- صفحة تصدرها «الوطن» بالتعاون مع الادعاء العام
- إيمانا منهما بأهمية تثقيف المجتمع قانونيا ومعرفة الآثار المترتبة جزائيا على الأشخاص المخالفين لمواده وتوعية المجتمع وتثقيفه حتى لايقع أفراده تحت طائلة القانون بجهل أو عدم معرفة من خلال طرح قضية ومعرفة جوانبها القانونية وعقوبتها والآثار المترتبة عليها .

أولًا ـ مـــوجز القضية:
يخلص موجز الوقائع فيما تلقّاه مركز الشرطة، المختص مكانيًا، من بلاغٍ من إدارة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بالمحافظة، عن القبض على المتهم، بناءً على مُذكرة قانونية، للاشتباه في تعاطيه مواد مخدرة، وكذا لحيازته لها بقصد التعاطي.
وبالاستماع إلى أقوال المتهم، فور ذلك، أقرّ استدلالًا، وبصورةٍ عرضية، حيازته لمجموعةٍ من المسدّسات النارية مُخبأة في مزرعة بالقرب من مسكنه.
ثانيًا ـ إجراءات جـمع الاسـتدلالات:
على إثر هذه المعلومات باشر مركز الشرطة إجراءات جمع الاستدلالات، ومن ذلك إخضاع منزل المتهم، وكذا المزرعة للتفتيش، بناءً على مذكرة قضائية صادرة عن الادعاء العام؛ فأرشد المتهم رجال الضبط القضائي إلى مخبأ السلاح، وهو عبارة عن حفرة بإحدى المزارع، وتبين أنها خمسة مسدسات.
تم توثيق واقعة الضبط في محضري تحريز وإرشاد مدعمين بالصور الفوتوغرافية.
وبسؤال المتهم استدلالًا أقرّ بحيازته للأسلحة المضبوطة، دون أن يكون مُرخصًا بذلك من الجهةِ المختصّة، وأنه حاول بيعها لعدة أشخاص؛ إلّا أنه لم يُوفّق في مسعاه.
عليه، تم تشكيل بلاغ جرمي وإحالته إلى الادِّعاء العام لمباشرة التحقيقات اللازمة.
ثالثًا ـ تـحقيقات الادّعــاء الـعام:
استجوبَ الادِّعاء العام المختص مكانيًا المتهم، فاعترف بحيازته للأسلحة المضبوطة في المزرعة، وأنه حاول بيعها عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي (واتساب) إلّا أنه لم يُوفَّق في مسعاه، وذلك لعدم تجاوب أحد معه؛ وبمواجهته بمحاضر التحريز والإرشاد، أكّد صحتها.
وبندب قسم فحوص آثار الأسلحة النارية والآلات، من المختبر الجنائي، لفحص الأسلحةِ المضبوطة، تبيّن أنها ـ في الأصل ـ أسلحةُ صوت، تم تعديلها فنيًا، لتصبح مُسدسات نارية نصف آلية مُششخنة (السلاح المششخن، هو ذلك السلاح الذي تكون لماسورته الأمامية مسار لولبىّ، يعمل على تسريع المقذوف، ويجعله أكثر دقة في إصابة الهدف، وأعظم تأثيرًا)، وتم التأكد من فعالية جميع هذه المسدسات للاستخدام.
كما تمّ ندب مختبر الأدلة الرقمية، لفحص هاتف المتــــــهم، فثبت من التقرير الفني، الصّادر من الخبير الرقمي، إرسال المتهم عدّة رسائل عبر برنامج التواصل الاجتماعي (واتساب) يعرض فيها الأسلحة للبيع لعدة أشخاص.
وبموجب الرسائل المفرّغة في تقرير مختبر الأدلة الرقمية، تم استدعاء الأشخاص الذين عَرض المتهم عليهم الأسلحة، وذلك لأجل الاستماع إلى شهادتهم، تعزيزًا لأدلة الإثبات.
وبمواجهة المتهم بأدلة الإثبات، لم يجد مناصًا من الاعتراف بفعلته؛ ليقرر الادِّعاء العام، في ضوء ذلك، إحالته إلى المحكمةِ المختصة، بالتهم التالية:
ـ جناية (استخدام وسائل تقنية المعلومات في الاتجار في الأسلحة المدرجة في القائمة رقم (3) من قانون الأسلحة والذخائر) المؤثمة بالمادة (24) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، التي تنص على أنه:(يعاقب بالسَّجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد على ألف ريال عُماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ موقعًا إلكترونيًا، أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو وسائل تقنية المعلومات، بقصد الاتجار في الأسلحة المنصوص عليها في القائمة رقم (1) أو الأدوات المنصوص عليها في البند (ب) من المادة (3) من قانون الأسلحة والذخائر أو تسهيل التعامل فيها؛ ما لم يكن مُرخصًا له قانونًا بذلك، وتكون العقوبة السَّجن مُدّة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات، وغرامة لا تقل عن ألف ريال عُماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عُماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا كانت الأسلحة من تلك المنصوص عليها في القائمة رقم (2) من القانون ذاته؛ وتكون العقوبة السَّجن المؤقت مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال ولا تزيد على خمسة آلاف ريال إذا كان القصد هو الاتجار في الأسلحة المنصوص عليها في القائمة رقم (2) من القانون ذاته أو في ذخيرتها، وتكون العقوبة السَّجن المؤقت مُدّة لا تقل عن خمسِ سنوات، ولا تزيد على خمس عشر سنة وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال عُماني ولا تزيد على مائة ألف ريال عُماني إذا كان القصد هو الاتجار في الأسلحة المنصوص عليها في البند (أ) من المادة (3) من القانون ذاته أو أجزائها الرئيسة أو ذخيرتها).ـ جناية الشروع في (الاتجار في أسلحة مدرجة في القائمة رقم (3) المؤثمة بنص المادة (86) من قانون الجزاء بدلالة (23/ج) من قانون الأسلحة والذخائر والتي تنص على أنه (ج ـ يعاقب بالسَّجن مُدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة ريال ولا تزيد على ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كلّ من أتجر أو استورد أو أصلح بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المبينة في القائمة رقم
(3) المرفقة بهذا القانون).ـ جنحة (حيازة سلاح من الأسلحة المدرجة في القائمة رقم (3) المؤثمة بالمادة (20) من القانون ذاته، والتي تنص على أنه:(يعاقب بالسَّجن مُدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ألف ريال عُماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حاز بغير ترخيص سلاحًا من الأسلحة المنصوص عليها في القائمة رقم (3) المرفقة بهذا القانون أو أحد أجزائها الرئيسية أو ذخيرتها).تجدر الإشارة هنا إلى أن القائمة رقم (3) المرفقة بقانون الأسلحة والذخائر المشار إليه تشمل الأسلحة الآتية:(أ ـ الأسلحة النارية ذات الماسورة الملساء من الداخل (غير المخدَّدة أو غير المششحنة)، ب ـ الأسلحة النارية
(البنادق والمسدسات) ذات الماسورة المخدَّدة من الداخل (المششخنة)، ج ـ الأسلحة النارية (البنادق والمسدّسات) سريعة الطلقات).
رابعًا ـ الحكم:
بعرض المتهم على محكمة الاستئناف المختصة باشرت بدورها التحقيق النهائي في الدعوى، حيث تراجع المتهم عن الاعترافات التي أدلى بها في مرحلتي جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي؛ إلا أن الأدلّة الفنية والمادية التي ساقها الادّعاء العام للمحكمة، تكفّلت بتعزيز الاعترافات التي عدل عنها المتهم؛ عليه، وبعد أن أحاطت المحكمة بظروف الواقعة وملابساتها عن بصرٍ وبصيرةٍ، وألمت بحيثياتها ومجرياتها، وما عرض فيها من أدلة الإثبات، قضت بإدانة المتهم بجناية (استخدام وسائل تقنية المعلومات في الاتجار في الأسلحة المدرجة في القائمة رقم (3)، وأوقعت عليه عقوبة السَّجن لمدة سنة، والغرامة ألف ريال؛ وجناية الشروع في (الاتجار في أسلحة مدرجة في القائمة رقم (3)، ومعاقبته عنها بالغرامة ثلاثمائة ريال، وبجنحة (حيازة سلاح من الأسلحة المدرجة في القائمة رقم (3)، ومعاقبته عنها بالغرامة ألف ريال، تدغم العقوبات في حقه وتنفذ الأشد، وبمصادرة الأسلحة المضبوطة وإلزامه بالمصاريف الجزائية.
خامسًا ـ الطعن أمام المحكمة العليا:
لم يرتضِ المتهم هذا الحكم، فطعن فيه أمام المحكمة العُليا، عبر وكيله القانوني؛ فقضت المحكمة بتأييد حكم الإدانة، ونصَّت في حيثيّات حكمها على أنه:(ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي أدين الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة، من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وجاء استعراض المحكمة لها على نحوٍ يدلّ على أنها مَحّصتها التمحيص الكافي، وألمَّت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة؛ وكان من المقرّر أن القانون لم يرسم شكلًا أو خطًّا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهّم الواقعة بأركانها وظروفها، حسبما استخلصتها المحكمة ـ كما هو الحال في الدعوى الماثلة ـ فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن بدعوى القصور في بيان الواقعة وظروفها وركنيها المادي والمعنوي، يكون لا محل له؛ فضلًا عن أنه لا مصلحة للطاعن مِمّا ينعاه على الحكم المطعون فيه بالنسبة لجريمتي الشروع في الاتجار في الأسلحة الواردة في القائمة رقم (3) من قانون الأسلحة والذخائر، وحيازة مسدسات نصف آلية بدون ترخيص، ما دام البيّن من مدوناته أنه أدغم العقوبات وأوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانه بها، وتدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة نشر معلومات عن أسلحة نارية بقصد الاتجار عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمؤثمة بالمادة (24) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات).وتجدر الإشارة إلى أنه تم إحالة المتهم أيضًا إلى محكمة الجنح المختصة عن جنحتي تعاطي المواد المخدرة، حيازته لها بقصد التعاطي، وقضت بمعاقبته عن الأولى بالحبس لمدة سنة والغرامة ألف ريال، وعن الثانية بالحبس لمدة سنة والغرامة ألف ريال، تدغم العقوبات الأخف في الأشد، وتوقف العقوبات بحق المتهم في حال التزامه بتقديم تقارير طبية شهرية من جهة طبية بمعرفة الادّعاء العام، تفيد خلوّه من المواد المخدرة ولغاية انتهاء فترة محكوميته؛ وفي حال الإخلال بأي شهرٍ من أشهر المحكومية تحتسب العقوبة بأكملها.



وكيل ادعاء عام أول/ أكرم بن سالم المحروقي
القضية سبق وان نشرت في العدد (16) من مجلة (المجتمع والقانون)، الصادرة عن الادّعاء العام.