د/ محمد بن عبدالله الهاشمي:
ذكرنا في الحلقة السابقة بعض شروط الحضانة، وسنكمل في هذه الحلقة الشروط الأخرى.
الشرط السابع: القدرة على رعاية الحاضنين
ذهب الفقهاء إلى: اشتراط الاستطاعة في الحاضن، أي أن يكون قادراً على رعاية الحاضنين، والمحافظة عليه والقيام بشئونه، والنهوض بمتطلبات الحضانة سواء كان الحاضن رجلاً أو امرأة.
فلاحضانة لشيخ أو عجوز لا يستطيعان القيام بأمر المحضون سواءً كان عجزهما لكبر في السن، أو أصابتهما بعاهة دائمة أقعدتهما عن مباشرة أمور الحضانة ومتطلباتها.
وقد اعتبر بعض الفقهاء عدم العمر شرط من الشروط التي يجب توافرها في الحاضن، وأجاز بعض الفقهاء حضانة الأعمى شريطة القدرة على حفظ المحضون ورعايته والاّ فلا.
ولم يشر الفقهاء إلى العجز الحاصل للحاضن بسبب خارج عن ارادته كالسجن مثلاً، فالأولى أناطة الحضانة بغيره إذا كانت مدة حبسه طويله لئلا يتضرر الحاضنون، لعدم وجود الرعاية التامة للحاضنين.
الشرط الثامن: السلامة من الأمراض الخطيرة والمعدية
من ضمن الشروط التي اشترطها الفقهاء في الحاضن: خلوه من الأمراض المزمنة ــ كالسل والفالح، والمعدية كالجذام والبرص ــ حفاظاً على صحة الحاضنين، وابعاده عن كلّ أذى يضر به ولكي يقوم الحاضن برعاية الحاضنين والعناية به خير قيام.
ولو كان المرض معدياً كالجذام والبرص فالأظهر سقوط الحضانة، بدليل قوله ــ صلى الله عليه وسلم:(فُرّ من المجذوم فرارك من الأسد).
ولمّا كان الفقهاء قد تناولوا في ذكرهم الأمراض المانعة من الحضانة: الخطيرة والمعدية، إلاّ أنـّهم لم يشيروا إلى الأمراض الطارئة كالحمى، ووجع السن وما شابهها من الأمراض الخفيفة التي لا تمنع الحاضن من القيام بأمور الحضانة فلا يسقط حق الحضانة بذلك.
كما أنى أرى بإمكان المحكمة ــ عند الخصومة ــ الاستعانة بالطب لمعرفة ما إذا كان المرض يعيق الحاضن عن رعاية الحاضنين أو يلحق ضرراً به، تحقيقا لمصلحة الحضانين.
وقد اشترط القانون فيمن يتولى الحضانة: البلوغ، والعقل، والأمانة، والقدرة على تربية الحاضنين، والسلامة من الأمراض المعدية.
فقد نصّت المادة (126) من قانون الأحوال الشخصيّة على أنـّه يُشترط في الحاضن:
1 ـ العقل.
2 ـ البلوغ.
3 ـ الأمانة.
4 ـ القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته.
5 ـ السلامة من الأمراض المُعدية والخطيرة.
فقد اشترط هذا النّص فيمن يتولّى رعاية الحاضنين ــ سواء كان الحاضن رجلاً أو امرأة ــ أن يكون:(بالغاً) ويخرج من ذلك الصبي لأنّ الصبي بحاجة إلى من يقوم برعايته والعناية به فلا يجوز أن يكون حاضناً لصبي مثله، (عاقلاً) ويخرج من ذلك المجنون والمعتوه ومن في حكمهما لأنهما غير مُكلّفين وقد يتصرفان بتصرف يضر بمصلحة الحاضنين، (أميناً) وحسناً فعل القانون عندما أوجد هذا الشرط لأنّ غير الأمين يتوقع منه الإضرار بمصلحة الحاضنين جسديا لعدم الاعتناء به من الناحية الصحيّة وخلقياً بتعريضه لاجتناب الرذائل والبعد به عن الفضائل وماليا بتبذير ماله واستغلاله في غير مصالحه، (قادراً على تربية الحضانين) فالشيخ الطاعن في السن والمرأة المسنة لا يستطيعان القيام برعاية الحاضنين والاعتناء به ومتابعة تصرفاته داخل البيت وخارجه، وقد يكونان بحاجة إلى من يرعاهما والقيام بشؤونهما فيتعذر قيامهما بتربية المحضون، (سليماً من الأمراض) سواءً كانت أمراض معدية كالجذام والبرص، أو خطيرة كالسل ومرض نقصان المناعة الغاية من هذا الشرط حتى لا يُصاب الحاضنون بهذه الأمراض فتتعرض حياته للخطر، ويُستعان بأهل الاختصاص لمعرفة ما إذا كان المرض المُصاب به الحاضن من الأمراض الخطيرة أو المُعديّة.
.. وللحديث بقية.

* قاضٍ بالمحكمة العليا
[email protected]