[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2019/10/kotaity.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس بن عبيد القطيطي[/author] تنعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور بتاريخ ١٨ إلى ٢٢ ديسمبر ٢٠١٩م قمة إسلامية مصغرة برئاسة رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد وبحضور (٤) دول إسلامية ممثلة بقادتها هي: ماليزيا وتركيا وإيران وقطر إضافة إلى باكستان التي يمثلها وزير خارجيتها بعد اعتذار رئيس وزرائها عمران خان. ولا شك أن هذه القمة الإسلامية التي وصفها مهاتير محمد بأنها نقطة البداية لقمم مماثلة قد تستقطب في المستقبل دولا إسلامية أخرى إذا ما حققت نتائجها الإيجابية. ورغم أن القمة كما أعلن عنها لن تكون بديلا لمنظمة المؤتمر الإسلامي باعتبار أن هذه القمة ما زالت في نقطة البداية ورسمت لها أهدافا متعددة لتشمل مختلف الجوانب الحيوية كالتنمية والديمقراطية والسيادة الوطنية والأمن والدفاع والتكنولوجيا والإنترنت، وكذلك الوقوف مع مختلف القضايا الإسلامية العادلة كالقضية الفلسطينية، وهذه تعتبر قضايا مصيرية في العالم الإسلامي فشلت في تبنيها منظمة التعاون الإسلامي للأسف الشديد، ولم تحقق أي نجاح يذكر فيها بسبب حالة الفرقة والتشرذم والاختلاف بين الدول الـ(٥٧) التي تشكل منظمة التعاون الإسلامي، فلم تملك تلك المنظمة الإرادة الحقيقية التي تؤهلها للاضطلاع بقضايا الأمة، بل وجهت لخدمة أغراض سياسية خاصة مؤخرا، ولم تحقق حتى اليوم أي أهداف استراتيجية ولم تتبن أي قضية عادلة من قضايا العالم الإسلامي، فبقيت تراوح مكانها كتحصيل حاصل يعبر عنه واقع هذه المنظمة، وربما يراد لمنظمة التعاون الإسلامي أن تكون هكذا لا حراك حقيقيا فيها، وقد آن الأوان لإيجاد البديل المناسب لهذه المنظمة الفاقدة للوعي للأسف الشديد، ولا شك أنه إذا ما تولدت الإرادة الحقيقية من خلال قمة ماليزيا في تشكيل نواة تكتل إسلامي هو ما يبحث عنه أبناء الأمة الإسلامية بعدما أصابها من الضرر والتراجع عن ركب الأمم، وتعرض أبناؤها لمآسٍ كبرى، لذا ما زلنا نترقب ونمني النفس بظهور أية بوادر تكتل إسلامي حقيقي لمعالجة قضايا الأمة .لقد تم اختيار عنوان مهم لهذه القمة وهو: (دور التنمية في الوصول إلى السيادة الوطنية) فالسيادة الوطنية لعدد من الدول العربية والإسلامية اليوم تضررت كثيرا بسبب الاختباء تحت مظلة الدول الاستعمارية والتبعية لها، بل والمساعدة في تنفيذ أجندتها، وهذه القوى الاستعمارية لا يمكن أن تسعى لخير هذه الأمة طالما كانت تدعم كيان الاحتلال الصهيوني وتعمل على تفوق هذا الكيان الغاصب وفقا لاستراتيجيتها، فكيف لدول تزعم أنها واجهة للعالم الإسلامي وهي تسقط في الاختبارات الحقيقية للأمة، وأغرقت نفسها في مستنقعات الحروب والتبعية والطائفية كيف لها أن تكون بوصلة الخلاص لهذه الأمة؟! وكيف لمنظمة تعاون إسلامي لم تحقق شيئا يذكر في صالح الأمة طوال تاريخها كيف لها أن تقود العالم الإسلامي؟!نعم نرحب بكل مبادرة تسعى لإيجاد حلول لمعالجة قضايا الأمة الإسلامية من إندونيسيا شرقا إلى المغرب غربا، وحسنا فعلت هذه القمة بتبني مواقف تنموية اقتصادية وتكنولوجية وأمنية بعيدا عن القضايا السياسية التي قد تكون محل اختلاف، ولا شك أن الدول الحاضرة في القمة اليوم في كوالالمبور هي من أكبر الدول الإسلامية ذات الكثافة السكانية والقدرات الاقتصادية والقدرات العسكرية إذا ما أضيف لها إندونيسيا التي اعتذرت مؤخرا عن القمة، وبعون الله إن كانت النيات صادقة والإرادة متوافرة ستكون نقطة البداية الحقيقية ومنصة انطلاق لتكتل إسلامي مفتوح نأمل أن يتعزز لاحقا بدول إسلامية أخرى تشترك في نفس الهواجس والهموم لتشكيل تحالف إسلامي مبني على الاقتصاد والأمن أولا، والاستثمار في الموارد البشرية والثروات الطبيعية وتعزيز حياة المواطن في هذه الدول والتصدي للأزمات التي تعصف بكثير من الدول الإسلامية. ومن هذا المنبر أوجه التحية لرئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد المهندس الفعلي لهذه القمة التي بدأت قمتها فعليا في ماليزيا عام ٢٠١٤م من خلال قمة نوعية جمعت عددا من المفكرين والعلماء والباحثين بعنوان الدولة الوطنية، ثم أتبعها بقمة أخرى معنية بالتنمية والديمقراطية، ثم القمة الثالثة في الخرطوم بعنوان الحكم الرشيد، وأخرى رابعة في اسطنبول شارك بها تلفزيونيا وقتما كان يستعد لخوض الانتخابات في ماليزيا. إذن هذه القمة اليوم على مستوى قادة الدول المشاركة بحضور أكثر من (٤٥٠) مشاركا من قادة الفكر والعلم، فهكذا هي القمم الحقيقية تقوم على استقطاب المفكرين والعلماء بهدف إيجاد الحلول لكثير من قضايا العالم الإسلامي، ونأمل أن نرى قمة أخرى في المستقبل القريب بمشاركة واسعة من قبل دول العالم الإسلامي لتبادل الخبرات وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية وفي مختلف المجالات الأخرى بين الدول المشاركة بها .نعم لا نستطيع المبالغة في حدود الآمال والتطلعات، ولكنها تبقى آمالا وطموحات مشروعة طالما وجدت الإرادة والرغبة الحقيقية الصادقة لمعالجة قضايا الأمة والارتقاء بها والتخلص من التبعية والمشكلات التي تعاني منها الأمة اليوم، وإيجاد موقف إسلامي موحد في مواجهة كل القضايا التي تواجه العالم الإسلامي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية ومواجهة كيان الاحتلال الصهيوني المدعوم من قبل بعض القوى العالمية التي ما زالت تسيطر على النظام الدولي وإن بدأ رصيدها في التراجع تدريجيا، ولذلك فإن المستقبل كفيل بظهور تكتلات دولية أخرى منافسة، ويجب أن تكون هذه القمة هي النواة الحقيقية لتشكيل تكتل إسلامي يسعى لتحقيق آمال الأمة وطموحاتها المشروعة، والآمال بلا شك معلقة عليه، ونسأل الله النجاح والتوفيق .