هناك العديد من الأدلة العقلية على النبوة وهي:1 ـ صفاته كلها كمال وشاملة لجميع الأحوال وحاله قائدًا وحاله زوجًا وحاله حاكمًا. 2 ـ مبرأ من النقائص ومن المعلوم أن المشاهير كلما اقترب أحدنا منعهم صغر مقداره في أعيننا عكس النبي محمد الذي كلما اقتربنا منه وطالت صحبتنا له ازداد مقداره في أعيينا لأنه نبي القدوة والعصمة. 3 ـ نجح في تكوين دولة مسالمة حضارية علمت الناس معاني الخير. 4 ـ عتاب القرآن له تدل على أن مصدريته من عند الله لأنه لو كان من اختراع من محمد ناشئًا عن مرض نفسي أو غيره لما جاز أن يعاتب محمد نفسه. 5 ـ اشتمل القرآن على نصائح لمحمد، فهل يجوز أن ينصح محمد نفسه فيجتمع الناصح والمنصوح في زمن واحد وفي شخص واحد. 6 ـ تنزلات القرآن لم تكن حسب إرادة محمد وإنما حسب إرادة الله ولو كان الأمر خلاف ذلك لجاوب النبي على أسئلة الخصماء فورًا بدل أن ينتظر نزول الوحي مدة طويلة. ومن هنا نرى انقطاعات الوحي دليلًا على أنه من الله وما النبي إلا مبلغ عنه. 7 ـ اختلاف القرآن والسنة في البيان وبالتالي لا تترقى السنة أو الحديث إلى مرتبة بيان القرآن ولا يجوز التحدي بها بالإعجاز البياني، مع العلم أن الأحاديث النبوية هي من جوامع الكلم وهبها الله له. 8 ـ لم يجامل القرآن محمدًا بالاقتصار على ذكر بعض معالم بيئته من نخيل وبادية وناقة، وإنما كذلك ذكر البحار والأنهاروالجنائن والثياب والطهارات والصلاة.
هل يتعارض العقل مع الشرع؟
إن العقل يؤمن بالشرع حينما يستمع إلى حججه النقلية والعقلية، كما أن الدين لا يقوم إلا بالعقل الذي يستطيع استخراج الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة وترجيح الأقوال عند تعارضها وتنوعها، وبهما معًا تبنى الحضارة الإنسانية وتعلو القيم الحميدة لأن العقل يقرها وإن العواطف تشدو بها.
لقد عاش محمد تحت ظروف لا يستطيع أي أحد أن يتحملها إلا إياه لأنه تماشى مع حقائق السماء ومع حقائق الأرض بشكل وانسجام تام، ومقاومًا للذين لم ينسجموا مع ربهم ولا مع بيئتهم فكان انتشار الإسلام، وهذه المقاومة كانت بالحوار والحكمة وقليل ما استخدم فيه السيف عندما فقط لم ينفع علاج دونه، والنتيجة دخل الناس ليس في الإسلام فحسب لكنهم في الجنة بإذن الله سبحانه وتعالى، لقد كان (صلى الله عليه وسلم) عادلًا مع كل واحد وهو السر الثاني من أسرار انتشار الإسلام، ولم يترك النبي عبادة ولو في أحلك الظروف وأقسى المخاوف.
ما تبشير الإنجيل والتوراة والزبور به والموجود الآن؟
جاء في التوراة:(قال الله لموسى ـ عليه السلام ـ إني أقيم لبني إسرائيل من بني أخوتهم ـ وهم العرب ـ نبيًّا مثلك، اجعل كلامي على فيه فمن عصاه انتقمت منه)، وجاء في الزبور:(أن الله أظهر من صهيون أكليل ومحمود) فالأكليل الرئاسة والزعامة، ومحمود هو نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وجاء في الأنجيل:(اللهم ابعث البارقليط ليعلم الناس إن ابن الإنسان بشر) والبارقليط كلمة عبرية معناها بالعربية (أحمد) وهذا مطابق لما أتى به القرآن الكريم، بل كل الكلام أعلاه مطابق بعضه مع بعض لأن الكتب السماوية من عند الله وحده وهو لا يضل ولا ينسى ولا يجوز عليه البداء فلم يحصل الاختلاف في كتبه الأصلية، فقد شهد لمحمد بالنبوة وما كان أحدهم كاذبًا، وتبشير ورقة بن نوفل وشهادة النجاشي.
لما بُدِئ الرسول محمد بالوحي ورأى جبريل يأمره بالقراءة وأبلغه من الوحي أوائل آيات سورة القلق والرسول يرتجف ثم ذهب من غار حراء فرأى جبريل الكبير جدًّا سادًّا الأفق بين السماء والأرض وهو جالس على كرسي ففزع فوق فزعه فزعات وذهب إلى بيته حيث زوجه خديجة بشرته بالخير إلى ابن عمها ورقة وقد تنصر فبشره ورقة بالنبوة والهجرة فكان ما قال، ثم كانت هجرة الصحابة إلى النجاشي في الحبشة وعاشوا في ظله سالمين من الأذى آخذين بدينهم دون فتور ثم جاء بعض أهل قريش إليه طالبين أن يسلمهم المسلمين لأنهم أخطأوا وصبوا عن دينهم، فقال النجاشي لما سمع القرآن من الصحابة:(لأن الإسلام والمسيحية واليهودية خرجت من مشكاة واحد)، وسمع بعض الجن قرآنًا من فم النبي فسجل الله لهم ذلك.

إعداد: علي بن سالم الرواحي
كاتب عماني