سعدون بن حسين الحمداني:
قال تعالى في محكم كتابه:(وأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ۖ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إلىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (النمل ـ 12).
يُعد القرآن الكريم مصدرًا لا جدال فيه بخصوص لغة الجسد، ويُعد مرجعًا جوهريًّا في كثير من المدارس الغربية الدبلوماسية بعد أن تم ترجمته وتحليل الآيات الشريفة بخصوص الدبلوماسية ولغة الجسد. حيث تطرق القرآن الكريم إلى مفردة (اليد) وأهميتها ومعانيها الجوهرية لإيصال فكرة أو معلومة معينة بدون النطق لو بحرف واحد، لذلك يُعد فن لغة الجسد من أقدم علوم الفراسة والتأثير، بل من أهم لغات العالم التي تعكس ما يدور داخل عقل الإنسان نفسه وطبيعة تواصله اليومي مع الأشخاص.
وأفادت الدراسات والبحوث السياسية والدبلوماسية في مجال الخطابة التي أُجريت على أشخاص يلقون خطابات عامة بأن إيماءات أياديهم يمكن أن تؤثر وبشكل فعَّال الطريقة التي يُنظر بها إليهم من الجماهير، وكذلك من أول لحظة تدخل فيها إلى مكان معين، يبدأ الناس في إصدار أحكامهم حول شخصيتك، وإلى أي مدى يعجبون بك. ولحسن الحظ هناك بعض المفردات من لغة الجسد ذات تأثير مباشر على شخصيتك، سواء أثناء المسير أو الجلوس وهي (الأيدي)، فنلاحظ المرشحين إلى الانتخابات دائمًا أو غالبًا ما يستخدمون الأيدي والصوت المرتفع، وغالبًا ما نلاحظ المُسوِّقين ومديري المبيعات كذلك يستخدمون الأيدي لإظهار الجوانب الإيجابية لمنتجاتهم؛ لذلك عزز عُلماء النفس السلوكي باندماج الصوت الأكثر عمقًا مع حركة اليدين لإيصال المعلومة إلى المستقبل بقوة لغة الجسد أكثر من جوهر الفكرة نفسها. وعندما تشاهد وتسمع خطابًا سياسيًّا أو لقاء سياسيًّا فإنك تُولِي اهتمامك عن كثب ليديّ الشخص، لترصد هل حركاتهما بطيئةٌ أم مفعمةٌ بالحيوية؟ وما إذا كان صاحبهما يحركهما بشكل محدود؟ أم يفرد ذراعيه على اتساعهما؟ وما إذا كانت هاتان اليدان تتحركان في أغلب الوقت رأسيًّا أم أفقيًّا؟
فمن المعروف على نطاق واسع أن الطريقة التي تستقبل بها رسالة ما قد تتأثر بالإشارات والإيماءات غير اللفظية للمتكلم، بتركيز أكبر من تأثرها بالكلمات المنطوقة ذاتها. ولعل أبرز الحركات المؤثرة في الخطاب هي حركة اليدين والأصابع التي تستطيع توصيل رسالات ضمنية مختلفة تصنع تأثيرًا إيجابيًّا أو سلبيًّا.
وقبل التطرق إلى مقال اليوم، أود أن أوضح أقسام اليد وهي (العضد، الساعد، الكف)، وأما الكف وراحة اليد فتقسم إلى (الإبهام/السبابة/ الوسطى/البنصر/والخنصر) وهي أهم إشارات اليدين أثناء الكلام.
وهذه الأجزاء مهمة جدًّا للمرأة وحركة يدها أثناء الكلام، فمن المخجل جدًّا أن نرى المرأة مهما تكن درجتها ووظيفتها ومركزها الاجتماعي أن ترفع يدها أثناء الكلام ولو بزاوية 15 درجة، لذلك على المرأة دائمًا وأبدًا أن يبقى العضد ملاصق للجسم، ويبقى الساعد والكف بحركة جزئية لا تتعدى 10% من كلامها، ولا ترفع اليدين إلى الأعلى إطلاقا.
وتختلف حركة اليدين بالنسبة لكبار الشخصيات من الجنسين، ولكن الأفضل ومن المُستحسن، عدم تحريك اليدين وتبقى ساكنة أو بحركة محدودة جزئية، سواء في حالة الوقوف أو في حالة الجلوس، مع مراعاة كيفية وضع اليدين على الأرجل أو تشابك راحة اليدين.
نسرد بعض أشهر دلالات حركة اليدين والأصابع التي تم التوصل إليها من خلال بحوث علم النفس السلوكي، وهي مهمة لأفراد السلك الدبلوماسي وكبار الشخصيات وبقية شرائح المجتمع:
صدق المتحدث: نجد حرص الكثير من الزعماء ورؤساء الدول على الحفاظ على وضعية اليد والذراعين بانفتاح، وإذا حاول وضع يده في جيبه أو خلف ظهره فإن الموضوع ينقصه الكثير من الحقيقة.
الاحترام والتقدير: وضع اليد اليمنى فوق اليسرى؛ من أشهر حركات اليد في المواقف الرسمية يميل إليها الشخص في وقفة ثبات ليستمد دعمه لنفسه، والحفاظ على هدوئه النسبي. وتدل أيضا على الاحترام والتقدير حين يكون الشخص في حالة جلوس واسترخاء في ملامح الوجه فتساعد على تسلسل الأفكار.
تكتيف اليدين أمام الصدر: دليل على الانغلاق على الذات وعدم الرغبة في الانخراط بالمحيطين في محاولة دائما لحماية الذات.
تشابك أصابع الكفين: قد يدل على التوجس والترقب والتفكير.
وضع اليدين في الجيوب مع الانحناء باتجاه الأمام: يدل على حالة من الاكتئاب، وضعف التواصل مع المحيط الخارجي.
تقابل أصابع اليدين بعضها ببعض: يشتهر بها المديرون في الاجتماعات والمحاورون لدلالتها على الثقة وثقة الشخصية، وتسهم أيضًا في تبديد التوتر والقلق، وتساعد على تسلسل الأفكار.
قبضة اليد المغلقة: تدل كثيرًا على السلطة والقوة والشدة، وعدم الاستماع إلى الغير.
الكذب: تميل حركة اليد بلمس الأنف أو محيط الذقن، وأحيانًا كثيرة قد يخفي الوجه براحة اليد.
الاقتناع: وضع الشخص اليدين أو إحداهما على رقبته أثناء الحوار، فيدل هذا على أن الشخص بدأ يقتنع بكلام الذي أمامه، وبدأ بالتخلِّي عن موقفه.
إشهار السبابة: من أشهر علامات التهديد التي قد يقع فيها السياسيون والمتحدثون في وجه الآخرين، وقد يفقد المتحدث القدرة على التأثير، ويلقى حالة من الرفض لا يعلم مصدرها.
عض الأظافر: العصبية والتوتر، والإجهاد، أو القلق.
اليد على الخد: دليل على أنك قد تكون في تركيز عميق.
عدم الثقة: لمس أو فرك أو حك الأنف يدل على عدم الثقة، الرفض، أو الكذب حول شيء.
الفرك السريع لليدين: قد يعني أن المرء متحمس لشيء ما، أو ينتظر بفارغ الصبر.
لمس أو حك ومداعبة الذقن أو اللحية قد تكون رمزًا للملل، والاضطراب، أو الخجل.
سحب لحمة الأذن: يمكن أن يعني أن شخصًا يحاول اتخاذ قرار، ولكن لا يزال غير مستقر حول شيء.
نقر الأصابع أو التطبيل: قليل الصبر، ولا يحب الانتظار.

دبلوماسي سابق