضِعة أخرى لمولوده، ويسلم لها الأجرة حسب العرف بلا إجحافٍ ولا مماطلة.
وإما إن رأى الوالدان مصلحة ولدهما في فصاله قبل تمام الحولين، ورضيا بذلك، وكان رأيهما هذا أفضل خيار بعد تشاور بينهما، مع مراعاة عدم لحاق الضرر بالمولود، وتحقيق مصلحته، فلا بأس ذلك ولا اثم ولا حرج، وتكون المرضِعة إمّا والدته، أو غيرها، كما سبق ذكره.
هكذا هو أدب الله في الفصال كامل لم يغفل فيه جانبًا عن جانب بل عالج جميع الجوانب بمنتهى العدل والفضل.


* علي بن سالم الرواحي
كاتب عماني